السيد الرئيس، أهنئك بالفوز فى انتخابات نزيهة وأهنئ مصر التى اجتازت اختبارا ديمقراطيا بالغ الأهمية فى ظروف صعبة. وأود وفى حدود الوقت المتاح لى أن أتحدث معك عن مؤسسة الرئاسة ودورها والمنتظر منها. أولا، لن يعنى تسلمك لسلطاتك وصلاحياتك كرئيس الجمهورية المنتخب أن مصر ستشهد تسليما فعليا للسلطة من قبل المجلس العسكرى أو أن مسار التحول الديمقراطى قد حقق غاياته. فقد ركز الإعلان الدستورى المكمل السلطات فى يد العسكرى وانتقص من صلاحياتك وأرجأ تسليم السلطة إلى المدنيين المنتخبين وأدخلنا فى مرحلة انتقالية جديدة ليس لها أفق زمنى واضح وللعسكرى بها سلطة التشريع والشراكة فى القرارات السيادية وحق الاعتراض على الدستور. على مؤسسة الرئاسة، وعليك وأنت تتصدرها، الضغط السياسى والتفاوض من أجل إسقاط الإعلان المكمل والمساعدة فى إدارة المرحلة الانتقالية «2» لضمان التحول الديمقراطى. هنا ستفقد، السيد الرئيس، الكثير من الدعم والتأييد إن أنت اكتفيت بضغط حزب الحرية والعدالة وحلفائه وتخليت عن الانفتاح على بقية أطراف الجماعة الوطنية الملتزمة بالديمقراطية. فنحن فى أحزابنا وبشخوصنا رفضنا الإعلان المكمل منذ اللحظة الأولى ورفضنا خطر العسكرة المرتبط بمنح الضبطية القضائية للعسكريين، ولم نغب عن التحرير إلا تحفظا على التوظيف الانتخابى لهذه المطالب. ونحن فى أحزابنا وبشخوصنا رفضنا دعم مرشح النظام القديم وحذرنا من إعادة إنتاج الاستبداد والفساد، ولم نصوت لك رفضا لهيمنة فصيل واحد على السياسة فأبطلنا أصواتنا. إلا أن الجميع اليوم فى قارب واحد ومصلحة وطنية واحدة ومصر تسعى لضمان التحول الديمقراطى، ومن ثم لك أن تعوّل على دعم الجماعة الوطنية إن أنت انفتحت عليها.
ثانيا، عانت مؤسسة الرئاسة طوال العقود الماضية من سطوة الممارسات السلطوية لرؤساء أبدا لم يأتوا عبر صندوق انتخابات نزيهة ولم ينظروا لذواتهم كحكام منتخبين من شعوبهم. ضربت السلطوية بقبحها فى جوانب هذا القصر الرئاسى وحدت كثيرا من مصداقية الرئاسة بين الناس. السيد الرئيس، أنت أول رئيس منتخب فى انتخابات نزيهة وفى مسار تحول ديمقراطى متعثر ونريد إنجاحه. عليك إذا مسئولية كبرى فى إخراج الرئاسة من الاستمرارية السلطوية والتأسيس لممارسة ديمقراطية تقبل المساءلة والمحاسبة وتتعامل مع الشأن العام والسياسى بشفافية وتلتزم بدولة القانون وتدافع عنها وتحمى استقلالية مؤسسات الدولة. نريد رئاسة تشجع وتحفز على الديمقراطية وتتواصل مباشرة مع المواطن. نريد منك مؤسسة رئاسة لا تتلون بلون حزبى أو أيديولوجى، بل مؤسسة مهنية يغلب بها عنصر الكفاءة أو يوائم بها بينه وبين الولاء الحزبى. نريد رئيسا يعمل على ضمان استقلالية مؤسسات الدولة ويقاوم إخضاعها لسيطرة حزب أو جماعة حتى وإن كان حزبه أو جماعته. نريد منك أن تكون مدافعا صلبا عن الدستور عندما يكتب وعن دولة القانون، وهنا لن يستقيم الوضع إلا بقيام جماعة الإخوان المسلمين وأنت من المنتمين لها بتقنين أوضاعها كجماعة دعوية واجتماعية مشهرة واضطلاع حزب الحرية والعدالة بالعمل السياسى والانتخابى دون تدخل من الجماعة وقيامك أنت بالاستقالة من كليهما. فليس لجماعتك وأنت رئيس الجمهورية أن تخالف القانون، وليس لصناعة القرار فى حزبك أن تأتى من خارجه.
ثالثا، على الرئيس ومؤسسة الرئاسة أعباء ثقيلة فى مجال السياسة الخارجية ببعديها الإقليمى والدولى. مصر غابت عن الفعل الخارجى النشط طوال العام ونصف الماضيين ولم يبرز دورها لا فى حوض النيل ولا عربيا ولا شرق أوسطيا ولا عالميا. عليك دور كبير فى تنشيط ملف السياسة الخارجية وحماية المصالح المصرية وأمنها القومى وإعادة مصر إلى قضايانا العربية والعالمية. فلا يصح أن تصمت مصر عن الجرائم ضد الإنسانية فى سوريا ولا يصح الابتعاد عن ليبيا وتونس وعن حوض النيل. ننتظر منك التنشيط وحماية مصالح مصر وكذلك إعادة تحديد مرتكزات السياسة المصرية لتعكس قيم ثورة 25 يناير 2011 ممثلة فى الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
أشكرك يا دكتور محمد وأتمنى لك التوفيق.
ملاحظة: كان هذا هو ما قدمته من ملاحظات للرئيس المنتخب محمد مرسى فى لقائه مع رؤساء الأحزاب السياسية وبه أحسن الرئيس استقبالنا جميعا.