عودة الراعي، البابا تواضروس يحمل إلى القاهرة رسائل سلام من قلب أوروبا    باسل رحمي: إصدار 1492 رخصة مؤقتة لمشروعات جديدة    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الجمعة    باكستان: مقتل 5 مدنيين وإصابة 29 بقصف عبر الحدود مع الهند    جنوب أفريقيا يواجه زامبيا في مباراة مصيرية بكأس الأمم الأفريقية للشباب تحت 20 عاما    الرمادي يجري تغييرات.. تشكيل الزمالك لمواجهة سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    النيابة تستكمل معاينة حريق المبنى الإداري بوسط القاهرة    حسين الجسمي يحقق 12 مليون في أسبوع ب فستانك الأبيض    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    لقاء خارج عن المألوف بين ترامب ووزير إسرائيلي يتجاوز نتنياهو    إصابة 5 أشخاص بحالات اختناق بينهم 3 اطفال في حريق منزل بالقليوبية    بيل جيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار    مروان موسى عن ألبومه: مستوحى من حزني بعد فقدان والدتي والحرب في غزة    الهيئة العامة للرعاية الصحية تُقرر فتح باب التقدم للقيد بسجل الموردين والمقاولين والاستشاريين    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    وزيرة البيئة: تكلفة تأخير العمل على مواجهة التغير المناخى أعلى بكثير من تكلفة التكيف معه    ستحدث أزمة لتعدد النجوم.. دويدار يفاجئ لاعبي الأهلي بهذا التصريح    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    الخارجية الأمريكية: لا علاقة لصفقة المعادن بمفاوضات التسوية الأوكرانية    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    الضباب يحاوط الأسواق.. تأثير النزاع بين الهند وباكستان على الاقتصاد العالمي    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    تسلا تضيف موديل «Y» بنظام دفع خلفي بسعر يبدأ من 46.630 دولارًا    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    كيفية استخراج كعب العمل أونلاين والأوراق المطلوبة    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    طلب مدرب ساوثهامبتون قبل نهاية الموسم الإنجليزي    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القوات المسلحة والشارع المصري .. لمحات من دماء وطن كتبت تاريخه
نشر في الفجر يوم 19 - 01 - 2012

لا يزال البحث في التاريخ المصري يمثل مشّقة كبيره على الباحثين فيه حيث يصعب على الباحث الوقوف على حقيقة مواقف وأحداث جرت في تاريخ الأمة المصرية .

فهناك أحداث جسام جرت واندثرت وتم دفنها خدمه لأهداف ومصالح شخصيه أو سياسية وعلى الرغم من اتساع الفضاء المعلوماتى والانترنت إلا أن مازال البحث عسيرا ويزداد عسرا كلما اصدم الباحث بموقف قد يدين احد القادة أو الزعماء المصريين وكأنما كلا منهم يريد فقط أن يذكر في التاريخ ما يريد هو ذكره ولا سواه وكأن الحقيقة تكون دائما ملك لمن عاشها لا ملك للوطن بأكمله وبكل أجياله المتعاقبة .

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينكر احد أن للجيش المصري أيام ناصعة من التاريخ المعاصر حيث انه كان حصن الشريعة الدستورية ودرع حمايتها بل وصل الأمر لان يكون الجيش المصري هو سيف الشرعية الدستورية الحصاد لأعدائها و المسلط على رقابهم .
وعلي الرغم من انحسار الدور الأساسي للقوات المسلحة المصرية في تأمين الحدود الخارجية وصد اى عدوان خارجي على البلاد أو ادوار أخرى طارئة قد تكلفها بها السلطة كأعمال الإغاثة في الكوارث إلا أن القوات المسلحة قد نزلت الشارع أكثر من مره لحفظ الأمن العام وكانت بداية نزول القوات المسلحة للشارع بعد ثوره 23 يوليو كان في يوم 24 نوفمبر 1968 .

16 متوفيا و 167 مصابا والقبض على 462 في انتفاضة طلبة جامعة الإسكندرية .
حدث في 24نوفمبر من 1968بدأت الأحداث بخروج مظاهرات في المنصورة لطلاب المدارس الثانوية والأزهرية يعترضون بها على قانون جديد للتعليم كان قد أصدره وزير التعليم آنذاك محمد حلمي مراد ، و كعادة الأنظمة القمعية تصدت قوات الأمن بوحشية لهؤلاء الصبية وأسفرت المصادمات عن سقوط أربعة منهم قتلى بالرصاص الحي،

وسرعان ما نقل صورة ما حدث إلى كلية الهندسة بالإسكندرية طالبان أحدهما بالفرقة الثانية والآخر بالإعدادي وكان احدهم الطالب آنذاك ( خيرت الشاطر ) القيادي البارز في جماعه الإخوان المسلمين فيما بعد . فاشتعلت نفوس الطلاب بالغضب وعقدوا مؤتمرا كبيرا بمدرج الإعدادي حضره الأستاذ (عصمت زين الدين)رئيس قسم الفيزياء النووية بالكلية وقتها، قرروا بعدها القيام بمظاهرة ضد النظام ووزير التعليم، وحين خرجت المظاهرة من الكلية وبعد أمتار قليله تصدى للمظاهرة قوات الأمن بقسوة ووحشية، وألقى القبض على أربعة من المتظاهرين من بينهم رئيس اتحاد الجامعة آنذاك ويدعى ( عاطف الشاطر ) و عاد الباقون إلى الكلية ورفعوا شعار" معتصمون معتصمون حتى يعود المعتقلون ".

وما لبث أن حضر سريعا إلى الجامعة محافظ الإسكندرية وقتها ( " أحمد كامل" ضابط المخابرات السابق وأحد أعمدة النظام) وقابله الطلاب الغاضبون عند مدخل الكلية، وكان الرجل يتكلم بعصبية وعنجهية شديدين، وصرخ ( تيمور الملواني ) وهو احد أشهر طلاب الحركة السياسية في الستينات في كليه الهندسة " المحافظ رهينة ..المحافظ رهينة" وفجأة تم سحب المحافظ وأدخل غرفة الحرس الجامعي مع التهديد بعدم الإفراج عنه حتى عودة المعتقلين، وفعلا أصدر أوامره بالإفراج عن عاطف الشاطر والطلاب الثلاثة الذين كانوا قد سجنوا وقتها بمديرية الأمن وعادوا وسط تهليل الطلاب فرحا بانتصارهم، وعقد مؤتمر طلابي بمدرج إعدادي حاول فيه المحافظ الحديث ولكنه قوطع من الطلبة فقرر الانسحاب سريعا مبلغهم أنه ينتظر هذا المساء وفدا منهم في مكتبه.
في خضم هذه الأحداث قرر الطلاب الاعتصام بالكلية حتى تجاب مطالبهم التي تم صياغتها على بسرعة شديدة وتبدأ بالمطالبة بإقالة وزيري التعليم والداخلية، مرورا بالحرب ضد إسرائيل وحرية الصحافة وإصلاحات سياسيه حقيقية .


بدأ الطلاب في تنظيم صفوفهم واختيار قيادة لهم وتكوين بعض اللجان لقيادة الاعتصام منها لجنة الترصد والمراقبة وعلى رأسها الدكتور عصمت زين الدين، وتمت السيطرة على مطبعة الكلية والبدء في طباعة منشورات وتوزيعها على سكان المدينة في المواصلات العامة والمحلات وعلى الجماهير التي التفت حول الكلية بين فضولي و مؤيد .

كانت شعارات على شاكلة " لا صدقي ولا الغول..عبد الناصر المسئول" و "يا شعراوي يا سفاح دم الطلبة غير مباح" تظهر على جدران الكلية ومن خلال الميكروفونات، والمنشورات تملأ المدينة، والناس يتوافدون لمساندة الطلبة وخاصة من سكان حي الحضرة الفقير المقابل للكلية، وكان الغضب والمطالب يتصاعدان .

في شهادة أحمد كامل محافظ الإسكندرية وقت الأحداث أنه اتصل بسامي شرف وزير رئاسة الجمهورية طالبا منه إبلاغ عبد الناصر بضرورة نزول الجيش إلى الشارع لحفظ الأمن، فأحاله الرئيس عبد الناصر إلى محمد فوزي وزير الحربية الذي أبلغه أنه وضع قيادة اللواء الشمالي بمنطقة الإسكندرية تحت تصرفه، وفعلا تحركت قوات الجيش لتعسكر في إستاد الجامعة المقابل لكلية الهندسة وأرسلت القوات الجوية مجموعة من طائرات الهليوكوبتر لتحوم فوق كلية الهندسة، وصدرت الأوامر بإغلاق الجامعات والمدارس.

وفى يوم 25 نوفمبر بدأت الجماهير الغاضبة تخرج في مظاهرات حاشدة في الشوارع، في ثورة غاضبة على النظام وعلى الهزيمة وعلى أوضاعها السيئة لتجتاح شوارع الإسكندرية وتشتبك بقوات الأمن التي استخدمت أقسى أساليب العنف ضدها،
. وفى حصيلة لمظاهرات هذا اليوم التي أعلنها النائب العام وقتها "على نور الدين" كانت" تحطيم 50 أتوبيس عام، وعدد كبير من عربات الترام، بالإضافة إلى تحطيم جميع إشارات وأكشاك المرور القريبة، وحرق نادي موظفي المحافظة بالشاطبى، أما الضحايا فبلغوا 16 حالة وفاة وإصابة 167 ونقلهم إلى المستشفيات وتم القبض على 462 شخص .
في ذلك الوقت لم يجد النظام حلاً آخر سوى الرضوخ لمطالب الطلبة وتحقيق رغبات الشعب .. وفي خلال أشهر معدودة جرى تغيير طاقم الوزراء بالكامل، وتأسيس وزارة جديدة تولي عبد الناصر رئاستها بنفسه، وفي هذه الوزارة حاول عبد الناصر تقليل عدد الوزراء العسكريين تلبية لنغمة النقد الموجهة للنظام بتقليل الوزراء العسكريين في نظام الحكم، فجعلهم عشرة فقط من بين ثلاثين وزير.
كما اضطر النظام إلى إصدار بيان 30 مارس الذي يستجيب لكل مطالب الحركة الطلابية .

انتفاضة 18 و 19 يناير 1977 انتفاضه شعب

في مساء يوم 17 يناير 1977 وقف عبد المنعم القيسوني – نائب الوزراء ورئيس المجموعة الاقتصادية – أمام مجلس الشعب، ليعلن عن قيام الحكومة باتخاذ مجموعة من القرارات الاقتصادية "الحاسمة والضرورية" التي تهدف إلى خفض العجز في ميزان المدفوعات، وذلك تحت ضغط الصندوق والبنك الدوليين، ومن أجل توقيع أتفاق معهما. كانت المحصلة الرئيسية لهذه القرارات هي تحميل الفقراء من المصريين أعباء مالية تقترب من 500 مليون جنيه سنويًا، تدفع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على شكل زيادة في أسعار جميع السلع الضرورية. باختصار حدثت زيادة مباشرة في أسعار الخبز والسجائر البنزين والبوتاجاز والسكر والدقيق الفاخر والذرة والسمسم والحلاوة الطحينية والفاصوليا واللحوم المذبوحة والشاي والأرز والمنسوجات والملبوسات بنسب تتراوح ما بين 30 % إلى 50 %.

ووصفت الصحف الحكومية ( الأهرام 18/1/1977 ) هذا بأنه " أقترح " من الوزارة في حين أنه كان قراراً تنفيذياً ، و قيل بعد ذلك أن عدداً من الوزراء لم يكونوا على علم به . وقد بدأ التنفيذ الفعلي يومها اى قبل الإعلان أمام مجلس الشعب ، ورفع التجار و بعض المحلات أسعار المواد الغذائية ، وكذلك فعلت المطاعم الصغيرة على الفور فأحس الشعب بالكارثة مباشرة .

فضلاً عن إذاعة الخبر في الراديو و التليفزيون وكان من عناصر إثارة الغضب ، الإدراك بالتواء السياسة الحكومية و كذبها ،واستصغارها لعقول الناس بإصدارها هذا القرار بعد قرار أعطاء المنح و العلاوات التي لم تكن لتغطى إثر زيادة الأسعار ( كانت العلاوة بنسبة 22% في المتوسط في حين أن أقل زيادة في الأسعار كانت 25.%

وكما تسري النار في أعواد الحطب، اشتعل الغضب الجماهيري في كل اتجاه على مدار يومين كاملين وبامتداد جميع المدن الرئيسية في مصر. مسببًا ذعرًا هائلاً داخل السلطة الساداتية، اضطرها إلى التراجع السريع عن جميع قراراتها، واتخاذ مجموعة من التدابير القمعية. فقامت بفرض حظر التجول، وإنزال الجيش إلى المدن لقمع المظاهرات بعد أن عجزت قوات الشرطة عن ذلك، وتم اعتقال المئات من الكوادر السياسية والآلاف من المتظاهرين.

بعد أكتوبر 1973 حدث اندفاع كبير في ما سمي بعد ذلك " الانفتاح الاقتصادي ، ففي عام 1974 صدر 124 قانونًا لتنشيط الاستثمار الأجنبية في مجالات الاقتصاد والصناعة والتعدين والبنوك وإعادة التأمين والاستيراد. وصاحب ذلك تدهور سريع في الأحوال المعيشية لغالبية المصرين، ففي الفترة من 1973 إلى 1976 ارتفعت تكلفة المعيشة بنسبة 42 %، وخلال عام 1976 وحده ارتفعت تكاليف المعيشة بنسبة 11،2 %، وتشير دراسة لهيئة العمل الدولية جرت عشية الانتفاضة أن 44 % من المصريين كانوا يعيشون تحت خط الفقر.


وكان عمال حلون هم الذين بدأوا التحرك . فقبل الساعة التاسعة صباحاً ، خرج عمال شركة مصر حلوان للغزل و النسيج في مظاهرات طافت الضاحية الصناعية و انضم إليهم عمال مصانع أخرى و منها المصانع الحربية و كانت الهتافات موجهة ضد زيادة الأسعار و بسقوط الحكومة و تحمل عداء صريحاً للسادات و نظامه .
وكان بعض العمال " المعروفين بميولهم الماركسية " حسب وصف الشرطة لهم ".يرددون هتافات مثل : إحنا الطلبة مع العمال ضد تحالف رأس المال....أحنا الطلبة مع العمال ضد الظلم والاستغلال.....يا أمريكا لمي فلوسك بكره الشعب العربي يدوسك .

و الواقع أن العنف كان مصاحبها للتحركات الجماهيرية منذ اللحظة الأولى في صباح 18 يناير، لكنه لم يأخذ شكله الأكثر حدة إلا بدءا من مساء ذلك اليوم. في الصباح وعدد من المدن الرئيسية (السويس، المنصورة، المنيا، قنا، أسوان). بدأت المظاهرات بطريقة عفوية في القاهرة بين عمال شركة حرير حلوان وطلاب هندسة عين شمس. وبسرعة بدأت تجمع حولها عمال حلوان وطلاب جامعة عين شمس، ثم سعت للتحرك باتجاه قلب المدينة، حيث تصدت لها قوات الأمن فتفرقت إلى مجموعات أصغر واتجهت اتجاهات مختلفة في الطريق إلى ميدان التحرير. وفي الطريق شدت تلك المجموعات إلى صفوفها العديد من سكان الأحياء الشعبية. وبينما اتجهت الكتل الرئيسية، المنقادة بواسطة عناصر طلابية أو عمالية أكثر تنظيمًا، إلى مجلس الشعب لتقديم احتجاج، كانت المجموعات الأصغر الأقل تنظيمًا تجمع حولها عشرات من العاطلين والأحداث والحرفيين وحديثي الهجرة من الريف – عناصر من فقراء الأحياء الشعبية من خارج الإنتاج الصناعي الكبير – وبدءًا من فترة الظهيرة تحركت هذه المجموعات لتهاجم أقسام الشرطة في الأزبكية والموسكي والسيدة زينب والدرب الأحمر والساحل وغيرها، كما جرت محاولة لاقتحام مديرية أمن القاهرة في باب الخلق.

وبالتدريج مع دخول المساء، بدأ عشرات الألوف من فقراء المدينة في الاندفاع إلى المظاهرات، واختفى تمامًا الطابع الاحتجاجي السلمي الذي ظهر في الصباح، بينما اجتاحت موجات من العنف جميع أرجاء العاصمة. ساعد على ذلك إصرار الحكومة على عدم التراجع عن قراراتها حتى ذلك الوقت، وأيضًا عجز قوات الأمن عن مواجهة المظاهرات العنيفة. (يروى حسين عبد الرازق – القطب اليساري المرموق - في كتابة أنه شاهد أحدى عربات الأمن المركزي في بولاق تحاول الهرب، وفوقها يقف أحد الضباط رافعًا العلم الأبيض بينما مئات المتظاهرين يلاحقونها بالأحجار). أصبحت الأحجار تلقي في جميع الاتجاهات، العربات، الأتوبيسات، واجهات المحلات الفاخرة، الملاهي الليلية، مكاتب البريد، مبنى الجامعة الأمريكية، فندق شيراتون، الإعلانات النيون وغيرها من مظاهر الثراء و الاستغلال الفاحشين .

وفي الإسكندرية بدأت المظاهرات في الصباح بعمال الترسانة البحرية، الذين جمعوا حولهم أعدادًا واسعة من العمال والطلبة، متجهين إلى مقر الاتحاد الاشتراكي. وبمعدل أسرع مما جرت عليه الأحداث الاشتراكي. وبمعدل أسرع مما جرت عليه الأحداث في القاهرة تطور الأمر إلى استخدام العنف وإلقاء الأحجار وإشعال الحرائق، في وقت أقصر نسبيًا. كما انتهجت المظاهرات في باقي المدن الرئيسية نفس السيناريو تقريبًا. كانت مراكز الشرطة والمباني الحكومية وواجهات المحلات الفاخرة، هي الهدف الرئيسي للعنف.

في صباح 19 يناير انطلقت المظاهرات مرة أخرى من حلوان. وخلال وقت قصير كان عشرات الألوف من المتظاهرين يجوبون كافة أحياء القاهرة والجيزة، في حلوان وحدائق القبة ووسط المدينة وروض الفرج والعتبة والسيدة زينب والدرب الأحمر والأزهر وإمبابة والجيزة والهرم وبولاق الدكرور والدقي. وأيضًا اندلعت المظاهرات في الإسكندرية والسويس والمنصورة ومعظم المدن الأخرى. كانت المظاهرات في 19 يناير أشد عنفًا، استمر إلقاء الأحجار وإشعال الحرائق. وحاول المتظاهرون في ذلك اليوم الاستيلاء على السلاح بالهجوم على أقسام الشرطة، كما حاولوا قطع الطرق والسكك الحديدية. وعند الظهر أعلنت الحكومة قرار إلغاء رفع الأسعار مع فرض حظر التجول بدءًا من الرابعة عصرًا. ومع بدء حظر التجول نزلت قوات من الجيش – المشاة الميكانيكية والصاعقة والشرطة العسكرية – إلى شوارع المدن لقمع المظاهرات التي بدأت تهدأ تدريجيًا، مع استمرار بعض الصدامات حتى فجر 20 يناير.

هناك عدد من المظاهر البارزة التي يمكن رصدها بصدد مسألة العنف الشعبي في 18 و19 يناير. أن العنف خرج بشكل تلقائي وبقوة من قلب الأشكال الاحتجاجية الأولى، وبدون تطور تدريجي لحالة الصدام. وأيضًا كان العنف عفويًا وفوضويًا وغير منظم، اتجه بالأساس إلى ضرب رموز الاستبداد – أقسام الشرطة والمباني الحكومية – ورموز الثراء الترفي – العربات والمحلات الفاخرة والملاهي والفنادق – وكان القمع الذي مارسه النظام بنزول الجيش رد فعل مباشر على اشتداد حالة العنف الجماهيري.

و أفادت العديد من المصادر المطلعة في هذا الوقت على وجود اتفاق بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات والمشير عبد الغنى الجمسي اشترط فيه المشير إلغاء القرارات الاقتصادية المسببة للانتفاضة وعدم استخدام العنف من مطلقا من قبل الشرطة منذ لحظه نزول الجيش إلى الشارع مع تشديد على عدم إصدار أوامر بالضرب للجيش , بل وابلغ المشير الرئيس السادات انه سيردع اى قوات من الشرطة تقوم بالاعتداء على المتظاهرين في موقف يحسب لجيل أكتوبر من العسكريين الذي كان يعي جيدا حقيقة الدور المنوط به للجيش و إن صحيح ولائه يكون دائما للشعب وليس لسلطه قد تلجئ للقمع العنيف لفرض الرأي أو قمع المعارض معها .

كانت الانتفاضة ومضة برق مجيدة، كشفت في لحظة توهجها عن الطاقة الثورية الكامنة داخل الجماهير العمالية التي طالما عانت من الحياة البائسة والفقر الشديد ولكنها سرعان ما خبت وانطفأت شعلتها .



انتفاضه الأمن المركزي فبراير 1986 قصف بطائرات الجيش ومعارك و 107 قتيل و 719 جريح

انفجرت انتفاضة جنود الأمن المركزي في منطقة الأهرامات مساء يوم الثلاثاء 25 فبراير 1986 وتطورت على نحو واسع فوجئ بها الجميع: النظام، والبرجوازيون، وأحزاب المعارضة وغيرهم. وقد انطلقت الانتفاضة من معسكرين من معسكرات الأمن المركزي يقع أولهما على الطريق بين القاهرة والفيوم، ويقع الثاني على الطريق بين القاهرة الإسكندرية. ففي السادسة من مساء ذلك اليوم بدأ ثمانية آلاف جندياً مظاهرات احتجاجية بعد أن ترددت بينهم أنباء تفيد بأنه تقرر مد فترة التجنيد الإجباري لأفراد الآمن المركزي من ثلاثة سنوات إلى أربع سنوات، وأن تخفيضا صغير سوف يلحق بمرتبات الجنود لسداد ديون مصر!! وتطورت الأحداث بعد ذلك فيما يشبه انتفاضة شاملة امتدت إلى ستة معسكرات مختلفة من الجمهورية (القاهرة، والجيزة، والقليوبية، وسوهاج، وأسيوط، والإسماعيلية)

في مساء يوم الثلاثاء 25 فبراير خرج الآلاف من الجنود من معسكرين للأمن المركزي في منطقة الأهرامات مندفعين بخوذاتهم ورشاشاتهم وبنادقهم في مظاهرات مسلحة إلي فندق "الجولي فيل" وهو واحد من أحدث وأضخم فنادق القاهرة ويقع في مواجهة أحد المعسكرين الذين بدأ منهما التحرك مباشرة، وتتيح واجهاته الزجاجية الفرصة ليشاهدوا ما يجري من ورائها ليدركوا مدى بؤس حياتهم في قراهم وداخل المعسكر.

حطم الجنود هذه الواجهات الزجاجية ثم اقتحموا الفندق، وبدءوا يحرقون كل ما فيه، كما قاموا بإحراق فندق هوليداي سفنكس، ومبنى قسم شرطة الهرم، وفندق مينا هاوس، وبعض المحلات التجارية الكبيرة في المنطقة. وخلال ساعات استطاع الجنود احتلال منطقة الهرم بأكملها بما في ذلك مداخل طريق الإسكندرية الصحراوي وطريق الفيوم وترعة المنصورية. وفي الثالثة من صباح الأربعاء 26 فبراير أعلنت حالة الطوارئ وتم فرض حظر التجول في تلك المنطقة.
وفي حوالي السادسة صباحاً تم استدعاء الجيش المصري و انتشرت فرقه و ألويته المدرعة واحتلت عدداً من المواقع التي يتواجد فيها الجنود المتمردون، وبدءوا في حصار الجنود. و بعد معارك ضارية استطاعت قوات الجيش أن تسيطر علي المنطقة. وحتى ذلك الحين لم يكن ما يجرى في منطقة الأهرام قد امتد إلي بقية العاصمة، وما كادت ساعات صباح الأربعاء الأول تمر حتى بدأت الانتفاضة في أغلب معسكرات الأمن المركزي الأخرى في العاصمة، في شمالها وشرقها وجنوبها الغربي. وتعالت أصوات اشتباكات الرصاص مع قوات الجيش التي كلفت بسحب السلاح من جنود الأمن المركزي بأي ثمن وكان الثمن باهظا فعلا .

وقعت أول هذه الأحداث في معسكر الهايكستب القريب من مطار القاهرة. وفي الثامنة والنصف تجمهر جنود الأمن المركزي بمعسكر لهم يقع في شارع جسر السويس، وحين وصلت القوات المسلحة إلي المعسكر اشتبك معهم الجنود وتحول الاشتباك إلي مطاردة في الشوارع الجانبية المتفرعة من جسر السويس، وشوهدت عشرات الجثث و آثار الدماء علي أرض الشوارع، واحترقت بعض سيارات الجيش، وتم إغلاق شارع جسر السويس وتعزيز قوات الجيش. وفي الدراسة، حيث يقع معسكر ضخم لقوات الأمن المركزي، تبادل الجنود المحتشدون النار مع قوات الجيش، ولجأ بعض جنود الأمن المركزي إلي البيوت المحيطة بالمعسكر ومنطقة المقابر بعد نفاذ ذخيرتهم. أما في معسكر شبرا فقد رفض الجنود الاستسلام للجيش وانتشروا في المنطقة المحيطة بهم، وكادوا ينجحوا في تحطيم أكبر محطة للكهرباء في القاهرة. ويعد تحرك الأمن المركزي في منطقة طره أخطر التحركات جميعاً، فأثناء محاولة الجيش استلام المعسكر واجههم الجنود بإطلاق النار، وبدأت طائرات الجيش الهليكوبتر بقذفهم بالرصاص. وخرج جنود المعسكر بالآلاف فارين إلي الشوارع حاملين معهم أسلحتهم وتوجهوا إلي سجن طره واستطاعوا أن يقتحموا السجن ومساعدة السجناء علي الهرب وبحثوا عن الضباط كي يقتلوهم.

وقد بدأ الوضع يأخذ منحى آخر في شارع الهرم، حيث انحازت كتلة من " الفواعلية " وعمال التراحيل والشحاذين والطلاب والعاطلين عن العمل، الذين يسكنون في أفقر منطقة في الهرم هي " الطالبية "، إلي جنود الأمن المركزي، وبدءوا يشتركون معهم في تحطيم الكباريهات والفنادق الموجودة في المنطقة: كازينو الليل، والأهرام، و أوبرج الهرم، و الأريزونا، وغيرها. عند هذا الحد انتاب الذعر النظام السابق و اصدر الطاغية مبارك أوامره للمقاتلات و المروحيات المصرية بحراسة قصر الرئاسة في مصر الجديدة و بإطلاق الذخيرة الحية فورا و بدون تردد إذا ما حاول جنود الأمن المركزي الاقتراب منه وتم إعلان حظر التجول في كافة مناطق العاصمة، وتم تحذير المواطنين من البقاء في شوارع المدينة بعد ساعتين من قرار الحظر، خوفاً من أن تشجع حركة الجنود فئات أخرى علي التحرك ضد النظام، خاصة أن عناصر من المهمشين والعاطلين بدأت تشارك جنود الأمن المركزي الفارين في الهجوم علي السيارات والمحلات التجارية في منطقة الدقي.

كان الوضع خارج القاهرة أقل حدة، حيث انحصرت انتفاضة الجنود في القليوبية والإسماعيلية وسوهاج داخل المعسكرات، واستطاعت قوات الجيش أن تحاصرهم وتنزع أسلحتهم. وكان الاستثناء الوحيد في أسيوط حيث كانت الأحداث أشد عنفاً. ويقال أن محافظ أسيوط آنذاك زكي بدر (الذي أصبح وزيرا للداخلية مكافأة له علي دوره في مواجهة الأحداث) قد فتح الهويس (القناطر) في أسيوط للحيلولة دون وصول جنود الأمن المركزي من معسكرهم في البر الشرقي الذي أحرقوه وخرجوا منه، وذلك علي غرار حادثة كوبري عباس الشهيرة. واستخدم الجيش الطائرات لضرب جنود الأمن المركزي، ويوضح ما حدث في أسيوط خوف السلطة من تكرار ما حدث عام 1981 عندما استطاعت الجماعات الإسلامية المسلحة الاستيلاء علي القسم والسيطرة علي المدينة، فالجماعات الإسلامية كانت لا تزال متواجدة بكثافة في أسيوط آنذاك.

كانت حصيلة انتفاضة الأمن المركزي أكثر من 107 قتيلاً معظمهم من الجنود 104 في القاهرة و3 في أسيوط و719 جريحاً. وبعد إعادة الجيش السيطرة علي الأوضاع، تم القبض علي آلاف من الجنود من مواقع الأحداث بالإضافة إلي أعداد من المهمشين، وأمام أحد أقسام الشرطة التي تعرضت للهجوم وقفت دبابات الجيش صفين بينهم طابور من العساكر المقبوض عليهم، واضعين أياديهم فوق رؤوسهم مثل الأسرى وعيونهم زائغة، معظمهم ضعاف الجسم، بعضهم يرتدي الزى العسكري وآخرون بالملابس الداخلية، مساقون في مشهد مخزي يندى له جبين الشرف العسكري والإنساني على حد سواء .
وكعادة الأحداث الجسام في وطننا لم ينتجع عن تلك الانتفاضة سوى بعض القرارات التي حسنت من أوضاع مجندين الأمن المركزي بعض الشيء وإقالة وزير الداخلية آنذاك ( احمد رشدي ) .

كانت تلك لمحات خاطفه من المرات الذي استضاف فيها الشارع المصري جيشه , لمحات مختلطة بالنبل أحيانا ودماء من قتلوا من أبناء هذا الوطن على يد جنوده أحيانا أخرى .

التاريخ ليس ملك من عاصره وعاشه التاريخ ملك لأجيال متعاقبة لها كل الحق في معرفة ما جرى كي تدرك جيدا ما هو قادم فالمستقبل ذلك الكيان المظلم لا ينيره سوى معرفه ما مضى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.