شهدت عدة محافظات أزمة جديدة في الأسمدة تمثلت في تناقص الكميات الموجودة وامتناع الجمعيات الزراعية عن توزيعها، ما أدى لارتفاع أسعارها. وطالب المزارعون بسرعة التدخل لحل الأزمة، حيث انتعشت السوق السوداء بسبب تناقص الكميات المعروضة بنسبة 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأكد مجدي الشراكي، رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي، أن هناك عجزا في إنتاج الأسمدة في مصر بنسبة 30 بالمائة، مرجعا ذلك لعدم قدرة المصانع المنتجة للأسمدة على سد حاجة السوق. وأوضح أنه تم الإتفاق على الضغط على أصحاب الشركات المصنعة للأسمدة لزيادة المعروض داخل الأسواق ومنع بيعها لتجار السوق السوداء، ومن سيخالف ذلك سيتعرض للعقوبات المغلظة، مهددا بأن من لم يلتزم بالقواعد سيقطع عنه الكهرباء وسيعطل العمل بمصانعه. وأشار الشراكي إلى أن الأزمة كلها متعلقة بالنترات، حيث إن كمية النترات المتوفرة بالسوق حوالي مليون و300 ألف طن، ولعلاج تلك المشكلة ستستورد الدولة الكميات الناقصة من الخارج وستتحمل فرق الأسعار. وشدد الشراكي على زيادة المعروض في السوق من أجل سد عجز الفلاحين، موضحا أن إنتاجنا من النترات يخرج بنسبة 60 بالمائة من شركتي الدلتا وأبو قير للأسمدة. وقال الشراكي إنه سيتم تطبيق قرار مصادرة الأسمدة من السوق السوداء وعمل قضية جنائية لمن يحتفظ بالأسمدة بداية من الخامس من مارس المقبل. من جانبه، أكد د. علي عبد الرحمن، خبير الأسمدة بمعهد البحوث الزراعية، أن ارتفاع أسعار الأسمدة ودخولها السوق السوداء موضوع شائك ومعقد ويصعب إيجاد حلول الآن لأسباب كثيرة. وأشار عبد الرحمن إلى أن أهم سبب في أزمة الأسمدة يتمثل في دعم الدولة لشركات والمصانع المنتجة لها، لافتا إلى أن الدعم يكون عبارة عن امتيازات وتخفيضات مقدمة من الحكومة لجهات التصنيع حتى تخفض أسعار البيع للمزارعين، ولكن ليس هناك التزام لأن المصانع هدفها الأساسي هو التربح وبشكل متزايد. وأضاف جهات التصنيع مدانة في المقام الأول والحكومة هى من تسببت في ذلك بسبب قلة الرقابة والتقصير في متابعة شركات ومصانع الأسمدة التي تقام في مناطق حرة تسمح لها ببيع وتصدير الأسمدة، والدولة تعاني احتياجًا ونقصًا بالغًا في سوق الأسمدة. وأضاف: "جميع الهيئات والمصانع والوزارات مسئولة عن هذه المشكلة ولابد من تكوين منظومة سريعة تضم جميع الوزارات لإيجاد حل". ويرى أن طلب الاتحاد التعاوني وقف الدعم العيني ليس حلاً لأنه يعني وجود عجز شديد في الإنتاج وبالتالي أسعار مرتفعة ومضاعفة أكثر. وأكد أن الحل الوحيد هو إجبار الحكومة بجميع وزاراتها على الالتزام بمراقبة جهات التصنيع، حتى تكون هناك قيود وضوابط على تصنيع وتصدير الأسمدة. وأكد محمد عبد القادر، نقيب الفلاحين، أن احتكار الأسمدة في مصر يقضي على ثلث المحاصيل، مشيرا إلى أن هذا الأمر يهدد الأمن القومي ويحب على المسئولين المصريين التدخل وبسرعة قبل أن تحدث ثورة جياع في مصر. وأوضح نقيب الفلاحين أن هناك 8 ملايين فدان في مصر تتم زراعتها، منهم 2 مليون وضع يد من قبل حيتان الأراضي، هى السبب في أزمة الأسمدة التي تعاني منها البلاد. واتهم عبد القادر، الإرشاد الزراعي بأنه متخلف ولا يعرف شيئا عن المهنة، فالعاملون به أطباء بيطريون وليسوا خريجي زراعة. وأكد هشام الكاشف، رئيس مدينة الخانكة، أن الحل الأمثل للقضاء على السوق السوداء للاسمدة أن يتم التعامل المباشر بين المصانع والشركات، والمواطنين أصحاب الأراضى الذين يملكون حيازات زراعية، لكي لا تعطى الفرصة لاستغلال التجار لها. وأضاف أن وقف الدعم ليس الحل لأنه لابد أن تتم دراسة الأمر جيدا من الخبراء حتى لا يؤثر على المحتاجين والمستحقين فعلا، وحتى لا نحرمهم من الدعم. وأكد النائب شحات البرسي، عضو مجلس الشعب عن محافظة أسوان، أنه كي يتم القضاء على السوق السوداء للأسمدة فلابد من وجود آلية جديدة لتوزيع الأسمدة، بجانب العمل على مواجهة ارتفاع أسعار الأسمدة التي تضر بمصلحة المزارع البسيط والتي تأتي نتيجة السوق السوداء، هذا بالإضافة إلى الاعتماد على القطاع الخاص لما يوجد لديه من مؤهلات تساعده في توفير الموارد اللازمة لضبط ضبط منظومة توزيع الأسمدة فى مصر ومنع انتشار السوق السوداء. وأضاف أنه لابد من تشكيل مجلس مختص بذلك، وتتم الاستعانة فيه بخبرات المختصين من أجل تشديد الرقابة على قطاع الأسمدة ومراقبة السوق بشكل جيد، خاصة على تداول الأسمدة داخل السوق المحلية. كما طالب بضرورة تكاتف كل الجهود الشعبية والتنفيذية والأهلية لمنع تفاقم الأزمة فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد من أجل النهوض بمصر والآخذ بها إلى الأمام على أيدي أبنائها المخلصين. وطالب د. محمد عبد الهادي قنديل، أستاذ متفرغ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، بضرورة تحرير المدخلات الخاصة بصناعة الأسمدة وأنه ينبغى العمل على ألا تكون هذه الصناعة فى قبضة عدد من المحتكرين بما يساهم فى توفير المنتج أمام الفلاح المصري وبأسعار معقولة. وأوضح قنديل أن أي تقصير في توفير الأسمدة سيترتب عليه ثورة جياع، ولاسيما أننا نعاني من فجوة غذائية بين المنتج والمعروض، مشيرا إلى أن عدم توفر الأسمدة سوف يؤثر على إنتاج وإنتاجية معظم المحاصيل الزراعية. وشدد على أن الأسمدة صناعة استراتيجية لايمكن التفريط فيها، مطالبا بضرورة الاهتمام بجميع الصناعات الإستراتيجية.