فى تصرف غريب و متناقض مع ما يردده دائما حمدين صباحى عن ايمانه بحرية الصحافة والاعلام و فى هذا التوقيت الذى يجب أن يقدم فيه حمدين نفسه للشعب كمرشح رئاسى مدنى يحترم حرية النقد والتعبير جاءت البلاغات التى قدمها أعضاء حملته للنائب العام – وهى بالطبع بتكليف منه أو بعلمه على الأقل- ضد الاعلامى المتميز أحمد موسى بتهمة السب والقذف فى برنامجه "على مسئوليتى" بفضائية "صدى البلد" تلك الفضائية التى تتخذ خطا وطنيا يتميز بالمهنية الشديدة والنزاهة والحياد وساهمت بدور كبير فى كشف وفضح الاخوان والحشد الجماهيرى لاسقاط حكمهم. وقد فسر الكثيرون هذه البلاغات ضد أحمد موسى على انها مغازلة من حمدين صباحى للاخوان لحصد أصواتهم فى انتخابات الرئاسة وهم الذين يعتبرون أحمد موسى – كصحفى واعلامى - عدوًا رئيسيا بالنسبة لهم حتى من قبل ثورتى 25 يناير و30 يونيو عندما كان مسئولا عن ملف الارهاب بالأهرام ويضعونه على رأس قائمة الاغتيالات التى تشمل صحفيين واعلاميين وبالتالى فإن "حبس" أحمد موسى أمنية من أمنيات الاخوان ويا بخت من يحققها لهم ..وهذا بالطبع لا يخفى عن حمدين صباحى . والعجيب أن هناك اعلاميين وصحفيين كثيرين انتقدوا صباحى بشدة ووجهوا له الاتهامات منذ أعلن نيته للترشح ولكن بلاغات حملة صباحى تركت الجميع - رغم انشغالها بمهام الدعاية لمرشحها - واتجهت لأحمد موسى فقط "المطلوبة رأسه من الاخوان " ولم يشفع له عندهم موقفه ضد مرسى و نظام حكمه وجماعته قبل وبعد 30 يونيو ..فلماذا أحمد موسى بالذات ونحن مقبلون على انتخابات الرئاسة ؟ وهل الفترة المقبلة ستشهد بلاغات أخرى ضد صحفيين واعلاميين بتهمة السب والقذف عندما تشتد المعركة الانتخابية ؟. شخصيا لا أتمنى أن ينزلق صباحى ولا حملته لهذا التصرف أو هذه "السقطة" مرة أخرى مع أى صحفى أو اعلامى لأن وضع صباحى "كصحفى" يفرض عليه أن يكون أكثر تحملا لأى نقد من زملاء مهنته مهما كان قاسيا ولا سيما أنه على مدار تاريخه المهنى والنقابى والسياسى كان يدعو لحرية الصحافة ومنع حبس الصحفيين وبالتالى لا يجب أن تتغير هذه المبادئ حتى لو أصبح حمدين رئيسا للجمهورية وليس مجرد مرشحا للرئاسة. والغريب أن الرئيس الأسبق مبارك الذى قامت الثورة فى 25 يناير ضده تطالب "بالحرية" لم يقدم بلاغا بالسب والقذف ضد الصحفيين والاعلاميين على مدار 30 عاما وعندما صدر حكم ضد الزميل ابراهيم عيسى تدخل لحل الأزمة.. حتى المستشار الجليل عدلى منصور الرئيس الحالى يتعرض أحيانا لنقد شديد ولم يتقدم ببلاغ ضد أى اعلامى .. وأكثر من ذلك فالمشير عبدالفتاح السيسى وهو على رأس وزارة الدفاع قبل استقالته تعرض لكل أنواع التطاول اللفظى من عناصر وقيادات جماعة الاخوان الارهابية على منصة رابعة وفى صحيفتهم وعلى مواقعهم الإلكترونية ومع ذلك وبثبات القائد المتمرس الذى يملك زمام نفسه ولا ينفعل وتدرب فى مدرسة الوطنية المصرية – القوات المسلحة – على اتخاذ القرارات تحت جميع أنواع الضغوط لم يتقدم بأى بلاغ سب وقذف ضد أى صحفى اخوانى .. وكان أولى بحمدين صباحى ألا يتورط فى هذه البلاغات ويكون أكثر تسامحا مع أى نقد حتى لو شابه بعض التجاوزر من أى اعلامى أو صحفى أو كاتب رأى حتى يعطى رسالة طيبة مفادها أنه المرشح واسع الصدر المتسامح الذى يؤمن بحق الاعلام والصحافة فى النقد مهما كان قاسيا . ودلالات "سقطة " حمدين صباحى كثيرة ولعل أهمها ما قد يفسره البعض بأن المبادئ التى ينادى بها أقطاب التيار الناصرى لا يطبقونها على أرض الواقع ..فحرية الرأى والصحافة بلا حدود فى أعراف بعض الأقطاب الناصرية واليسارية مطلوبة الى حد الفوضى طالما هم من سيمارسونها ضد أى تيار آخر فى الحكم ..ولكنها تتحول الى جريمة تهدد الأمن القومى وتتحول الى سب وقذف اذا مورست هذه الحرية فى غير صالحهم أو ضدهم . والحقيقة أن سلسلة البلاغات التى تم التقدم بها ضد أحمد موسى أضرت وسوف تجلب مزيدا من الضرر ليس لحمدين وحده ولكن لحملته وللتيار الناصرى كله فى مسألة احترامهم لحرية التعبير والصحافة. واذا كان حمدين وهو مرشح لم يستطع تحمل نقد من اعلامى زميل فهل يتحمل ذلك وهو رئيس للجمهورية اذا افترضنا هذا مجازا ؟ وكيف سيتعامل مع الضغوط الدولية والأزمات بثبات انفعالى وهو لم يستطع السيطرة على نفسه فى مواجهة كلمتين فى برنامج تليفزيونى ضمن عشرات البرامج التى تعرض على مدار اليوم ؟. ولحملة صباحى أقول اذا كنتم أنتم وراء مقترح تقديم بلاغات السب والقذف فقد أوقعتم الضرر بالرجل ونسيتم أن حمدين صحفى ونقابى بالأساس ناضل لسنوات من أجل حرية الصحافة ومنع حبس الصحفيين ثم أظهرتموه وهو مرشح رئاسى بسعيه لحبس زملائه من الاعلاميين وكان الأجدر بكم أن تتحلون بالحكمة والكياسة والثبات وتضربون المثل للآخرين بأن مرشحكم الذين تتفاخرون بأنه "مدنى" يتقبل أى نقد حتى لو وصل لحد التجريح لأن هذه هى ضريبة العمل العام .. بل ما زالت الفرصة أمامكم لاثبات احترام مرشحكم للحريات عن طريق التنازل عن البلاغات والتعهد بشكل واضح بأن المرشح الرئاسى حمدين صباحى وحملته لن يتقدموا مستقبلا بأى بلاغ ضد صحفى أو اعلامى تقديرا لحرية الصحافة.