لم تتغير كثيرًا..

وجهها كما هو بكامل حسنه.. صوتها بنفس نبراته الحانية.. شعرها لايزال أسود يتراءى فيه جمال الليل.. وخفة النسيم.. نظرت إليها وكأنها ملكة.. أميرة من أولئك اللواتي رسمت حكايات ألف ليلة وليلة صورهن في خيالي فصرت أرزح تحت نير جبروت جمالهن.. اقتربت منها وأنا يقظ في عداد النيام أو نائم في عداد اليقظين، لا أعرف بالضبط!.. لكن الذي أعرفه جيدا أنها نظرت إلىّ نظرة جعلتني سرحت في ملكوت تمنيت ألا يكون فيه أحد غيري وإياها.. سرحت في بريق عينيها وأنا مغيب عن الوجود.. لكنها فجأة تراجعت للخلف والخوف بدى على وجهها وكأنه موت مطبق.. ارتعدت.. تبتعد وتدير وجهها الرائق ناحية رجل دميم، ينظر إليها من العلياء.. مقتّه من النظرة الأولى وأحببتها من قبل أن أولد.. رأيتها وقد طوّق جيدها بحبل مهترئ يجرها وهى تسير وراءه ذليلة تنظر خلفها لعلها تجد لي أثر، علّها تجد من يشعر بحرقة الدموع التي اتخذت من وجنتيها مجريين أكفهرا من شدة الحزن والألم.. إلا أنني للأسف كنت قد اتخذت قراري بالفرار بعد أن تذكرت أن هذا الوجه الحسن إنما هو لغانية وجدت قتيلة أمام أحد البيوت المشبوهة وصورها كانت تملأ صحف الصباح، عدت لمنزلي مذهولاً.. غير مصدق، أهى القتيلة التي رأيت صورتها وقرأت عنها، وكيف رأيتها وتملّيت في جمالها.. أعادت للحياة ثانية؟.. أعادت للحياة ثانية؟.. سؤال ظل يلح علىّ حتى بعد أن طالعت الصحف صباح اليوم التالي والتي صححت القصة الخبرية بأن من لقت حتفها كانت فتاة شريفة أحبّت شخصا خلى بها فقررت أن تحيا حياة الغواني إلا أنها قتلت نفسها قبل أن يلمسها أحد الأوغاد.