نظمت حركة "بركات"، المناوئة لترشح بوتفليقة لفترة رئاسة رابعة، ما يقرب من خمس وقفات احتجاجية، وكانت السمة البارزة فى هذه الوقفات هى ضعف الاستجابة لنداء الحركة من جانب الشعب، ففى كل مرة يتراجع العدد عن المرة التى تسبقه وإن كان فى كل الوقفات لم يتجاوز عشرات الأشخاص. وبركات، وهى كلمة فى العامية الجزائرية تعنى "كفى"، حركة حديثة تبلورت عبر مواقع التواصل الاجتماعى ثم تطورت إلى حركة فعلية عقب إعلان عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لفترة رئاسة رابعة، ويصف أنصار حركة "بركات" حركتهم بأنها حركة مواطنة وليست حزبية فلا يوجد حزب بعينه ولا شخصية سياسية بعنيها وراء الحملة التى تقودها، ويعد الشباب هم قوام هذه الحركة ثم انضم إليها فيما بعد صحفيون، والآن الدعوة مفتوحة لكل المواطنين. وفى هذا الصدد، أكد الدكتور إسماعيل دباش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3، أن "حركة "بركات" لا تعبر عن رأى عام بل هى حركة لها أهداف خبيثة غير معلنة"، مشيرا إلى أن الإنسان الذى يعمل من أجل الثورة فى مجتمعه لابد أن يكون له تواجد فى هذا المجتمع، وهذا ليس حال " بركات" التى وصفها بأنها حركة معزولة. وقال دباش، فى تصريح أدلى به لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بالجزائر، إن "تيار بركات لا يتماشى مع القيم الوطنية للشعب وهم مرفوضون"، مشيرا إلى أن "من بينهم علمانيون وشيوعيون، وقيمهم لا تتماشى مع قيم المجتمع، وهم لا يبالون بشىء، وحتى أولئك المقاطعون للانتخابات، فقد لجأوا إلى سلاح المقاطعة ليس لرفضهم العهدة الرابعة ولكن ليختبئوا وراء المقاطعة لعلمهم تمام العلم أنهم لا يحظون بشعبية فى الشارع الجزائرى، وخير دليل على ذلك الانتخابات البلدية الأخيرة". وأضاف أن "من أسباب عدم استجابة الشارع الجزائرى لكل دعوات الاحتجاج والمعارضة والمقاطعة هو أن الشعب يعى تماما إنجازات بوتفليقة وعلى رأسها إنجازاته فى مجال الأمن، ليس فقط فى أزمة التسعينيات والتى عاش خلالها الشعب مأساة راح ضحيتها أكثر من مائتى ألف شهيد، ولكن أيضا لأن الجزائر تعيش فى ظل وضع إقليمى متوتر، حيث يتخوف الشعب الجزائرى من مواجهة ربيع عربى مثل ليبيا ومصر وتونس، لذا أصبح الشعب يخشى من المساس باستقراره". وأكد أن "جيل الشباب وجيل المجاهدين عاشا المأساة الوطنية ولا يرغبان فى العودة، وقد وفق بوتفليقة فى احتواء آثار الربيع العربى حتى لا تطال الجزائر، حيث كان الشعب يخشى من الانزلاقات التى حدثت فى دول الجوار". وتطرق إلى بدء تحركات الإسلاميين مؤخرا من أجل استغلال الوضع الحالى الذى تمر به الجزائر، وقال إن "الجميع يعلم ما فعله الإسلاميون فى مصر وفى سوريا وكله بإيعاز خارجى". وقال إن "إنجازات بوتفليقة على الساحة الداخلية واضحة للعيان، وقد ساهم فى إرساء العمق الاجتماعى الاقتصادى من خلال دعمه لمجالات الصحة والتعليم والقطاع العام، بالإضافة إلى التقدم فى ملف الإصلاحات السياسية وتوسيع مشاركة المرأة وتوسيع الأحزاب وجعلها متواجدة على الساحة بما فيها الأحزاب الإسلامية"، مشيرا إلى أن "بوتفليقة لم يساهم فى فشل هذه الأحزاب الإسلامية ولكنها هى التى أفشلت نفسها". فيما يرى الدكتور مصباح مناس، أستاذ العلاقات السياسية والعلوم الدولية بجامعة الجزائر 3، أن سبب عدم استجابة الشارع الجزائرى لحركة "بركات" يعود إلى أنها حركة جديدة جاءت نتيجة ظروف الانتخابات الرئاسية المرتقبة، مشيرا إلى أنها ليست حركة عريقة وليس لها باع طويل فى الحراك السياسى. وقال مناس إنه ليس هناك ما يثير الدهشة من عدم استجابة الجزائريين لنداءات الحركات بتنظيم مظاهرات أو وقفات احتجاجية، فهى لم ترسخ لها قاعدة الشعبية التى يتطلب ترسيخها جهدا كبيرا ووقتا طويلا يصل إلى عشرات السنين، مشددا على ضرورة أن تكون المطالب السياسية لأى حركة فى إطار حضارى دون تهديد لأمن الدولة ولكن إذا تم تجاوز الخطوط الحمراء فهذا أمر غير مقبول.