تواصلت توابع اضرام الشاب الاسرائيلي موشي سلمان النار في نفسه، إذ اجتاحت مدن اسرائيلية مظاهرات حاشدة، طالب فيها الشباب ونشطاء المنظمات الاجتماعية بإسقاط حكومة نتانياهو، إذا لم تضع حلولاً جذرية لازمة السكن، وأغلق المتظاهرون العديد من الشوارع الرئيسية في تل ابيب وحيفا والقدس وبئر السبع. و وفقا لموقع ايلاف , احتدمت حدة المواجهة بين عناصر الامن الاسرائيلية وموجات الاحتجاجات الاجتماعية التي اجتاحت عدداً كبيراً من المدن الاسرائيلية منذ امس الاول السبت، وقالت تقارير نشرتها صحيفة هاآرتس العبرية، ان موقف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو من الشاب الاسرائيلي، الذي حاول الانتحار بإضرام النار في نفسه، احتجاجاً على ظروفه الاجتماعية كان مخيب للآمال، ولذلك اغلق ما يربو على 500 متظاهر اسرائيلي مساء امس الاحد ممرات وشوراع رئيسية في ضاحية "ايالون" ومنطقة "محلف هشالوم" بتل ابيب، وفي اعقاب تظاهرة للتضامن مع الشاب الاسرائيلي "موشي سلمان" الذي اضرم النار في نفسه، نظم النشطاء مظاهرات حاشدة في مدينة حيفا وبئر السبع والقدس، وخلال المظاهرات اشتبك المتظاهرون مع عناصر الامن الاسرائيلية بشارع غزة حيث مقر اقامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، وتم اعتقال 6 من المحتجين، كما عززت الشرطة من تواجدها في محيط المقر.
هتافات مناوئة لنتانياهو عبر مكبرات الصوت
المظاهرات التي شهدتها مدينة تل ابيب، بدأت في محيط المباني الحكومية الاسرائيلية، وبعد مرور ساعة توجه المحتجون الى مقرات مكاتب التأمين القومي في شارع "يتسحاق سادي" في المدينة، وأغلقوا طريق "مناحم بيغن" ثم طريق "هامسغر"، وقام عدد من المتظاهرين برشق ابواب مكاتب التأمين القومي بالبيض، ثم توجه المحتجون الى مقر الوزارات الحكومية في تل ابيب، وسرعان ما تجمعوا في مخيمات المعتصمين المنصوبة في شارع "ارلزروف" المتاخم لمحطة قطار الشمال.
ورفع المحتجون لافتات تحمل صورة من الخطاب الذي تركه الشاب الاسرائيلي موشي سلمان قبل اضرام النار في نفسه، بالإضافة الى لافتات اخرى كتبوا عليها: لقد حرقتنا نحن ايضا يا نتانياهو"، و "لن ننسى ولن نصفح"، كما تلى بعض المتظاهرين عبر مكبرات الصوت نص رسالة الشاب الاسرائيلي موشي سلمان.
ونقلت صحيفة هاآرتس عن "ليتل بار" احدى الناشطات الاسرائيليات المشاركات في الاحتجاجات قولها: "حاولت مساعدة موشي سلمان خلال الاشهر القليلة الماضية، فكان كثيراً ما يتحدث عن ان دولة اسرائيل اهانته ووطأته بأقدامها بصورة بشعة، وانني اطلب من سلمان العفو لانني لم اتمكن من مساعدته".
اما المحتجين في مدينة القدس، فأغلقوا ميدان باريس بالمدينة، واعتقلت الشرطة ستة منهم، وجرت مظاهرات القدس تحت عنوان "كلنا موشي سلمان – دمه في رقبة الحكومة"، وترجلت المسيرة من حديقة الاستقلال، التي شهدت بالامس اعتصاماً موسعاً الى مقر اقامة رئيس الوزراء، وفي مسيرتهم اغلق المتظاهرون جزءاً من الطريق المؤدي الى منزل نتانياهو، كما رددوا الهتافات الرامية الى اسقاط الحكومة، وكتبوا على للافتات التي لوحوا بها "دونما وجود لحلول لأزمة الاسكان، سيأكل الفقراء الاغنياء" و اليأس يحرق – من سيأتي عليه الدور؟"، ثم انتقل بعض المتظاهرين في مسيرات الى مكاتب التأمين القومي بوسط المدينة، وأفرجت الشرطة الاسرائيلية عن ثلاثة من المتظاهرين بعد ان اصدرت قراراً، يقضي بإبعادهم عن منطقة منزل رئيس الوزراء لمدة 15 يوماً.
وفي مدينة حيفا تظاهر العشرات من المحتجين في شارع "هاوديتوريم"، الذي اقيم فيه بالأمس خيمة الاعتصام الرئيسية بالمدينة الصيف الماضي، وردد المتظاهرون شعارات قالوا فيها "هذه ليست تراجيديا وإنما هى سياسة"، كما حملوا لافتات كتبوا عليها على سبيل المثال "إسكان حقوق، الكل ليس متاحاً" و "ليست تراجيديا شخصية، وإنما هى صمت سلطوي"، وخلال المظاهرة التي اقيمت بعد الحصول على تصريح من الشرطة، شرع المحتجون في الاعتصام بالمكان، وفي المقابل تظاهر العشرات ايضا في الحى "د" في بئر السبع، ويعتزم هؤلاء اقامة خيمة اعتصام جديدة.
أزمة كبيرة وليست حالة منفردة
الى ذلك اعرب نشطاء المسيرات الاحتجاجية ومنظمات اجتماعية عن خيبة املهم من رد فعل رئيس الوزراء الاسرائيلي على محاولة انتحار الشاب الاسرائيلي موشي سلمان، وقال النشطاء: "انه ينبغي على نتانياهو ان يتفهم ان هذه الواقعة ليست تصرفاً شخصياً كما قال ذلك صباح امس الاحد خلال جلسة الحكومة، ولكن الحديث يدور حول ازمة كبيرة".
في الوقت نفسه نقلت صحيفة هاآرتس عن الحاخام "اريك اشرمان" امين عام منظمة "حاخامات من اجل حقوق الانسان قوله، ان منظمته حاولت مساعدة الشاب الاسرائيلي الذي اضرم النار في نفسه، وأنها لعبت دور الوساطة مع الجهات المعنية لحل ظروفه الاجتماعية العصيبة، إلا ان السلطات لم تكترث بالوساطة او الجهود المبذولة في هذا الصدد، ولبالغ الاسف مشكلة سلمان لا تجسد ازمة شخص بعينه، وانما يعيش نفس الازمة الالاف من الشباب الاسرائيلي، وأضاف الحاخام اشرمان: "يجب ان نعد قائمة تبدأ على الاقل ب 40 الف شاب اسرائيلي يحتاجون الى الاقامة في مساكن حكومية مدعومة، ثم نضيف اليها شباب آخرين لا تعتبرهم الجهات المعنية يفتقرون للسكن الحكومي، فهؤلاء جميعاً ليس لديهم ما يشترون به سكنا، ويضطرون الى الاقامة في الشوارع".
اما "عيدن فينك" وهى ناشطة في منظمة معنية بالدفاع عن حقوق من يحتاجون للسكن المدعوم في القدس، فتؤكد ان ما جرى للشاب الاسرائيلي موشي سلمان ليس حالة منفردة، واضافت: "نحن نسمع كل يوم المئات من القصص الدرامية حول الشباب الذي يفتقر الى السكن الحكومي، وأنا مندهشة من ان ما يجري من احتجاجات او اعتصامات لم يحدث سوى اليوم، فكل من يعيش ازمة سكنية سيواجه نفس مصير الشاب الذي اضرم النار في نفسه، وينبغي على الحكومة ان تتوقف عن وضع رأسها في التراب كالنعام، وان تضع الحلول الجذرية للتعامل مع ازمة السكن التي تتفاقم اليوم تلو الاخر".