ما بين سخرية لاذعة وتهكم وتخوف من صعود الإسلام السياسى بعد اندلاع ثورات الربيع العربى، تباينت تعليقات الصحف الأمريكية على الجلسة الافتتاحية لأول برلمان مصرى منتخب منذ 6 عقود. صحيفة «واشنطن بوست» قالت إن التغطية التليفزيونية الحية للجلسة الافتتاحية التى استمرت 12 ساعة أظهرت هيمنة الإسلاميين والذكور على البرلمان، فى مشهد ظهرت فيه اللحى بأطوال مختلفة، وتمثيلا نسائيا ضعيفا، ونشرت الصحيفة مع تقريرها صورة تظهر عددا من النواب الملتحين وهم «نيام» خلال انعقاد الجلسة، كما علقت على مشاهد قراءة القسم للنواب الجدد، مبرزة إصرار البعض على أن يضيف «خلسة» عبارات تشدد على عدم مخالفة الشريعة الإسلامية، أو الولاء لأهداف ومطالب الثورة، بينما انتقد آخرون الحكام العسكريين، مرتدين الأوشحة الصفراء التى تدعو إلى إنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين. وأشارت إلى أنه فى الوقت الذى سيجرى فيه الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة المصرية، ما زالت مصر تعانى تعثر الاقتصاد، ويتهم الثوارُ الحكام العسكريين بإفساد المرحلة الانتقالية بالوقوف فى طريق الإصلاح، وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان تنافس ما حدث فى عهد مبارك. أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فسخرت من البداية الفوضوية للجلسة، وقالت إن جماعة الإخوان المسلمين تلقت درسا فى مدى صعوبة «إدارة الديمقراطية» عندما نشب خلاف تطور إلى «مباراة صراخ» حول اختيار متحدث للمجلس. وتابعت أن الأمر استغرق حتى حلول الليل فى محاولة تغلب الجماعة على هذا التحدى، وحسم فوز اختيارها لسعد الكتاتنى بنحو 400 صوت مقابل 100، وأن الهرج والمرج الذى حدث داخل المجلس عكّر صفو يوم بدأ كمناسبة مفرحة لبعض النواب الإسلاميين، ورأت فى هذا الانتصار علامة أخرى على تحول الجماعة من جماعة معارضة محظورة إلى مؤسسة سياسية. «نيويورك تايمز» علقت على إعادة طلاء الشوارع والأسوار المحيطة بالبرلمان، وأشارت إلى أنه «إخفاء» للدليل على الاشتباكات المميتة التى وقعت منذ شهر مضى بين قوات الأمن والمحتجين على الحكم العسكرى. وبدورها رأت مجلة «فورين بوليسى» -فى تحليل كتبه مارك لينش، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطنالأمريكية- أن البرلمان على مشارف اختبار أول صعب يوم 25 يناير، حيث يتوقع لينش أن يشهد اليوم مشاركة كبيرة من كل القوى السياسية، لكنه يقول إن السؤال هو ما الذى سيحدث بعد ذلك، وهل سيسعى نشطاء الثورة لتنظيم اعتصام آخر وإعادة أنفسهم إلى الحلبة السياسية من جديد؟ وإذا فعلوا هذا، فهل تعلّم المجلس العسكرى أى شىء من الشهور القليلة الماضية؟ وهل أدرك أن اللجوء للغاز المسيل للدموع والاعتداءات العنيفة على المحتجين سوف تقلب الخطط التى وضعها لعملية انتقال سياسى منظمة؟ ويُعقّب بأنه لا يتوقع أن تمر الشهور القادمة التى من المفترض أن تتم خلالها كتابة دستور جديد وتنظيم انتخابات رئاسية، بسلاسة. وشكك لينش فى أن الإخوان قد يقعون فى غواية السلطة أيضا، وثمة شكوك بأنهم يعانون من انقسامات داخلية. وبالنسبة إلى الليبراليين، فيتوقع أن يكون لهم صوت أكبر بكثير من عددهم المحدود، عندما يتعلق الأمر بتشكيل النقاشات القادمة، وبخاصة فى هذا الوقت الذى يسعى فيه الإسلاميون لتقديم أنفسهم على أنهم يشكلون تحالفات واسعة.