من سنوات قليلة دخل الفيس بوك حياتنا بدون مقدمات، بل فؤجئنا انه دخل حياتنا بهذه السرعة، واصبح هناك العديد من الافراد اذا سالتهم هل لديك مهارة استخدام الكمبيوتر؟فيجيب بلا تردد "بالطبع نعم".. وتكتشف فيما بعد انه ليس لديه اي مهارات تكنولوجية سوي مهارة الدخول علي الفيس يوك، والمواقع الاخبارية الشهيرة!. من خلال الفيس بوك نتابع جميعا اخبار العالم، والاخبار المحلية،ونلاحق الاحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والحالة الامنية. نتابع اخبار المشاهير.. نتابع ونلتقي بزملاء واصدقاء الطفولة .. زملاء المدرسة وزملاء الجامعة ..جمع الفيس بوك الجميع بعد مايقرب من 20 او 30 سنة وربما اكثر!.جمعهم وسط فرحة وامل في العودة الي ذكريات ووجوه لمن يكن للبعض ان يتصور انه سيلتقي بها من جديد !!وكيف يكون اللقاء بعد هذه السنوات الطويلة؟ افترق العديد من الاصدقاء والزملاء بل حتي الاقارب والجيران...افترق الجميع لاسباب متباينه..وعادوا من خلال الفيس بوك.. الجميع اخذتهم الحياة بمتطلباتها.. الجميع في حالة سباق.. جري متصل وراء العمل ، وهموم ومسئوليات فرضها الواقع.. ولم يجمع الفيس بوك الاصدقاء القدامي فقط, بل جمع اصدقاء وزملاء اليوم من العمل ومن الحياة بصفة عامة ...و اصبح السؤال الدارج ما هو اسمك علي الفيس بوك او علي الفيس كما يحلو للبعض تسميته.. وبغض النظر هل التقاء الاصدقاء والاهل مرة اخري، ايجابي او سلبي فيما يعود علي كل الاطراف! وكما كان للفيس بوك من مزايا تتصل بالتواصل الاجتماعي ، وتبادل الخبرات، والترويج لخدمات وقضايا اجتماعيه، و مفاهيم ثقافيه، وكذلك تبادل المعلوات للتقارب و للم شمل الاصدقاء والاقارب ، واقارب الاقارب واولادهم واحفدهم.. فكان الفيس بوك نفسه الاداة نفسها التي ساهمت في فقدان علاقات الصداقة والاحترام والمودة ، الصداقة بين من تصوروا ان الفيس بوك جمعهم من جديد ليصبحوا اسرة واحدة ، تتسامر وتجامل بعضها البعض في المناسبات السارة وفي الاحزان وفي المرض.. اصبح الفيس بوك الرفيق الذي تطمئن منه كل دقيقة علي اخبار مجتمع الفيس بوك، بشكل يكاد يكون ادمان ، او جزء لا يتجزا من النشاط اليومي الذي تشعر من خلاله انك ملم بالدنيا وما يدور فيها!! بالغ البعض منا في التعبير عن راية ومتاعبه وتوجهاته من خلال الفيس بوك! بالغ البعض في مشاركة الاصدقاء، واقحامهم في حياته الخاصة بوضع صور شخصية له ولاسرته..والمبالغه نتيجتها واحدة في كافة مناحي الحياه.. فاصبح معظم افراد هذا المجتمع في حالة متابعة مستمره من خلال اضافة الاصدقاء علي الفيس بوك... حالة متابعه قد تكون كل دقيقة لتحركات الاخرين، والموقع الجغرافي الذي يوضح مكان وزمان تواجد رفقاء مجتمع الفيس بوك..فلان مسافر، فلان زوج ابنه، فلان في المصيف،، فلان في حالة نفسية سيئة ومهزوم.. وتذهب الي عملك او الي جامعتك لتسال مامشكلة فلان. و عليه... اصبح الفيس بوك وسيله غير صحية لنقل الرسائل المباشرة،وغير المباشرة التي يريد البعض ان تصل وبشكل خبيث للاخرين!. وعلي النقيض نجد البعض يدخل علي الفيس بوك بحذر ،ويمتنع عن المشاركة، ولكن فضوله لا يمنعه من المراقبه في صمت! رسائل في مجملها نقد من موظف لموظف، عتاب غير مباشر من صديق لصديق، نقد من الموظف لرئيسه، نقد لسياسات الدولة..الخ.. هذه الرسائل تصاغ، ويضاف اليها بعض الامثال، والصور المنتشرة علي الفيس بوك.. وتبدأ حلقه مفرغه من المهاترات، فرق مؤيده، تشيد وتؤيد وغالبا بالاتفاق مع بعضهم، و تعليقات مناهضة ،وفجاة يصبح هناك نزاع ومشادات غريبة،وضغائن وفقدان تام للسلام النفسي للانسان! هل هذا هو الهدف من مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل انتهت كل مشاكلنا واهتمامتنا، ومسئولياتنا، واهدافنا في الحياة ووقفت عند مجتمع الفيس بوك?وبات علينا ان نحمل الضغائن والمكائد لبعضنا البعض بسبب الفيس بوك؟ الحقيقة هي ثقافة جديدة وغريبة!واعتبر ان العديد من العوامل ساهمت فيها ، قد تكون حالة الاضطراب والاكتئات التي تسود المجتمع؟قد تكون نتيجة عدم الاستقرار السياسي والمؤسسي الذي نعيشه، وانعكس علي الجميع في حالة قلق واضطراب نفسي وسلوكي؟! اي ان كان... فهناك خلل واضح نتيجة دخول هذا الضيف الجديد" الفيس بوك" حياتنا بلا مقدمات.. بلا معلومات عن قواعد استخدامه، الحقوق والمسئوليات المترتبه عن سوء استخدامه.. وهنا اتوقف واسئل اين الكتاب من حياتنا.. وهل يحتل نفس منزله الفيس بوك .. وهل يتذكر احد اخر مرة ذهب للمكتبة لشراء كتاب? هل تذكر احد معرض الكتاب السنوي؟