تباينت ردود الأفعال حول مشروع إعادة هيكلة جهاز الشرطة، الذى تم طرحه من قبل مجلس الشعب فى جلسة الثلاثاء، فمن جهته أكد الخبير الأمنى اللواء محمد عبد الفتاح عمر، أن الأصوات التي تنادي بتغيير عدد من لواءات الشرطة أو إحالتهم للتقاعد، في إطار ما يسمى بهيكلة الشرطة، لن يكون حلاً للانفلات الأمني، مشيرًا إلى أن الداخلية تسير على نهج مُحدّد منذ عهد محمد على ونست أن كل شىء يتغير حتى أن الجريمة نفسها تغيرت فأصبحت الجريمة ترتكب بواسطة الإنترنت و"الفيس بوك". وأضاف أن الهيكلة لا بد أن تبدأ من كلية الشرطة، وأنه من الضروري، تدريب الطلاب على احترام حقوق الإنسان وكيفية التعامل مع المجرمين والخارجين على القانون، على يد متخصصين مثل أساتذة علم نفس والاجتماع وليس على يد لواءات شرطة. وأشار إلى أن دور الضباط فى الاعتصامات والإضرابات، يجب أن يقتصر على إبلاغ كل وزارة بمن يعتصم من عمالها حتى تلبى مطالبهم، لا أن تتعامل الشرطة معهم بالقوة والعنف. فيما أكد أمير سالم، الحقوقي ومحامي المُدّعين بالحقّ المدني في محاكمة الرئيس السابق، أن ما يثار حول إعادة هيكلة الشرطة يطلق عليه في علم السياسة عملية "إلهاء" واستهلاك محلي لفضّ الأزمة، لافتًا إلى أن ذلك كله لا يعدو كونه "ترييحًا" للمواطنين بكلام إعلامي لا قيمة ولا جدوى منه. وأوضح "سالم" أنه لا يوجد ما يسمى بهيكلة الشرطة، وإنّما المطلوب تغيير جذري في وزارة الداخلية، وفكرة الأمن وفلسفة دوره في مصر متوقّفة على خروج "العسكري" من المشهد السياسي وابتعاده بشكل حقيقي عن إدارة شئون البلاد. وفى نفس السياق أكد الدكتور محمد محفوظ، عضو ائتلاف ضباط لكن شرفاء، إن المبادرة الوطنية لإعادة هيكلة جهاز الشرطة، التي أعلن عن الوثيقة الثانية منها في أكتوبر الماضي، تم إرسال نسخة منها إلى المجلس العسكري والحكومة ولكن "لا حياة لمن تنادي"، مشيرًا إلى أن عددًا من أعضاء مجلس الشعب قرروا تبني المبادرة واستعراضها خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى أن المدرسة الأمنية الموجودة حاليًا والمستمرة منذ سنوات لا تستطيع بناء جهاز شرطي لأنها ترتبت في أحضان النظام البائد. وقال ان المبادرة التي أطلقها عدد من ضباط الشرطة قد اشتملت على ضرورة فصل الأمن الوطني عن وزارة الداخلية، وتطهير الجهاز من القيادات والعناصر المتورطة في جرائم ضد الشعب، وطالبت بوقف الضباط والأفراد المتهمين بقتل وإصابة المتظاهرين، عن ممارسة أعمالهم، حتى صدور أحكام قضائية بحقهم، بالإضافة لوقف جميع الشرطيين المتهمين بالتعذيب، والتحقيق معهم، وعدم إعادة المدانين منهم إلى العمل بالشرطة مرة أخرى. فيما يرى أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح، مدير مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان ووالد الناشط علاء عبد الفتاح، إن طرح مبادرة إعادة هيكلة الشرطة في هذا التوقيت مختلف عن طرحها السابق، حيث إن فرصة تنفيذ المبادرة الآن أكبر بكثير في ظل وجود مجلس شعب منتخب هو الذي أعاد طرحها من جديد. وأوضح أن المبادرة بها كثير من الجوانب التشريعية والرقابية، التي تعد في صميم اختصاصات مجلس الشعب، ويزيد فرصة نجاح المبادرة، وأكد أن اعتماد هذه المبادرة بشكل فعلي سيؤدي على مدى قصير لاستعادة الشرطة دورها في تحقيق الأمن عندما يتأكد للمجتمع أنها لم تعد أداة قمع وإنما لتوفير الأمن له وخاضعة لرقابته ومحاسبته. ومن جهته اعتبر نجاد البرعي، المحامي والخبير الحقوقي، إن الحديث عن هيكلة الشرطة لم يعد جديدًا فهو مطروح منذ عام وإعادة طرحه الآن ليس له أي قيمة إلا بعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة. وأوضح أن القضية لا تعني الاستغناء عن ضباط موجودين بالفعل، بقدر ما تعني ضخ عدد كبير من الضُباط من خريجي كليات الحقوق والشرطة كى يعود جهاز الشرطة للعمل بكفاءة أكبر وبفاعلية أقوى ما يضمن عودة الأمن والأمان للشارع والمجتمع المصري في أقرب وقت ممكن. يذكر أن الدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب، قد كلّف بالأمس لجنة الدفاع والأمن القومي بإعداد مشروع قانون لإعادة هيكلة جهاز لشرطة بما يكفل عودة الأمن سريعًا للشارع المصري.