فى البدء كانت الكلمة هى رأس الحكمة وموطن المعرفة تصعد بك الى الفردوس الاعلى وتهبط بمضيرك الى الدرك الاسفل من النار تحميك وتقهرك تسعدك وتعذبك تمنحك ثقة بلا حدود وتجردك من كل ميزة قد تعتقد انها فى سجل اعمالك الخالدة ولذلك فالبداية منها والنهاية ايضا تعين اصحابها على تخطى الصعاب وعندما تعجزهم تجدهم يتخبطون فى ظلمات بلا قرار هى وردة برئية يحملها طفل لم يعرف شرور العالم بعد وخنجر مسموم يرفعه شيطان يضعه فى ظهورنا حتى نعترف بعبقريته وندين له بالطاعة لكنها هى ذاتها الكلمة تحمينا منه وتعصمنا من الزلل . ولانها سر الله جعلها للامر بالمعروف والنهى عن المنكر وقبل ان تصادر الحق لنفسك فيهما وتعتقد انك مؤهل لتامر بالمعروف وتنهى عن المنكر اعرف اولا من له الحق فى توجيه هذا الامر لقد قال الله تعالى وامر اهللك بالصلاة واصطبر عليها وتماما كما فى الحياة لا يستطيع ضابط شرطة ان يامر الا تلاميذه لا يستطيع ان يامر تلاميذ مدرسة اخر لا يستطيع شخص الا ان يامر فى بيته لا يستطيع ان يامر فى شارعه ولا يكون الامر الا على من لك كلمه عليه ولا يتعدى الامر هذه الحدود . وعندما يكون لك الحق فى الار فانه لابد ان يكون بالمعروف يقول سبحانه وتعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى احسن . لقد حدد الغاية " الدعوة " ورسوم طريق الوسيلة اليها " الحكمة والموعظة الحسنة " فالامر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يكون بالعنف ولم يثبت ان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن المنكر او امر بمعروف باستخدام القوة اما اقامة الحدود بشروطها الشرعية الصارمة فهى عقوبة على فعل وليست نهيا عن فعل هذه العقوبة تكون لزجر الاخرين والزجر ليس تعنيفا الزجر هو النهى عن المنكر للتعريف بحدود الله بالحكمة والموعظة الحسنة . لقد وضع القران فى سياقة يقول سبحانه وتعالى " كنتم خير امه اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " ويقول صلى الله عليه وسلم " من راى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطيع فبلسانه ، فان لم يستطيع فبقلبه وذلك اضعف الايمان " ان هذا الحديث الشريف وجد من يستخدمه استخداما خاطئا ربما بحسن نيه ربما بعدم تعمق فى كلماته ولكن النتيجة اننا دفعنا ثمنا غاليا من القتل والذبح وترويع الامنين وهو ما فعلته الجماعات المتشددة التى كلفنا ما فعلت مليارات من الجنيهات وتعطيلا لبرامج التنمية وتشويها لسمعة وطن ان يعرفه العالم كله بالامن والطمانينة . ان صيغة الامر فى الحديث الشريف موجهة الى منكم ان منكمهنا تعنى التخصص من راى منكم سيارة مسرعة فليوقفها ، امر لضباط المرور من راى منكم مريضا فليعالجه امر للاطباء هكذا شرط تنفيذ الامر ان يكون الشخص قادرا على تغيير المكنر بوسائله اليد واللسان والقلب ان لم يستطيع بيده فبلسانه وان لم يستطيع فبقلبه هو لا قلب غيره .. اذن هو يمتلك مقومات التغيير كلها ويندر من الناحية الفعلية ان نجد مثل هذا الشخص . ولو عدنا الى الحديث الشريف سنجد " من راى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطيع فبلسانه فان لم يستطيع فبقلبه وذلك اضعف الايمان " ان ذلك اسم اشارة يعود على البعيد لا القريب يعود على اليد وليس القلب لو كان اسم الاشارة وهذا اضعف الايمان لكان القلب هو الاضعف ان القلب لو كان متصلا بالله سبحانه وتعالى وصاحب عوة مستجابة فانه لابد ان يكون قويا ونافذا ومتجاوزا قوة اليد قالممورون فى هذا الحديث الشريف هم القادرون على مقوماته اليد واللسان والقلب معا فلم تؤمر فئة بجزء التغيير باليد ولم تؤمر فئة بجزء ىخر التغيير باللسان ولم تؤمر فئة ثالثة بما تبقى التغيير بالقلب المامورون مامورون بالثلاثة وفى حدود الاستطاعة والقدرة ودون هدر الامكانات وتبديد الطاقات . ان الحكيم من يضع الشى فى نصابه واهل الحكمة اذا اعطوها الى غير اهلها ظلموها واذا حجبوها عن اهلها ظلموهم ومن ثم لا يجوز الاستسهال فى تفسير هذا الحديث الشريف والا هلك الناس وهلك الخير وهو ما حدث فى سنوات العنف الذى تصور البعض ان هذا الحديث سند شرعى له فيما يفعل وما يرتكب .