الحدث جلل، والمصيبة فادحة، والألم والأسي عظيم.. هذا أقل ما يمكن أن توصف به هذه الكارثة المأساوية الجديدة، التي حطت على رءوسنا جميعاً، على غير تحرز أو استعداد، لتزيد واقعنا سوءاً على سوء، وهما على هم، وتضيف لأحزاننا وحسرتنا، على ماآلت إليه الأمور في وطننا، حزناً جديداً، وحسرة متجددة. واقع الحال المؤلم يؤكد لكل من له عين ترى، وعقل يدرك، وقلب يستفتيه، ان هناك بالقطع من يبذل غاية جهده لتركيع هذا الوطن، وإشاعة الفوضي بطول وعرض البلاد من أقصاها الي أدناها، ونشر العنف، والقتل، والدمار في كل مكان، والغاية واضحة لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يتغافل عنها، بأي حال من الأحوال مهما كان شأنه، ومهما كان موقعه. السيناريو الإجرامي واضح والهدف معلن وهو إسقاط جميع أعمدة الدولة، تمهيداً ووصولاً الي إسقاط مصر وإعلان نهايتها كدولة مستقرة وآمنة. لا يصح ولا يستقيم أن ننظر إلى الكارثة العظيمة والمذبحة المأساوية التي وقعت في استاد بورسعيد، والتي راح ضحيتها أكثر من سبعين من أبناء الوطن، ومئات المصابين، علي أنه حادث منفرد، ومصيبة قائمة بذاتها، ومنقطعة عن غيرها من الحوادث والكوارث والمصائب الواقعة والقائمة في كل مكان من أراضي مصر،..، أي أنه ليس حادثاً عابراً، بل حلقة من سلسلة طويلة، وخيط في نسيج كامل، يشمل عنف الشارع، والاعتداء علي الممتلكات والأشخاص، وقطع خطوط السكك الحديدية، وإغلاق الطرق، والسطو المسلح علي البنوك، والمصارف، وتعطيل ووقف هاويس إسنا، وتدمير المنشآت والبنية التحتية في الضبعة، وغيرها،..، ثم كارثة بورسعيد. والآن،..، هل هناك وسيلة للخروج من هذا النفق، ووضع نهاية لهذه المؤامرة ولهذا المسلسل الإجرامي الذي يستهدف وبوضوح انهيار الدولة المصرية؟!! الإجابة واضحة، نعم،..، والوسيلة المؤكدة لتحقيق ذلك هي دولة القانون وسيف العدالة،..، بمعني ضرورة تطبيق القانون، وبحزم كامل، وعدالة رادعة علي كل من يرتكب جرماً ضد هذا الوطن، وعلي كل من يساهم أو يساعد أو يشارك في مؤامرة لإشاعة الفوضي وإسقاط الدولة المصرية، ووأد طموحات هذا الشعب في الحرية والديمقراطية والكرامة، والعدالة الاجتماعية، والدولة الحديثة القائمة علي القانون. وقبل ذلك كله، ومن بعده، نسأل الله العلي القدير، أن يشمل برحمته ضحايا الكارثة، ونتضرع إليه جل شأنه أن يلهم أهلهم وذويهم الصبر علي البلاء، وتحمل جسامة الحدث ولوعة الفراق،..، ونتمني الشفاء للجرحي والمصابين،..، وإنا لله وإنا إليه راجعون. ونواصل غداً إن شاء الله. نقلا عن "الأخبار"