إن أعظم عمل إنسانى على الاطلاق هو رد العدالة لمن فقدها فالعدالة هى الإنصاف والمساواة وحماية الملكية الفردية والعامة ، هى مفهوم اخلاقى يقوم على الحق ، والقانون هو من يراعى كافة تلك الحقوق ويوازن بينها لاعلاء قيمة الحق ويساعد على رفعة المجتمع ورقي الشعب والاخلاق ، وكلما ارتقى الشعب كانت تجاوزاته للقانون اقل بل لا تذكر. القاضى هو من يمثل العدالة المجردة ليس لة مصلحة او غاية من احقاق الحق صافى الذهن لقضيته لا يبغى من وراء حكمة سوى رضاء الله وحده دون الخلق. والقاضى على منصته لا يمثل نفسه بل يكون زمرا للعدالة والقانون فى المجتمع وهناك فارق بين امرين ان يهين المتهم القاضى بشخصة وهو حق ملك للقاضى المعتدى عليه يقوم بتحريك الدعوى الجنائية قبل المتهم بإبلاغ النيابة العامة لتحريك الدعوى الجنائية قبل المتهم وهى التى تتأكد بدورها من خلال تحقيقاتها من كافة العناصر المادية والمعنوية التى تتطلبها الجريمة والظروف المحيطة بالدعوى وتحيلها الى المحاكمة او تحفظها كما يتبين من خلال التحقيقات . وفى تلك الحالة لا أظن ان القاضى يملك المضى قدما فى الدعوى المنظورة اصلا لانه أصبحت هناك خصومة بينه وبين المتهم واصبحت نفسه محملة بعبء قسوة الاهانة والجرم الذى اقترفه المتهم فى حقه. أما إذا كانت الاهانة للمحكمة ككيان ورمز للعدالة فى المجتمع وليست فيها اى اهانة لشخص القاضى فهو ما يكون قد عبرت عنه المادة 244 من قانون الاجراءات الجنائية من أنه إذا وقعت جنحه أو مخالفة فى الجلسة يجوز للمحكمة ان تقيم دعوى على المتهم في الحال ، وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ". ومن ثم فأن تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لجرائم الجلسة أمر استثنائى فإنه ينبغى عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق. الا انه ايضا ينبغى أن نعى جيدا أن المتهم والذى قد يكون خاليا من أى قيم أو مبادى فى الحياة لا يهمه إلا الافلات من العقوبة بأى وسيلة كانت وعلى حساب أى شىء فمن خلال إداركة للقانون وتلاعبه وإجرامه الذى يتمثل فى عدم رغبته فى حكم القاضى والذى يظن أنه سيقيم عليه القانون على فعلته فتكون تلك هى الوسيلة للهروب من القاضى وتغييره أو إطالة أمد الدعوى . ومن ثم فيجب ألا يضيق صدر القاضى من أقوال المتهم وهى صفة تختلف من قاضى الى اخر ومن قول الى قول . ولكنها تظل متعلقة برد فعل القاضى وسماحته وقدرته على التريث والحفاظ على هدوئه وإلمامه بفكر المتهم وثقافته .