القاهرة- قام المجلس العسكري الحاكم في مصر بإقراض مليار دولار للبنك المركزي لدعم عملة الدولة المتعثرة وتقديم أدلة على الحالة الاقتصادية الغير مستقرة وحالة الجيش بمفرده داخلها.
كما يبدو أن القرض كما تناقلت وسائل الأعلام الرسمية يوم الأربعاء، أنه جزء من حملة العلاقات العامة واسعة النطاق. وعلى ما يبدو أن المجلس العسكري الحاكم يحاول إظهار أنها مساعدة لتخفيف الضائقة المالية على المصريين حيث قوبل المجلس العسكري مؤخرا بانتقادات واسعة بسبب عدم رغبته في تسليم السلطة وبسبب المعاملة الوحشية للمتاظاهرين.
ومع ذلك فقد أشار الاقتصاديون إلى أن سهولة ضخ مليار دولار يذكرنا أيضا بالسلطات الخاصة والامتيازات التي طالما تمتع بها كبار القادة العسكريين مع العلم بأن هذه الأموال في حسابات عسكرية لم يكشف عنها لأنها خارج سيطرة الحكومة المركزية. كما أن مجهودهم للمحافظة على هذه المكانة الخاصة دوما انطلق بسبب اندلاع الاحتجاجات ضد حكم الجيش الشهر الماضي و وحملة العسكريين اللاحقة حتى بعد أن وعدوا بانتخاب حكومة مدنية جديدة.
إذا قاموا بإقراض مليار دولار، فهذا يعني أنهم قد حصلوا على مبلغ أكثر من ذلك بكثير. وقال خبير مصري في جامعة مينيسوتا؛ راجي أسعد في محاورة له عبر الهاتف أنهم يظهرون انهم يحاولون المساعدة قدر إمكانهم، ولكن هذا تذكير أيضا بأنهم لديهم هذه الميزانية الكبيرة المستقلة.
وقد جاءت الأنباء عن القرض في نفس اليوم الذي نقل فيه الرئيس السابق على سرير طبي إلي قاعة المحكمة لاستئناف محاكمته ، التي هي نفسها محط الأحباط الشعبي.
وقد وجهت اتهامات إلى السيد مبارك بالتحريض على قتل المتظاهرين أثناء ال 18 يوم التي أنهت نظام حكمه، واستخدام منصبه لإثراء نفسه وأبنائه وصديقه. ولكن بعد مضي خمسة شهور وبعد خمس جلسات استماع فقط، فإن هناك شكوك بشأن الحكم عليه وأنه لن يكون مذنبا. وهذا من الممكن ان يؤجج الشعب المصري، لأنه بالنظر إلى معظم المصريين على ما يبدو فأنهم في النهاية يحملون مبارك مسئولية العنف والفساد طيلة عقود حكمه.
"نحن نعتقد أن الأمر لا يسير على ما يرام" هذا ما ادلى به المدير التنفيذي لمبادرة المصريين لحقوق الشخصية، وأضاف بأن "الطريقة التي تسير بها الأمور الآن تشعر الكثير بأنه سيتم تبرأته."
ومثل هذه النتيجة قد تمثل ضررا سياسيا بالغا للقادة العسكريين، ولكن فيما يخص المليار دولار فأنه تم إقراره للمساعدة في درء التهديد الأكثر إلحاحا. حيث أن الاقتصاد كان قد توقف فعليا منذ الإطاحة بالسيد مبارك وأصبح هناك ركوض اقتصادي في كلا من الاستثمار الأجنبي والسياحة على حد سواء. وقال الاقتصاديون وتجار السندات أنه من الممكن أن تضطر مصر لخفض القيمة بسبب تراجع عملتها. كما أنه من الممكن أن تضغط هذه الأسعار على أغلبية المصريين الذين يعيشون في أو بالقرب من الفقر.
ولقد قال المستشارون الاقتصاديون للقادة العسكريين أنه بسبب حاجة الأقتصاد إلى العملة الأجنبية، فإن احتياطيات العملة الأجنبية تتهاوى كل شهر بمعدل 2 مليار دولار. ولقد عقدت الحكومة 30 مليار دولار قبل ثورة يناير، أحصت منه نحو 22 مليار دولار في أكتوبر/ تشرين الأول، و على المشاريع 15 مليار دولار بنهاية الشهر المقبل. وقد اوضح مساعد وزير الدفاع للشئون المالية؛ محمود ناصر أنهم أنفقوا 5 مليارات دولار لتغطية الاحتياجات السابقة. ولم يتبق سوى 10 مليار دولار أي مايكفي لتغطية شهرين من الواردات وليس كافيا لضمان عملة مستقرة.
وبينما تتخذ الحكومة خطوات لتحصين احتياطاها ببيع سندات للخارج، وألتماس مساعدات دولية عاجلة، قال السيد نصر في بيان له في وسائل الأعلام يوم الأربعاء أن الجيش قام أيضا من جانبه بإقراض مليار دولار من "أرباح الأنتاج" أي من أرباح الوزارة الاستثنائية والمملوكة للأمبراطورية التجارية.
كما أن القوات المسلحة لم تفتح دفاترها للمراقبة العامة والبرلمانية منذ انقلاب عام 1952. ولقد بنى كبار القادة في العقود الأخيرة تكتلات مترامية الأطراف تحت مظلة الوزارة، ولها مصالح في صناعة السيارات، والألكترونيات، والفنادق، والمنتجعات، والمنتجات مثل المياه المعبئة في زجاجات. يتلقى الجيش أيضا 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمريكية المباشرة، على الرغم من أن هذه المساعدات تكون في هيئة الأسلحة والسلع الأخرى.
ولقد كان الجيش في عهد مبارك يوجه نفوذه التجاري في كثير من الأحيان إلى المساعدة في تخفيف المشاكل الأقتصادية، فعلى سبيل المثال دعوة المخابز إلى صنع الخبز عندما تقل الأمدادات، وصقل صورتها العامة في الصفقة. وفي يوم الأربعاء، مع الأعلان عن إقراض الجيش مليار دولار، أعلن التلفزيون الرسمي أن الجيش يقوم بإمداد جسور بلغت 1.3 مليار دولار وإرسال المساعدات إلى المدينة التي تضررت بفعل الفيضان حاليا في مدينة أسوان. كما ذهب كبار القادة إلى التلفزيونات الخاصة للإعلان عن مشروع جديد للأسكان العام.
ومع ذلك، كان المصريين أسرى مشاهدة السيد مبارك مرة أخرى يأخذ مكانه داخل قفص الأتهام في المحكمة. حيث بدت حالته دون تغيير يذكر منذ بداية محاكمته في الثالث من أغسطس. وكما حدث من قبل، فقد وصل مبارك على مروحية وتم إدخاله إلى قاعة المحكمة، راقدا على ظهره، ومحاطا بالحراس. وكان مغطى بباطنية خضراء سميكة لتحميه من برد الصباح واضعا يده وراء رأسه.
وقال محاموا أهل الضحايا الذين قتلوا في أحداث الثورة أنهم قلقون بشدة من أن يكسب السيد مبارك الدعوة لصالحه. وعلى ما يبدو فإن الأدعاءات تعتمد على شهادة مسئولي مبارك السابقين. ومن أبرزهم المشير حسين طنطاوي؛ الرئيس الحالي للدولة. ولم يقدم أي منهم بيانات إدانة.
وقال جمال عيد؛ المحامي الحقوقي الذين يمثلون بعض أهالي الضحايا، أن تحقيقات ممثلوا الأدعاء "ضعيفة وواهية" وأضاف أنه لو كنت محامي مبارك، لأثبت براءته."