حسب الإحصائيات الصادرة من نقابة الصيادلة حجم تجارة الأدوية في مصر يبلغ حوالي 20 مليار جنيه سنويًاوتصل نسبة تجارة الأدوية المغشوشة 10% من السوق المحلية بإجمالي 2 مليار جنيه سنويًا، وفي تصريح على لسان نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية: النسبة العالمية 10% للأدوية المغشوشة، أما في مصر النسبة 30% تدخّل فيها غش الأدوية العُشبية بنسبة كبيرة!لمُواجهة عصابات الإتجار بصحة المرضى والتي لا تخشى من مسئول أو رقيب نحتاج إلى ما يلي: * أولاً: على الجانبين الرقابي والقانوني وضع رؤية للسياسات العامة لصحة المواطن المصري، ذلك أن حصول المريض على حقه في العلاج هو الخطوة الأولى لحمايته من تلك الإعلانات، فالاهتمام بصحة المرضى وتقديم الخدمات الحديثة في العيادات والمُعاملة الآدمية في المستشفيات والخدمة الجيدة في الصيدليات سيُشعره بالأمان وسيقيه من الوقوع في براثن تجّار مافيا الأعشاب والطب النبوي والبديل. ضرورةالالتزام بمعايير منظمة الصحة العالمية المُنظمة لإنتاج المُنتجات الطبيعية والعُشبية من قِبل مسئولي وزارات الصحة في مصر والدول العربية، وإلزام المؤسسات الصحية والدوائية وأيضًا المؤسسات الإعلامية بهذه المعايير حتى نتخلّص من مُروّجي الوهم والخرافة المُنتشرين في وسائل الإعلام مُستغلين ضعف المرضى وتشبثهم بالأمل في الشفاء. قانون يُنظّم الشكل الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بين القنوات الفضائية والجهات الرقابية بشأن مُكافحة مافيا الغش الدوائي. إعداد مشروع قانون مع وزارة العدل لمُعاقبة كل من يُروّج لسلعة طبية غير مُرخّصة ومُعاقبة الوسيلة الإعلامية التي تعاونت معه عبر الإعلان عن المُنتج. ضرورة تشكيل لجنة عُليا تكون لها صفة الاستمرارية، وسلطة التدقيق ومُراقبة الأداء الإعلاني، كما أن هناك ضرورة لمُراجعة سياسات البث الفضائي والإنترنت، كما يستلزم الأمر ضرورة تدخل تشريعي بإصدار قوانين تسمح بمُراقبة الإعلانات التى قد تنتج عنها أضرار وآثار سلبية خطيرة. حصر مُقدمي البرامج الطبية على القنوات الفضائية لمعرفة الصفة الحقيقية لهم ومدى قدرتهم على إلقاء مُحاضرات طبية ووصف علاجات للأمراض المُختلفة تحت مُسمى "الطب" ومن يثبت تورّطه في هذه المُمارسات تتم إحالته إلى لجان التأديب والنيابة العامة بتهمة مُمارسة الدجل والتدليس على المواطنين. إلزام أصحاب محال العطارة بعدم تداول أو تركيب أي دواء أو خلطات لها طابع طبي بدون تصريح مُسبق من وزارة الصحة وتغيير مُسميات التراخيص بما يتوافق ونشاط هذه المحال والمُتابعة الدائمة لضمان تنفيذ ذلك.. فقد تمادى العطّارون في تحضير بعض الخلطات العُشبية والمُشتقات الحيوانية دون إلمام بالتداخلات التي يُمكن أن تحدث عند خلط هذه الأعشاب أو المُشتقات الحيوانية، لاسيما أنهم لا يعرفون المجاميع الكيميائية التي تحتويها هذه المواد والتي يحدث عنها تداخلات فيما بينها عند السحق تنتج عنها مُركبات جديدة قد تكون خطيرة على حياة المرضى. لابد من التشديد على الرقابة في الجمارك، فالكثير من هذه المُنتجات تُستورد من الخارج. الحد من انتشار مثل هذه الأدوية والعقاقير والتي أصبحت تُباع في أماكن كثيرة، فهناك المُتجولون الذين يُروّجون لبعض الخلطات أمام أبواب المساجد وأمام المراكز التجارية الكبيرة وعند إشارات المرور وفي الأماكن السياحية، وتُستورد من عدة دول!! ففي الآونة الأخيرة تم استيراد الكثير من الأدوية الإندونيسية والصينية والهندية على هيئة مساحيق وأقراص وكبسولات وحبيبات وذات استعمالات خطيرة وتُباع في محال العطارة وهي غير مُرخصة.. كما أن هناك كثيرًا من الزيوت الحيوانية والنباتية وكذلك كثير من كريمات البشرة والتي تحتوي على مواد خطيرة ربما تسبّب تسرطن الجلد أو ربما تسبّب عاهات مُستديمة.. هذه الزيوت والكريمات تُحضّر للأسف في محال العطارة ويُروّج لها في الكوافيرات وفي محال الحلاقة رغم أنها غير مُقنّنة وغير مدروسة. تعاون أكثر حزمًا من قِبل وزارة الداخلية لضبط تجّار الأدوية غير المُرخصة الذين يلجأون لحيل للتهرب من المُساءلة. التنسيق والتعاون بين نقابة الأطباء ونقابة الصيادلة وجهاز حماية المستهلك. عقوبات رادعة لمُعاقبة المُخالفين.. الجزء الخاص بالعقوبات في القوانين المُنظمة لعملية إنتاج وتسويق الدواء في مصر يحتاج إلى إعادة مُراجعة، خاصة أن العقوبة بسيطة جدًا ولاتؤثر على المُخالفين، لذا تحتاج إلى تعديل بحيث تصبح العقوبات صارمة تمنع المُخالفين من تكرار المُخالفة. يجب على وزارة الإعلام فرض قرارات على رؤساء القنوات لعدم نشر أي إعلان إلا بعد التأكد من حصول المُعلن على تصريح وزارة الصحة.. فغير مفهوم معنى أن تقبل وزارة الإعلام -أو الإعلاميون- بث إعلانات غير واثقين من جودتها.. وكأنها تتاجر بالمُشاهد وتضحّي به من أجل أموال الإعلانات غير عابئة بصحته شأنها شأن وزارة الصحة التي تقف موقف المُتفرج دون الإبلاغ وتحريك دعاوى قضائية ضد هؤلاء النصّابين! لابد من قانون حاسم يُطبّق بألاّ يُعلَن عن مُنتج إلا بمُوافقة الوزارات المُتخصصة وأن تتأكد وزارة الإعلام من التصاريح الصادرة عن الوزارات المُختلفة وإلاّ تعرّض المُعلِن للعقوبة ووقع تحت طائلة القانون. تعاون أجهزة الدولة الحكومية الأخرى وتوسيع مسئولية مكافحة الإعلانات المُضلّلة عبر تعاون وزارة الثقافة التي تمتلك قصور ثقافة في كل مركز عن طريق التوعية، ووزارة الاستثمار، المانح لتراخيص تلك القنوات، إضافة إلى وزارتي البيئة والداخلية عن طريق لجان مُشتركة، لأنه يجب أن يكون للدولة يد قوية لمُكافحة الإعلانات التي تمثل خطرًا علي المواطن المصري، خصوصًا القنوات التي تستغل ثقة المواطن فيها بشكل سلبي كالقنوات الدينية. على نقابات المهن المعنية، من طب وصيدلة، أن تتحمّل مسئوليتها وتُمارس صلاحيتها بما أجاز لها القانون من أصول مُمارسة هذه المهن لتذكير أصحاب المهنة بأن يتقيدوا بأصول مُزاولة مهنتهم وبالادعاء على كل مُنتحل صفة أمام القضاء المعني.. فالمُلاحقة مسئولية نقابتي الأطباء والصيادلة، بالتنسيق مع وزارة الصحة، للقيام بواجبها أمام النيابات العامة، ودور القضاء في المرحلة اللاحقة عندما تُقدّم له الأدلة وهي واضحة، عليه اتخاذ الإجراءات اللازمة. تأهيل قيادات تقوم بالدور الرقابي على الصيدليات والمصانع وتزويدهم بالخبرات الجيدة لاكتشاف الأدوية المغشوشة غير المُطابقة للمواصفات. إعداد مسودة قانون جديد للصيدلة يُعالج السلبيات الموجودة في القانون الحالي، بالإضافة إلي تشديد الإجراءات تجاه المُخالفين وتحويلهم إلى النيابة وقت ثبوت المُخالفة مُباشرة. التنسيق بين سلطات الدولة المُختلفة لتوعية الرأي العام بعدم تصديق هذه الإعلانات الكاذبة وتبصرة المُشاهدين بأن الأصل في أي دعاية طبية ليس عن طريق الفضائيات وإنما عن طريق المؤتمرات الطبية. اتخاذ التدابير التي تحافظ على القوانين وتصون الصحة العامة من خطر ما يُسمى "الطب البديل" على جميع أشكاله وحث أصحاب هذه المنتجات إلى ضرورة الترويج الآمن والأخلاقي، من خلال استراتيجية تنظم التسجيل والإعلان. تفتيش المؤسسات الصيدلانية للتأكد من أن جميع الأدوية لديها حاصلة على مُوافقات من قبل الوزارة، وتفتيش المحال والأسواق التجارية المسموح لها ببيع بعض أنواع الأدوية وفقًا للشروط المعمول بها. تدخل جامعة الدول العربية ومُنظمات المجتمع المدني في الدول العربية ووضع الأُسس الصحيحة لتسويق السلع الدوائية. تنظيم الإعلانات الخاصة بالمُكملات الغذائية أو بمُنتجات التجميل وعدم الإيحاء للمواطنين بأن هذه المُستحضرات هي دواء أو بديل له.. والتي لا تحصل على التسجيل من وزارة الصحة بل من وزارة الزراعة. ضرورة خضوع كل المُكملات الغذائية لإشراف وتسجيل وزارة الصحة مُباشرة. يجب الإعلان بوضوح عن أن هذه المُستحضرات ليست أدوية، وأن المريض، حتى ولو استعمل هذه المُكملات إلى جانب الدواء، عليه عمل ذلك تحت إشراف طبيبه المُختص. علينا أن نكون جادين في كل ما سبق من نقاط، ومُصرين على مُلاحقة النصّابين، وعلى تنفيذ القانون من أجل حماية المواطن وصحته. * ثانيًا: على الجانبين التوعوي والتثقيفي نحتاج إلى تغيير ثقافة وليس فقط تغيير قانون، فالحل الرئيسي هو في وعي المواطن.. يجب أن نخلق المواطن الذى لديه جهاز مناعة قوي ضد نصب هذه الفضائيات التي تتاجر بنا وتسوّق لنا الخرافات. الصيدلي وحده هو الخبير في عَالم الدواء وتركيبته وأضراره، وبالتالي يتوجّب عليه أداء الجزء التوعوي من خلال مهنته، ولا يتوقف عند عملية بيع وشراء الأدوية فقط! التعاون المُجتمعي والحكومي لمُكافحة المراكز التي تروّج لهذه الإعلانات. تبنّي حملات توعية يُشارك فيها جميع الأطراف في الحقل الطبي بداية من طلاب كليات الطب والصيدلة وانتهاء بالأساتذة وكل من يملك الثقافة والمعرفة الكافية بالموضوع.. وذلك لضمان تحقيق أهداف الحملة بأسرع وقت وليبدأ كل فرد بمنطقته. ضرورة عمل حملات إعلانية على القنوات الحكومية للتحذير من خطورة هذه المُنتجات ولن يتم هذا إلا بالتعاون المُشترك بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة ووزارة الإعلام. دعوة كل المواطنين إلى عدم الانسياق لهذه الأكاذيب، والتوجّه إلى جهاز حماية المُستهلك ورفع قضايا على الشركات المُتبنية لهذه الإعلانات التي تروّج لأدوية بئر السلم التي يُقدّمها أصحابها للناس على أنها الحل السحري والأخير للشفاء من الأمراض المُستعصية كالسرطان. توضيح أن الكثير من هذه الإعلانات تؤكد في صيغتها أنها بتصريح من وزارة الصحة رغم أن الوزارة لا تعلم شيئًا! وضع ضوابط أخلاقية تحكم هذه الإعلانات التي تُطالعنا بها القنوات المُختلفة بشكل مُستفز وبإلحاح.. مُستخدمين عبارات وألفاظًا خادشة للحياء العام وتسيء للأطفال والمُراهقين ولكل ذي حِس. الاحتكام إلى ميثاق شرف إعلامي وتكوين مجلس أعلى للقنوات الفضائية تكون مُهمته الأولى والأخيرة هي الفضائيات بكل مُشتملاتها. عدم الاسترسال في تشخيص الأمراض عبر المُكالمات الهاتفية ووصف الأدوية كما تفعل بعض البرامج التليفزيونية. * ثالثًا: على الجانب العلمي تفعيل وتشجيع البحوث العلمية والثقافية ذات الصلة بالمواد الطبيعية، واعتماد البحث كأسلوب أساسي لتقييم آثار هذه المواد الطبيعية بدلاً من أسلوب الدجل والشعوذة وإقحام الدين في مثل هذه الإعلانات! الجمع بين البحث العلمي والمُلاحظة السريرية، والمعرفة التقليدية، والفطرة السليمة، والخبرة المُكتسبة، حتى يُمكننا أن نطوّر الاستخدامات الطبية الصحيحة لكل نبات. تجدّد أو تبدّد! هكذا تقول الحكمة! تغيير الشكل التقليدي لمحال العطارة وتطويرها جوهريًا وظاهريًا أو إغلاقها بلا رجعة. تشجيع مشاريع بحثية مشتركة بينالدول العربية فهناك نباتات ذات أهميةطبية عالية مُتوافرة في سيناء والجبل الأخضر في ليبيا وسهل صنعاء في اليمن.. والجزيرة العربية تزخر بنباتات طبية تعتبر كنزًا كبيرًا، لكنها تتعرّض للضياع معمرور الزمن نتيجة عدم الاهتمام بهذه السلالات. تقديم دعم مادي للجامعات والمراكز المُختصة بالبحوث الدوائية لدراسة المزيد من النباتات الطبية، فبحسب المعلومات المُتاحة حتى الآن لم يتم تقييم وتقنين سوى 10% فقط من أصل 40 ألف نوع من النباتات الطبية المعروفة منذ القدم باستخدامات علاجية ووقائية. تبنّي مشروع هيئة الدواء والغذاء المصرية وإعطائها جميع الصلاحيات للإشراف والرقابة على الدواء والغذاء بمصر أسوة بال FDA الأمريكي والنموذجين الأردني والسعودي من الهيئة، لأن عدم وجود هيئة للدواء والغذاء قد أفسح الطريق للغش الدوائي. [email protected]