دارت في الفترة الماضية عاصفة من الجدل بسبب ظاهرة" حلاوة روح"... فجأة أصبح الطفل هو السلعة الرائجة التي تجلب المال والشهرة.. طفل لم يتجاوز الخامسة عشر عاما يصبح بطلا لعمل درامي من شأنه الترويج للرذيلة! والسؤال الأهم كيف تزج أسرة بطفلها في مثل هذا العمل الذي وصفه البعض بالابداع! وهو لا يرتقي إلي أي إبداع ولكنه ينحدر إلي الإسفاف والتسطيح! طفل اعتقد للأسف أنه ارتقي إلي النجومية، يسهب ويشرح كيف اتقن مشهد تدخين السيجارة ، ليتكمن من ادائه أمام النجمة الفاتنة?? كيف بكي بعد اتمام عمل مشين من فرط التركيز والابداع!! أصبح هذا الطفل حديث المجتمع ، تبحث عنه وسائل الإعلام لتتمكن من محاورته ! كارثة مجتمعية وظاهرة غير مسبوقه. منذ كنا أطفالا نشاهد أفلام فيروز الطفلة المبدعة.. نشاهدها ونتعلم منها، ومن فنها وموهبتها التي تدوم وتبقي مع الأيام والسنين، لم يشعر احد يوما أن ما نشاهده هو خرق لحقوق الطفل أو استغلال للطفلة، ولكن كان هذا العمل فن راقي ينمي ويرعي الموهبة ، ويخلص إلي رسالة إنسانية، ونبيلة. في الحقيقة أن ظاهرة"حلاوة روح"، هي نتيجة تعرص الأسرة المصرية بأكملها لتهديدات، ومخاطر نتيجة غياب الوعي بماهيه حقوقها، وايضا لعدم تلبيه احتياجتها.. نعم اهملت الاسرة المصرية لسنوات طويلة! اختلطت الامور لان الدولة خاصمت وجدان الأسرة لسنوات طويلة، وكادت تنسي اساسا ان هناك اسر تعيش تحت خط الفقر.. ليس فقط تحت خط الفقر بل تبعد عن خط الفقر باميال، اسر تعيش في العشوائيات، ولا تتوفر لديها الاحتياجات الاساسية لضمان الكرامة الانسانية.. العلاج..الصرف الصحي ، والمياه النقيه.. اسر تعيش وسط الحشرات والحيوانات بكافة انواعها.. اعتذر اسر " لا تعيش "..أسر "تموت يوميا من الفقر". نسيت الدولة الاسرة المصرية لسنوات طويلة، فنسيت الاسرة المصرية الدولة، بل نسيت نفسها واولادها، فضاعت الاسرة ، وضاعت القيم ، والمباديء وسط رسائل اعلامية غير واضحة، اغاني ذات دقات وايحاءات جنسية فاضحة، مواد درامية وسينما غريبة من المفترض انها ابداع! لم يعد هناك قيمة او معني للطفل داخل الاسرة! قامت ثورتان من أجل بناء دولة.. وكيف نبني الدولة؟نبني القيم التي ضاعت من سنوات.. نبني الاخلاق..نعيد للاسرة حقوقها فتعي بدورها حقوق اطفالها.. تعي ان الطفل لايقدر بثمن..لايمكن ان يباع او يشارك في اعمال تجارية مسيئة من شانها تعريض اخلاقه للخطر، وتجعله حديث المجتمع، يتحدث الجميع عنه ليس بسبب فنه وابداعه ولكن بسبب اساءه استخدامه.. سيتحدث عنه الجميع لسنوات طويلة مثل فيروز ولكن بشكلا اخر! في الواقع أشعر بمزيج من الحزن والالم.. ولا اقصد الاساءة لهذا الطفل الضحية.. ولكن أحمل كل مسئول مسئوليه اشراك الطفل في هذا العمل "غير الابداعي".." غير الداعم للموهبة". علينا اليوم ان نقف وقفة صادقة مع انفسنا ، ونقيم حالات العنف والاساءة والاستغلال التجاري التي يتعرض لها اطفالنا، ونقييم هذا العمل وتاثيره علي اطفالنا...علينا ان نتوقف عن الكلام والحديث ونبدأ العمل مع ولاجل الاسرة المصرية...نعمل معا ونخطو خطوات محترمة لكسر الحاجز الذي يفصل بين الجزر المنعزلة.. جزر المؤسسات والهيئات التي تعمل بمعزل عن الأسرة المصرية.. نعقد العزم علي ان نغير فلسفتنا وعلاقننا ونتوقف عن شخصنة الامور.. لم تعد هناك رفاهية الوقت .. الأسرة المصرية في خطر.، ويوميا هناك" ظاهرة حلاوة روح".