في عودة جديدة لمسلسل انهيار العقارات بالإسكندرية والتى شهدت انهيار عقارين فى أقل من 24 ساعة، نفتح باب التساؤل: هل ما حدث هو إهمال من قبل المسئولين عن متابعة الإنشاءات؟ ام أنها صدف قدرية كما يروق للبعض أن يصفوها!. العقار الأول كان مكونا من 9 طوابق وهو جديد وخال من السكان، وراح ضحيته خفيران، بينما الثانى هو عقار مكون من 14 طابقا خال من السكان أيضا، وراح ضحيته أحد السكان الذى تصادف تواجده داخل شقته لجلب اغراضه ليلقى حتفه على الفور أسفل الانقاض. طرح "صدى البلد" تساؤلا على المسئولين بالمحافظة عن أسباب الكارثة، حيث أكد الدكتور أسامة الفولي، محافظ الاسكندرية، أن العقارات المخالفة لا تتعدى 8 آلاف مخالفة فقط، بينما يؤكد الواقع وصول العقارات المخالفة إلى أكثر من ذلك الرقم بكثير. فحسبما يؤكد جلال عمران، أحد المقاولين، فإن هناك أكثر من 150 ألف مخالفة بناء عشوائي وهدم بدون ترخيص، وهذا الرقم تولد من رحم الهجمات الشرسة على هدم الفيلات، وشهدت مناطق الإسكندرية الراقية مثل كفر عبده ولوران والتي شهدت هدم أكثر من50 فيلا خلال الأشهر القليلة الماضية وبناء مئات من العقارات الشاهقة تصل الى أكثر من17 طابقا وقد اطلق عليها شعب الاسكندرية التوحش الجنوني للبناء المخالف بالعجمي، حسبما أكد المهندس الاستشاري علاء فراج. ويقول حامد الشافعي، مهندس حي شرق، إنه وصل حجم المخالفات في حي شرق فقط إلى 2327 مخالفة خلال أشهر قليلة ووصل حجم المخالفات في حي وسط الى أكثر من2000 مخالفة والسبب عدم وجود رادع أمني لتنفيذ حملات الازالة. ويضيف الشافعي أن السبب الأهم في ظاهرة البناء الجنوني يتمثل فى الشائعة التى انطلقت فى الفترة الأخيرة بأن هناك قرارًا باتمام التصالح مع المخالفات دون أدنى عقوبة مما شجع القائمين بالأعمال المخالفة على الاستمرار فيها بل التوسع فى البناء العشوائى مادام القانون فى اجازة. ويقول علاء حسب الله، الباحث الاقتصادى عضو جماعة الإدارة العليا بالاسكندرية: "لقد حصر شباب الثورة أعمال البناء المخالف من هدم وبناء وتعليات فجاءت الأرقام مخيفة، حيث وصلت الى "100" الف مخالفة، عند ترجمتها من النواحى الاقتصادية نجد مالا يقل عن "5" مليارات جنيه مكاسب للمقاولين كحد أدنى وتصل الى "10" مليارات جنيه كحد أقصى". أما عن خسائر الدولة فهى ذات الرقم "5" مليارات جنيه اذا لم توقع غرامات مجحفة، خاصة أن هذه المخالفات ستضيع على الدولة ملايين من الجنيهات بين ضرائب ودمغات وموافقات حكومية رسوم التراخيص. ويؤكد حسب الله أن ما يدعو للدهشة فى الاسكندرية رغم هذه الأبراج المخالفة، أن الوحدات السكنية مرتفعة الثمن ولم تقل قيمتها عما كانت قبل الثورة. وأشار إلى أن مبانى المحافظة شهدت خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعا غير مبرر، موضحا أن المشكلة تكمن فى الأفق الضيق لأصحاب العقارات فى التركيز على التوسع الرأسى وليس الأفقى والضغط على البنية القديمة للمدينة التى أصبحت معظم المناطق بها تعانى من الانقطاع المستمر للمياه والكهرباء. ويوضح حسب الله أن هذه المشكلة ومسلسل المخالفات تشهدها المدينة منذ عهد اللواء عبدالسلام المحجوب أول من سمح بالبناء لأبراج وعقارات شاهقة الارتفاع بالشوارع الضيقة حتى وصل عدد المخالفات فى عهد اللواء عادل لبيب الى نحو 57 ألف مخالفة. وعن الحلول المقترحة لهذه المشكلة الكبيرة، يقول: "لابد من تنفيذ قانون البناء الموحد والتوسع العمرانى الأفقى بغرب الاسكندرية والا ستدفع المدينة ثمنا باهظا نتيجة البناء المخالف العشوائى، وأكبر مثال على ذلك ما تشهده منطقة بحرى ورأس التين، وهى الاسكندرية القديمة، من هدم لمبانيها العتيقة ذات التراث المعمارى التاريخى وبناء الأبراج الضخمة، مما أضاع ملامح تلك المنطقة التاريخية الجميلة".