كاتدرائية باغراتي تحفة فنية مشهورة عالميا شيدت بحسب الهندسة الجورجية في القرون الوسطى، لكنها بدأت تتداعى.. ولا يأتي ذلك نتيجة مرور الزمن فحسب وإنما أيضا بسبب التخريب البشري. ففي محاولة لكسب رضى الكنيسة الأرثوذكسية النافذة، شرعت الحكومة في الاتحاد السوفياتي السابق في إعادة بناء الكاتدرائية التي تعود إلى القرن الحادي عشر، متحدية بذلك منظمة اليونسكو المعنية بالحفاظ على التراث العالمي.
وكانت الكاتدرائية قد تضررت إلى حد كبير في القرن السابع عشر بسبب الاجتياح العثماني ويخشى الخبراء اليوم أن تتحول إلى حطام نظرا إلى أن واجهاتها الأنيقة تتداعى شيئا فشيئا وأن حفرة حلت محل القبة القديمة.
وبدلا من المحفاظة عليها، قررت الحكومة إعادة بنائها معرضة شكلها الأصلي لخطر التشويه، ما أدى إلى استنكار منظمة اليونسكو الثقافية التابعة للأمم المتحدة بالاضافة إلى خبراء محليين.
ويقول المهندس دايفيد خوشتاريا إن "إعادة بناء باغراتي ستؤدي إلى فقدان أصالتها. يقضي المشروع في الواقع ببناء كاتدرائية جديدة وليس بإعادة بناء معلم تاريخي".
لكن سكان كوتايسي التي تعتبر ثاني أكبر مدن جورجيا، يبدون سعداء بعملية إعادة البناء.
ويقول أحد المواطنين "باغراتي مكان مقدس ومعلم كوتايسي الرئيسي. ينبغي إعادة ترميمها لتصبح كنيسة قابلة للاستخدام من جديد".
بنيت الكاتدرائية في مطلع القرن الحادي عشر بطلب من ملك جورجيا الموحدة الأول باغرات الثالث وهي تعتبر رمزا لوحدة دولة جورجيا التي خسرت إقليمين في السنوات الأخيرة بسبب الانفصاليين.
وترحب إدارة الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي بإعادة ترميم باغراتي.
وقد قال ساكاشفيلي سنة 2009 بينما كان يطلق مشروعا طموحا يهدف إلى إعادة ترميم كوتايسي حيث يعمل على نقل مقر البرلمان إلى مبنى حديث من الفولاذ والزجاج، "سوف ندعو أفضل أهل الاختصاص من الخارج كي نحرص على حسن سير الأعمال".
لكن مشروع إعادة بناء كاتدرائية باغراتي أثار سخط لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو التي أدرجت باغراتي سنة 2010 في لائحتها الخاصة ب"التراث العالمي المهدد بالخطر".
وأوضحت اللجنة أن الكاتدرائية معرضة للخطر بسبب أعمال إعادة البناء التي "لا يمكن الرجوع عنها" والتي قد تؤثر سلبا على "قيمتها وسلامتها وأصالتها العالمية".
ويشير جوكا جوكيلهتو وهو خبير في المركز الدولي لدراسة الحفاظ على الممتلكات الثقافية وإعادة ترميمها إلى أن الأعمال الجارية في باغراتي أي بناء أسس وقناطر جديدة في الداخل "لم تستند إلى أدلة موثقة".
ويضيف جوكيلهتو الذي يساعد الحكومة الجورجية على وضع خطة أفضل لإعادة تأهيل الكاتدرائية "الوضع خطر جدا".
وقد ضغطت اليونسكو على الحكومة لتعليق أعمال إعادة البناء إلى أن يجد الخبراء الحل الأنسب للمشاكل التي تعان منها الكاتدرائية.
ويقول مسؤول في وزارة الثقافة أنه "مهما كانت الأعمال التي ستنفذ في باغراتي، فإن السلطات الجورجية تؤكد أنه سيتم الحفاظ على أصالة الكاتدرائية".
ويقول جوكيلهتو إن السلطات "أخذت الوضع على محمل الجد" وعبرت عن تفاؤلها بشأن إيجاد "حلول مقبولة".
لكن على الرغم من التطمينات، يخشى بعض المحافظين المحليين أن تكون رغبة السلطات في كسب موافقة الرأي العام بإرضاء الكنيسة الارثوذكسية النافذة أقوى من رغبتهم في الحفاظ على تراث البلاد بالطريقة التي تريدها اليونسكو.
وإذا وافقت اليونسكو على الاستراتيجية الجديدة فقد تشطب باغراتي عن لائحة التراث المعرض للخطر، لكن مصير الكاتدرائية القديمة يبقى مجهولا خصوصا أن السقالات ما زالت تحجب بعض معالمها وواجهاتها العظيمة.