لأول مرة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يجرى تطويب اثنين من الباباوات الذين جلسوا على رأس الكنيسة بالفاتيكان، وهما يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرون، في حدث تاريخي، يرأسه البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وبحضور أكثر من مليون شخص. واكتظت ساحات وشوارع الفاتيكان بالزوار الذين جاؤوا لمشاهدة الحدث. وقال فرنسيس في الإعلان الرسمي لرفع الباباوين إلى مرتبة القديسين وتلاه باللغة اللاتينية "نقر ونعلن بأن المباركين يوحنا الثالث والعشرين ويوحنا بولس الثاني قديسان ونحتسبهما بين القديسين على أن يحظيا بالتقدير لذلك من الكنيسة كلها". ودوت ساحة القديس بطرس بالتصفيق والهتاف بعد إعلان رفع الباباوين إلى مرتبة القديسين، وسلط الكثيرون أنظارهم على صورتين كبيرتين للباباوين علقتا على واجهة الكنيسة. وكان حشد الحاضرين كبيرا لدرجة امتلاء الشارع الرئيسي المؤدي إلى الفاتيكان. وحضر المراسم أيضا البابا السابق بنديكت السادس عشر، الذي أصبح أول بابا يتنحى من منصبه منذ ستة قرون. كما حضر عدد كبير من كبار الزوار من الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي إلى جانب ملك وملكة اسبانيا ورئيس الوزراء الإيرلندي. وتولى البابا يوحنا الثالث والعشرون كرسي البابوية في الفترة ما بين 1958 و1963 ومهد الطريق أمام تحديث المجمع الفاتيكاني الثاني وشهد الحربين العالميتين. معجزة يوحنا بولس الثانى تولى البابا يوحنا بولس الثاني المنصب قرابة 27 عاما وشهد دمار بلده بولندا في الحرب العالمية الثانية وينسب إليه كثيرون الفضل في المساعدة على إنهاء الحرب الباردة وسقوط الشيوعية. تطويب البابا يوحنا بولس هو الأسرع في العصر الحديث، وأصبح ذلك ممكنا لأن البابا بنديكت السادس عشر تنازل عن الفترة المحددة بخمس سنوات انتظار بعد وفاة شخص ما لبدء عملية التطويب، وذلك ردا على مطالبات "التقديس الآن" التي هتفت بها الحشود أثناء قداس جنازة بولس، بالإضافة إلى عريضة موقعة من قبل الكرادلة الذين انتخبوا بنديكت السادس عشر نفسه. ويمكن القول كذلك بأن تسريع عملية تطويب يوحنا بولس هي وليدة سياساته الخاصة، بتسريعه عملية "التطويب" عام 1983، ومنذ ذلك الوقت جرى رفع 20 مرشحا إلى مرحلة "السعادة المقيمة" خلال فترة ثلاثة عقود من وفاتهم. للتوضيح فقط، فأن البابا يوحنا لم يكن الأسرع وصولا إلى مرتبة "القديس"، بل سبقه القديس أنطوني البدواني، الذي تم تطويبه بعد أقل من عام من وفاته في يونيو 1231. واتخذت كنيسة صغيرة في حي الاجادوس الفقير في سلفادوردو باهيا شمال شرق البرازيل، اسم القديس يوحنا بولس الثاني اليوم الأحد لتكون بذلك الأولى في العالم التي تحمل اسمه. يوحنا الثالث والعشرون أما بالنسبة إلى البابا يوحنا الثالث والعشرون، الذي تولى أقصر بابوبة من 1958 إلى 1963، غير أنها كانت حافلة لاسيما بعد دعوته لعقد المجمع الفاتيكاني الثاني، ويعتبر من البابوات الاكثر شعبية في التاريخ المعاصر عمل إلى تغيير وانفتاح الكنيسة الكاثوليكية على العالم. وللحبر الأعظم الراحل معجزة واحدة هي شفاء راهبة إيطالية عام 1966، إلا أن الحبر الرسولي الحالي تنازل عن شرط تحقيقه معجزة ثانية، رغم مطالب البعض له بالانتظار حتى تحقيقه المعجزة الأخرى. من هو القديس.. وكم عدد القديسين؟ يعتقد الكاثوليك أن القديس هو من وهب حياته للتعبد ويستقر الآن في النعيم، وينظر إليه باعتباره قدوة للبشرية ويتمتع بالقدرة على التوسط مع الرب استجابة لصلوات المحتاجين. من الاستحالة تحديد العدد الفعلي للقديسين، إلا أن مؤشر "حياة القديسين" يورد اسم 2565 قديسا كاثوليكيا، بجانب الآلاف من القديسين الآخرين ممن يحتفى بهم بأنحاء المعمورة، علما أن الكنيسة الكاثوليكية تخصص الأول من نوفمبر كيوم "جميع القديسين" لتكريم عدد لا يحصى منهم ممن لم يجر تطويبهم رسميا. كيف يمكن للمرء أن يصبح قديسا؟ يمكن القول إنها عملية ديمقراطية، بدايتها عيش حياة زهد وتعبد، وبعدها تتدرج إلى ثلاث مراحل، الأولى إخضاع المسؤولين في الكنيسة حياته للتدقيق والتمحيص، ففي حالة الحبر الأعظم الراحل، يوحنا بولس الثاني، على سبيل المثال، هناك أربعة مجلدات يصل عدد صفحاتها إلى ألفين، تتناول حياته، وتتضمن إفادات أكثر من 100 شاهد. المرحلة التالية، هي تحقيق معجزة، فعلى "القديس المرشح" القيام بمعجزة واحدة عقب وفاته ليتم تطويبه إلى مرحلة السعادة المقيمة وثانية ليرتقي إلى القداسة.. عادة ما تكون المعجزة شفاء مريض، على أن تكون معجزة فورية ودائمة متكاملة ولا يمكن تفسيرها بقوانين العلم.. فهناك اعتقاد بأن المعجزة هي مجرد ختم موافقة من الرب، وكوسيلة للتحقق من أن القديس هو بالفعل في النعيم. وفي عهده، جعل بابا الفاتيكان الراحل، يوحنا بولس الثاني، عملية القداسة أسرع وأبسط، لكنها مازالت مكلفة، فعملية تطويب القديس خوسيه ماريا اسكريفا، مؤسس حبرية "عمل الله" التي امتدت لثلاثة عقود، تكلفت نحو مليون دولار.