الكلمة الطيبة هى التى تدخل دم الناس وتبدا فى التوالد والتكاثر .. لتصبح البذرة شجرة .. والشجرة بستانا .. لتصبح القطرة نهرا ... والنهر بحرا .. ليصبح الضوء نجمة .. والنجمة سربا من النجوم السابحة .. لتصبح حبة القمح سنبلة .. والسنبلة غيطا منالقمح .. لتصبح الشرارة نورا والنور غابة من اعمدة الكهرباء . لكن .. الطريق الى جهنم مفروش احيانا بالنوايا الطبية .. والخير قد يولد من الشر . والشر قد يكون قابعا وراء صورة جميلة براقة .. او كلمة متداولة شائعة لا نملك الوقت او القدرة للغوص فى اعماق .. اعماق معانيها . فتحسس حروف كلماتك قبل ان تنطقها ... وامسك افعالك قبل ان تمسك بك . ان اكثر الاوامر شيوعا فى حياتنا اليومية .. الامر لامعروف .. لكننا نعرف من له الحق فى توجيه هذا الامر .. فراح كل منا يفرط فى هذا الامر دون ان يعرف حدوده .. فدفعنا ثمنا غاليا .. ساءت علاقات .. وفسدت معاملات .. وسدت طرق مفتوحة ... ان مقومات الامر انك لا تامر الا من امرك الله عليه .. تماما كما فى الحياة . لا يستطيع ضابط الشرطة ان يامر جنود ضابط جيش .. لا يستطيع ناظر المدرسة ان يامر الا تلاميذه .. لا يستطيع ان يامر تلاميذ مدرسة ناظر آخر .. لا يستطيع شخص الا ان يامر فى بيته لا يستطيع ان يامر فى شارعه .. لا يكون الامر الا على من لك كلمة عليه .. ولا يتعدى الامر هذه الحدود . والامر لو كان لك الحق فيه يكون بالمعروف يقول سبحانه تعالى " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى احسن " والمعروف هو حضرة النبى صلى الله وعليه وسلم " يعرفونه كما يعرفون ابناءهم " والمنكر .. هو ابليس .. وهو منكر فى جميع الشرائع .. والنهى عن المنكر لا يكون بالعنف فلم يثبت ان الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عنمنكر باستخدام قوة ... اما اقامة الحدود بشروطها الشرعية الصارمة فهى عقوبة على فعل وليست نهيا عن فعل .. هذه العقوبة تكون لزجر الاخرين .. والزجر ليس نعنيفا .. الزجر هو النهى عن منكر للتعريف بحدود الله . قال صلى الله عليه وسلم " اياكم والجلوس على الطرقات .. قالوا يا رسول الله مالنا من ذلك بد ... قال ان كان ولا بد فاعطوا الطريق حقه .. قالوا وما حق الطريق يا سول الله .. قال غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهى عن المنكر " وغض البصر معناه ان المراة لا تمشى فى الطريق وكانها فى برميل والا ما كنا فى حاجه الى غض البصر .. والسلام ليس مجرد كلمة تقال وانما احساس بالطمانينة والسكينة يشعر به الناس والامر بالمعروف يعنى النصح بالابتعاد عن المنكر والابتعاد عن المنكر يختلف عن تغيير المنكر النهى عن المنكر يشبه الطب الوقائى الذى ينصحنا بالنظافة وتطهريا من الميكروبات والفيروسات المسببة للامراض اما فى حالة وقوع المنكر فلا ينفع النهى عنه كما هو الحال بعد الاصابة بالمرض لا يصلح الطب الوقائى وياتى دور الطب العلاجى او الجراحى وهنا يكون علماء الدين نوع نوعين يقف دوره عند النهى والنصح والزجر والتوضيح والتفهيم مثل خطباء المساجد والدعاة يقف دورهم عند الاصابة . ولا يقدرون على تجاوز هذا الدور فى كثير من الاحيان .. ونوع يقدر على العلاج والشفاء وتطهير القلب وهؤلاء هم الذين فتح الله عليهم بمداد من عنده وهؤلاء ورثة الانبياء . قال سبحانة وتعالى " كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ويقول صلى الله عليه وسلم " من راى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطيع فبلسانه فان لم يستطيع فبقلبه وذلك اضعف الايمان " ان هذا الحديث الشريف قد وجد من يستخدمة استخداما خاطئا ربما بحسن نية .. ربما بعدم تعمق فى كلماته ولكن النتيجة اننا دفعنا ثما غاليا من القتل والذبح وترويع الامنين وهو ما فعلته الجماعات المتشددة التى كلفنا ما فعلت مليارات من الجنيهات وتعطيلا لبرامج التنمية وتشويها لسمعة وطن اشتهر عته الامن والطمانينة . ان صيغة الامر فى الحديث الشريف موجهة الى " منكم " وشروط تنفيذ الامر ان يكون الشخص قادرا على تغيير المنكر بوسائله الثلاثة اليد واللسان والقلب ان لم يستطع بيده فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه اذن هو ينتلك مقومات التغيير كلها ويندر من الناحية الفعلية ان نجد مثل هذا الشخص ومن ثم فان كلمة " منكم " محصورة فيمن يملك تلك المقومات وليس كل من هب ودب . وقد درج الناس على فهم ترتيب القوة .. قوة تغيير المنكر كالتالى اليد ثم اللسان ثم القلب وكان اليد اقوى من اللسان واللسان اقوى من القلب وهو غير منطقى لا يمكن ان يكون القلب هو اضعف الايمان كما يفهم معظم الناس ظاهر الحديث الشريف فالايمان هو ما وقر فى القلب وصدقه فى العمل اما باليد واما باللسان اذن القلب هو الاقوى ثم انه منطقيا ان تكون وسائل تغيير المكنر متدرجة منالاضعف الى الاقوى ليس العكس لو فشل الاضعف فى التغيير ياتى الاقوى .. ولو فشل الاقوى ياتى الاشد قوة .. كان تقول اننى لا استطيع ان احمل هذا الثقل فان لم يستطيع من هو اقوى منى ياتى من هو اقوى منا نحن الاثنين لكن ما الذى جعل الناس تستسهل الترتيب الخاطى ؟ .. لو عدنا الى الحديث الشريف سنجد " من راى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطيع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان " ان ذلك اسم اشارة يعود على البعيد لا القريب يعود على اليد وليس القلب لو كان اسم الاشارة وهذا اضعف الايمان لكان القلب هو الاضعف . ان القلب لو كان متصلا بالله سبحانه وتعالى وصاحب دعوة مستجابة فانه لابد ان يكون قويا ونافذا ومتجاوزا قوة اليد ... ان ينا ابراهيم عليه السلام عندما كسر الاصنام بيده لم يمنع عبدتها من ان يعبدوها بل انهم اعادوهم مرة اخرى اشد صلابة واكثر زينة اما رسول الله عليه الصلاة والسلام فانة عندما دخل الكعبة بعد فتح مكة فلم يكسر الاصنام بل نزع احترامها من قلوب الناس فغيره هذا المنكر بقلبة غير قلوب الناس نحوها فلم يعد الذين كانوا يعبدونها يحترمونها فماتت واقفة فى مكانها ان اضعف الايمان عائد على اليد وليس القلب ومن ثم فليس فى الحديث الشريف احالة ولا استحالة لان من امورا بالتغيير لم يكلفوا فوق طاقتهم كما يشير القران " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " فالمورون فى هذا الحديث الشريف هم القادرون على مقوماته .. اليد واللسان والقلب معا فلم تؤمر فئة بجزء التغيير باليد ولم تؤمر فئة بجزء آخر التغيير باللسان .. ولم تؤمر فئة ثالثة بما تبقى التغيير بالقلب المامورون مامورون بالثلاثة وفى حدود الاستطاعة والقدرة ودون هدر الامكانيات وتبديد الطاقات . هذا الحديث الشريف والا هلك الناس وهلك الخير .. وهو ما حدث فى سنوات العنف الذى تصور البعض ان هذا الحديث سند شرعى له فيما يفعل وما يرتكب .. فليس للعنف مجال فى هذا الحديث .. لان الذى يتسخدم العنف مع قوم لا كلمة له عليهم بسبب الفتنة ويحدث الشغب ويوقع الضرر ثم انه لم يستخدم المعروف ولم يستوعب اخلاق النبى صلى اللع علية وسلم فى قوله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الامر .. هذه هى اخلاق النبى صلى الله عليه وسلم .. احسن من امر بالمعروف ونهى عن المنكر وقام بتغييره . لكن كيف يمكن تغيير المنكر بالقلب .. اقوى الايمان ؟