نشرت إحدي الصحف خبراً عن حصول إحدي الصيدليات علي ترخيص أعشاب طبية من وزارة الصحة أخيراً.. الخبر أثار ردود أفعال متباينة وجدلاً لدي خبراء الصيدلة وأساتذتها.. حول جدوي الأعشاب ومدي صلاحيتها لعلاج الأمراض المختلفة. المؤيدون لطب الأعشاب أو الطب البديل يرونه الأقل تكلفة الأكثر فعالية وخلواً من الآثار الجانبية ويستندون إلي أنها خطوة إيجابية معمول بها في دول عربية وأجنبية عديدة بشرط خضوع صيدليات الأعشاب لرقابة وزارة الصحة وهيئة الرقابة الدوائية للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات العالمية والتزامها بالنسب المقررة للمادة الفعالة وأن يقوم عليها أطباء صيادلة يملكون العلم والقدرة علي استخلاص تلك المادة من الأعشاب والنباتات الطبية. أما المعارضون فيرفضون وجود مثل هذه الصيدليات لافتقارها الضمانات والضوابط اللازمة لسلامة الصحة وشيوع التلوث والمبيدات المسرطنة وزراعات الصرف الصحي وهو ما يقلل من فعالية تلك الأعشاب فضلاً علي غياب المعامل القادرة علي تحديد نسب المادة الفعالة بدقة و من ثم فنحن غير مؤهلين لاستخدام مثل هذا النوع من العلاج. "المساء" استطلعت آراء المتخصصين في التحقيق التالي: * يقول د. محمد عبدالجواد نقيب الصيادلة: لم أسمع عن وجود صيدلية عشبية متخصصة مرخصة رسمياً من وزارة الصحة ولست ضد هذا النوع من الصيدليات والعلاج به لأنه معمول به في جميع دول العالم.. لكن مصر ليس بها الامكانيات العلمية ومعامل التحاليل المعترف بها والقادرة علي تحليل صلاحية هذه الأعشاب أو تحديد نسبة وكمية المادة الفعالة المطلوبة لعلاج الأمراض. أضاف: أرفض العطارة في الصيدليات وأتساءل: من يحدد نوع العشب وفائدته للمريض من عدمه.. كما أن الأطباء لدينا لايدرسون في كليات الطب فوائد الأعشاب الطبية في علاج الأمراض.. ومن ذا الذي سيقوم بوصف العشب الطبي كعلاج للأمراض المختلفة هل هو الصيدلي أم الطبيب؟ إن التخصص في الصيدليات العشبية يحتاج لسنوات * يقول د. جمال عبدالوهاب نقيب الصيادلة بالإسكندرية: الاتجاه للطبيعة والعلاج بالأعشاب معمول به في الدول العربية والعالم كله لأنها أقل تكلفة وأكثر فعالية.. كما أن المادة الفعالة في الأعشاب طازجة وخالية من المعالجات والاضافات الكيميائية وليست لها آثار جانبية.. كما أن الأعشاب الطبيعية كثيرة في بلدنا ويمكن أن تنشط الصناعات الوطنية وأن الدراسات والأبحاث حول فائدة الأعشاب في علاج الأمراض كثيرة ومتعددة ولم تر النور حتي الآن. يضيف أن تخصيص صيدلية للعلاج بالأعشاب كمجال جديد والترخيص لها وفقاً للقواعد والقوانين المنظمة لعمل الصيدليات واخضاعها لمتابعة وزارة الصحة وجهاز التقنين الصيدلي والتزامها بالاشتراطات العلمية والصحية تعتير خطوة ايجابية بشرط أن يعمل بها ويديرها ويقرر كمية ونوعية العلاج المطلوب طبيب صيدلي متخصص وليس موظفاً أو إدارياً.. لأن أي خريج صيدلة لديه القدرة علي وصف العلاج بالأعشاب لأنه يدرس مادة العقاقير والأعشاب الطبية لمدة خمس سنوات هي مدة دراسته بالكلية.. * يري د. أسامة رستم رئيس القطاع التجاري بشركة "أبيكو" للأدوية وعضو غرفة صناعة الدواء أن الاعشاب الطبية جزء أساسي من منظومة صناعة الدواء بشرط أن تكون هذه الصيدليات مرخصة وخاضعة كأي صيدلية لقواعد وقوانين وما ورد في قانون العقوبات بشأن مخالفات الصيادلة وأن تقدم أعشاباً طبية آمنة سبق تجربتها حتي تضمن سلامتها علي صحة المواطن. يؤكد د. رستم أن هذه الصيدلية إذا كانت حصلت بالفعل علي ترخيص من وزارة الصحة كمكان لبيع الأعشاب الطبية وتحصل عليها من مصنع معين فعلي هذا المصنع التقدم بطلب للحصول علي ترخيص غرفة صناعة الدواء مثل أي مصنع أو شركة لانتاج الدواء حتي يخضع لقواعد وقوانين الغرفة وتطبق عليه جميع الإجراءات والشروط الصحية لضمان سلامة منتجاته العشبية ونحن في انتظار معرفة حقيقة وطبيعة هذه الصيدلية العشبية الجديدة!! * تقول د. ليلي رسلان- أستاذ النباتات الطبية والعطرية بالهيئة القومية والبحوث الدوائية: انه في ظل انتشار الأمراض وكثرة تلوث الماء والهواء والتربة والزراعة بمياه الصرف الصحي والمبيدات الزراعية والأسمدة المسرطنة.. فإن هذه العوامل لا ينفع معها استخدام الأعشاب في علاج الأمراض لافتقادها الصلاحية والفاعلية المطلوبة. وما يقال عن افتتاح صيدلية مخصصة للأدوية العشبية فلابد من تقنين العلاج بالأعشاب وزراعتها تحت اشراف طبي وبالزراعة الحيوية لضمان سلامتها. أشارت د. رسلان الي ضرورة نشر ثقافة العلاج بالأعشاب وتدريسها بكليات الطب حتي يكون لدينا أطباء يعالجون بالطرق العلمية الصحيحة أضافت: الصيدلية المتخصصة للأدوية العشبة يجب ان تخضع جميع منتجاتها لرقابة هيئة الرقابة الدوائية حيث لديها المعامل والأجهزة التي تقوم بتحليل هذه الأعشاب مثلها مثل باقي الأدوية المصنعة محلياً أو المستوردة والسماح ببيعها في حالة سلامتها وأمانها علي صحة المرضي أو اعدامها في حالة عدم صلاحياتها. * يقول د. أشرف حسن بيومي أستاذ الصيدلة بجامعة طب الأزهر والرئيس السابق للادارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة ان وجود صيدلية عشبية حاصلة علي ترخيص من وزارة الصحة خطوة ايجابية لحماية صحة المرضي الذين يلجأون لتناول أي أعشاب للشفاء من آلامهم.. ويقعون فريسة الوصفات التي قد تضر بهم وتأتي بنتائج عكسية.. لأن الترخيص لهذه الصيدليات سوف يخضعها للفحص والرقابة علي كل أدويتها وتحليلها وضمان سلامة انتاجها أو تعبئتها من شركات أو مصانع مرخصة وليست منتجات تصنع تحت بئر السلم أو علي الرصيف. يتمني د. بيومي ان تخضع محلات العطارة المشهورة التي تقوم بصرف الأعشاب العلاجية لاشراف وزارة الصحة وهيئة الرقابة الدواية والتي لديها المعامل والامكانيات لتحليل هذه الأعشاب وتحديد الكميات والجرعات لكل مريض . يرحب د. صلاح مبروك مدير باحدي شركات الأدوية بوجود مثل هذه الصيدليات المتخصصة مادام يتولي صرف أدويتها صيدلي ذو خبرة قادر علي وصف العشب المناسب لكل مريض لأن الأعشاب أساس صناعة الدواء وان 80% من الأدوية مصنعة من الأعشاب والنباتات الطبية.. والطبيب الصيدلي لديه القدرة لعي وصف العلاج المناسب بطريقة علمية وإذا كانت هناك تركيبات معينة فعليه استشارة الطبيب المعالج وذلك بعد تدريس الأعشاب والنباتات الطبية للأطباء بكليات الطب. * يري د. يسري أبو العلا "صاحب مجموعة صيدليات" ان العالم كله يتجه للعلاج بطرق غير تقليدية وخاصة الطب البديل فهناك العلاج بالإبر الصينية والأعشاب في دولة مثل المانيا حيث تجري بها الدراسات العلمية والبحثية لاستخدام الأعشاب كبديل عن الأدوية الكيماوية.. بالاضافة الي ان قانون ممارسة الشئون الصيدلية يسمح باقامة صيدليات مرخصة لبيع الأعشاب بنفس أساليب التفتيش الصيدلي للأدوية الكيماوية حيث يقوم الطبيب الصيدلي المؤهل علمياً بتحديد ووصف الأدوية العشبية المناسبة وكمياتها حيث ان لديه ميزة نسبية لا تتوفر في العطار الذي لا يملك إلا الخبرة. يؤكد د. أبو العلا اننا في مصر غير مؤهلين لهذا النوع من العلاج. حاولت "المساء" تحري حقيقة حصول هذه الصيدلية العشبية علي ترخيص من وزارة الصحة فلجأت الي د. عزة ياسين مدير عام ادارة التراخيص بالوزارة لكنها رفضت التحدث إلينا وطلبت الرجوع لرئيس الادارة المركزية لشئون الصيدلة د. محسن عبد العليم الذي علمنا من سكارتارية مكتبه وهم الأساتذة محمد ومها وايمان ان د. يوسف طلعت هو المسئول الإعلامي المعني بالتواصل معنا.. وقد رحب في بداية حديثه الينا ونفي وجود ترخيص لأي صيدلية عشبية وأنه كلام عار عن الصحة وعندما حاولنا أخذ موعد بدلاً من الرد بالتليفون.. اختفي المسئول الاعلامي ولم نحصل منه علي رد شاف.