كثيرا ما كنت أفكر بعمق في الأيام الماضية .. عندما كانت الآذان الصُم ليست صاغية، والأحكام سلطة طاغية ، تؤيدها الزبانية، وما عليك إلا الانصياع لها طواعية . (بعدما كانت ترفع لها الأيادي عنوة ونفاقا.. وتصفق لها تصفيقا حادا في مجالس الظلم والنفاق، وإتمام الصفقات التي كانت منتهية ولا تحتاج إلا التصفيق، عن طريق النواب الأباطرة الذين يملكون الشعب باسم الشعب ولصالح أناس غير الشعب.. فأين الشعب ؟!) وماذا يعني أن يتبقي شيء للشعب بعد الرئيس وأبنائه وحلفائه يعني أنه سيتفرغ للسياسة ، ومن ثم قلب نظام الحكم الشمولي . لا ولن يحدث ما تفكرون به فعندنا من الأفلام ما يكفي سهر الليالي اسهر ولا تخف وأذل الهموم مُسكر أذيلت حرمته! والعاقل منا ما كان يفكر في التغير..... نعم كثيرا ما فكرنا في ذلك .. لكن دون فعل أي شيء فالضباع كانت كثيرة، والذئاب كانت تعوي، والكلاب كانت تنهش ما تبقي من عظام بالية، فلقد كانت المصيبة والداهية التي طمست كل شيء في مصرنا الغالية، بالصبغة الحمراء القانية، وما أدراك بمعانيها القاضية ! لا أظن أنني قد تجاوزت كثيرا من الأشياء.. في طرح قضايا كثيرة سابقة مشابهة لمثل هذه الأوضاع الحالية. ولكننا تعودنا من كثرة الأحداث المتلاحقة أن نؤلم أنفسنا والآخرين بألآمها حينما نفرد لها سطورا كسطورنا التالية . فغالبا ما تدمي القلوب الرقيقة بجراحها .. لما فيها من ألآم وتأوهات قاسية. لكنها تحدث دوما وبكل أسف فتحدث شروخا كثيرة في قلب الأمة الحانية، التي كانت ومازالت تُربي وتُهان بالعقوق وهي حية باقية.. فهل جزاء الأم التي ربت فأجلست كراسي العروش، أن تداس بالأقدام المتدلية ؟! تبا لأصحاب الأقدام الملعونة.. و نعم الأم المُربية . لا تستغرب أخا الوفاء فكم من شجرة أثمرت من أطيب الثمار وأسقطت عن كاهلها أخبث ثمارها، التي تداس بالأقدام فيزعجنا عفنها ! ونعود للآلام وما تحدثه من شروخ في قلب الأمة.. فمنها ما يزيد الفرقة فراقا، ومنها ما يزيد البعاد بعادا قد يطول أعواما وقرونا. وربما تستنزف من دمائنا دماء كثيرة، وتسير الأوضاع من سيء إلي سيء أو من أسوأ إلي أسوأ ولا ندري ماذا نفعل في مثل ذلك، فسماء الحكم الشمولي تمطر قرارات فتنتشر الآفات التي تتصارع في كل الطرق والمنحنيات التي تثير الشبهات .. وهيهات هيهات أن تنجوا من أمراضها التي تصر علي التصارع حتى إذا ما لا الصباح في الأفق تناثرت أشلاء وبقايا سرعان ما تعودا لتحوم حول المكان العنيد والعتيد فوق الحصن البعيد عن أعين الشعوب .. بلا جدوى .. بلا فائدة! فمثلهم لا يفهم لا يعي الدروس جيدا الخطر يُرَدُ عليهم ولا يرتعدوا.. كل الطغاة أمثالهم أجبروا علي الرحيل حوكموا قتلوا أعدموا ولا فهم لديهم . ربما ظنوها كلمات متقاطعة وليس مُقطعة !! ***** ولكنه في المقابل قد حدث شيئا مهما في قلب الأمة، غير مجري الأمور دون إرادة الظالمين. فإن لله لن يترك الظالمين أمدا بعيدا !! فكان ولا بد أن تثور الشعوب ضد كل متشعب متسلق لجسد الأمة وكأنه سرطان تسرطن فيها وعليها وضد كل مفسد يضر بمصلحة العباد، وكفانا عنادا، فلقد ترهل جسد الأمة العليل من كثرة البكاء والعويل علي الجراح التي اكتشفنا أخيرا أنها لا ولن تندمل إلا بالكفاح ( فكم من قرارات لم يحالفها النجاح، وكم من أدوية ما ضمدت جراحا). لكن لله عبادنا تشعل فتيلا الكفاح بإصرار وإلحاح فيتحقق علي يديها النجاح . إن هذا الشيء الذي حدث وغير قلب الأمة هو الحس الإيماني والحضاري الذي شحذ الشعور العميق وربطة برباط التراث لروحي والأخلاقي، فكيف لأمة أن تظل مستكينة للدعة زمنا طويلا، ملقية بنفسها في هذا المنعطف الخطير من الخنوع والخضوع لشخص واحد صُور لهم وكأنه الحاكم المعبود برغم أنه لا يغني ولا يسمن من جوع، بل أجاع الناس، فازداد الجياع جوعا في عهده الجائع، وكثرت المغالاة في الجوع والفقر والمرض فازداد التخلف الاقتصادي والحضاري والثقافي والإنساني إلي أبعد مدي حتى تخلفنا في كل شيء، واغتربنا في غربة واغتراب، بل اغتربت في أعماقنا فصرنا نخجل من كل شيء حتى العروبة ! صرنا نخجل من الأوطان .. والحكام الظلمة لا يخجلون. وهل خجل فرعون من أي شيء حتى في تعذيب زوجه التي رأي منها الإيمان فلم ينحز إليه، وانحازت إلي ربها وتركت النعيم المقطوع من دماء العبيد، وفضلت قصرا في جنة الخلد. يا طغاة العالم العربي.. يا من تقتلون الشعوب الأبية.. لأنهم قالوا ولدنا أحرارا ولا بد وأن نكون كذلك !!