على موقع مجلة الفورين بوليسي، كتب مارك لينش - الباحث في الثورات العربية والأكاديمي في جامعة جورج واشنطن – عنتأثيرات قرارات المحكمة الدستورية العليا الأخيرة التي وصفها بأنها ستقود البلاد إلي مسار جديد شديد الخطورة. وكانت المحكمة قضت بعدم دستورية قانون "العزل" مما يعني صحة واستمرار ترشح أحمد شفيق للرئاسة، وكذلك حل مجلس الشعب المنتخب في يناير الماضي لعدم دستورية القانون الذي تم بموجبه انتخابه.
ويضيف أن تجربة المرحلة الانتقالية التي قادها المجلس العسكري وصلت لنهاية محبطة، حيث لا يوجد برلمان ولا دستور جديد، فقط رئيس جديد يجلب انقساما عميقا.
ويقول الكاتب إن السياسة المصرية يجتاحها الهلع والمبالغة ويزيدهما اشتعالا شعور بالإحباط في ظل مناورات سياسية بلا نهاية، وفي ظل معلومات ناقصة ومتضاربة تقدمها وسائل الإعلام وشعور قوي بغياب الوضوح السياسي.
ويرى الكاتب أن قبضة المجلس العسكري الصارمة على السلطة - قبل أيام من الموعد المقرر لتسليم السلطة للمدنيين- تعكس خوفا أكثر مما تعكس تنفيذ جدول معد بإتقان؛ مزيج من الخوف من صعود الإسلاميين ومحاولة الحفاظ على الوجود، وثقة متزايدة في قدرته على السيطرة على الاحتجاجات.
ويرى الكاتب أن سيناريو هيمنة جماعة الإخوان على الرئاسة والبرلمان ربما شكل هاجسا مخيفا للمجلس – رغم أقاويل عن صفقات بين الجماعة والمجلس – وأن رغبة المجلس في حماية مصالحه الاقتصادية وتوفير الحماية السياسية لا تكفي وحدها لتفسير سياسة اليد الثقيلة عند ذروة عملية الانتقال.
ويرجح الكاتب أن الجديد في الأمر – الذي شجع المجلس على التعامل الخشن في نهاية المرحلة الانتقالية – هو اعتقاده بأنه تمكن من تحييد الحركات الثورية والمحتجين بشكل ناجز.
ويقول إن تجدد الاحتجاجات الجماهيرية الضخمة الدائمة لم يعد ممكنا بعد مزيج من القمع والدعاية المتواصلة لتشويه المحتجين الثوار الذين ارتكبوا بدورهم أخطاء استراتيجية، ولم تعد ألوف معزولة من المحتجين في التحرير تشكل تهديدا في ظل مراهنة المجلس على أن الجماهير الغفيرة لن تنضم إليهم.
ويضيف أن الانقسام بين جماعة الإخوان والقوى غير الإسلامية عميق، وربما لا يسمح بإمكانية التعاون والمواجهة المشتركة، في ظل اعتقاد الأخيرة بأن الجماعة ستنحو مجددا نحو عقد صفقة جديدة.
وينصح الكاتب كل من يعتقد أن كل ذلك هو المحصلة النهائية لخطة محكمة وناجزة للمجلس العسكري أن يعيد النظر في الأمر وفي "الفوز" الذي حققه المجلس الذي كان يمكنه الحفاظ على مصالحه من أي تهديدات إلى جانب خلق مؤسسات سياسية شرعية منتخبة تمنح الثقة والأمن للبلاد ولكنه لم يفعل.
ويضيف "مارك لينش" أن المجلس بدلا مما سبق يحاول وضع شفيق على عرش خاو مهتز ليحكم بلدا يشهد انهيارا اقتصاديا، دون أفق ولو محدود لاستعادة ثقة المستثمرين في وقت عاجل.
ويضيف أن غياب البرلمان يحجب أي احتمال لوجود مصدر شرعية ديمقراطية، وأن العملية التي بموجبها سيتم منح شفيق السلطة لن تضمن توافر حماية للمجلس لأن شفيق بشكل مباشر صنيعة المجلس نفسه، ويتساءل هل يمكن اعتبار هذا "انتصارا".
ويقول "مارك لينش" إن المجلس يبدو محرزا فوزا حاسما في هذه الجولة، لكن المباراة لم تنته بعد.
ويضيف أنها بداية مرحلة جديدة من الفترة الانتقالية التي تدار بشكل بالغ السوء، ويتساءل عما سيحدث لاحقا، وهل سيكون نسخة من أحداث الجزائر 1991، أم عودة لمصر 25 يناير 2011، أم لأبعد من ذلك؛ مصر 1954، ويواصل تساؤلاته ساخرا عن غزو لكائنات فضائية باستخدام أسلحة النانو وثقوب عابرة للمجرات في الأهرام؟.
ويجيب أنه لا أحد يعرف، ولكن عودة حكم مستقر للحزب الوطني – المجلس العسكري غير واردة، ويضيف ساخرا "لأننا في مصر، ربما تقرر المحكمة غدا حل هيئتها لنعود جميعا للحياة الطبيعية".