إغلاق عيادة طبيب رفض توقيع الكشف على مُسنة تُوفيت في قنا    قانون مجلس النواب.. تعرف على أوراق الترشح و دوائر النظام الفردي للقاهرة والجيزة    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    تجديد حبس أجانب بتهمة الاتجار في الآيس بمدينة نصر    وول ستريت جورنال: اليابان تواجه خطر الركود بفعل تباطؤ الاقتصاد    مدينة إسنا تزيل 5 حالات تعدٍ خلال إجازة العيد ورفع 290 طن قمامة.. صور    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    «الوطني الفلسطيني»: اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على سفينة كسر الحصار بغزة إرهاب دولة منظم    بولندا تضع أنظمة دفاعها الجوي في حالة تأهب قصوى    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    محمد الشناوي: مباراة إنتر ميامى تحظى باهتمام عالمى.. وزيزو إضافة كبيرة    الكشف عن تفاصيل عقد نجم ريال مدريد    محافظ الشرقية يُشيد بمبادرة وزارة الرياضة باستقبال المواطنين بمراكز الشباب في العيد    «إيه المستوى ده؟!».. خالد الغندور ساخرًا من لاعبي الأهلي بعد لقاء باتشوكا    «السياحة الدينية بغرفة الشركات»: موسم الحج الحالي الأنجح منذ سنوات    نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 بالاسم ورقم الجلوس بشمال سيناء    السيطرة على حريق هائل بزفتى.. ومنع وصول النيران لأكثر من 300 فدان «كتان»    هدايا ورحلات ترفيهية.. الداخلية تحتفل مع كبار السن بعيد الأضحى| فيديو    التضامن عودة أولي رحلات حج الجمعيات الأهلية من جدة 10 يونيو.. ومن المدينة المنورة 14 يونيو    5 صور تجمع حفيد عادل إمام بعروسته قبل الاحتفال بزفافهما    مسرح السامر كامل العدد في عرض «نويزي T.V» ضمن احتفالات عيد الأضحى    أحمد سعد يشعل الساحل الشمالي بحفل غنائي    شخص يعاني من الكسل في العبادة ودار الإفتاء تنصحه بعملين ودعاء    الصحة تفحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن مبادرة "العناية بصحة الأم والجنين"    لتأجيل تصويت حل الكنيست.. حكومة نتنياهو تطرح عشرات مشاريع القوانين    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا وامرأة من مخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    اعتماد كامل لمجمع العيادات الخارجية لأطفال أبو الريش بمستشفيات جامعة القاهرة من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    "التعليم العالي" تعلن حصاد أداء الأنشطة الرياضية خلال العام المالي 2024 -2025    قانون العمل الجديد.. ضمانات شاملة وحقوق موسعة للعاملين فى القطاع الخاص    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    آخر أيام إجازة عيد الأضحى.. غدا الوزارات والمصالح الحكومية تستأنف العمل    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    الصحة: فحص 3.6 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة "فحص المقبلين على الزواج"    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    مهرجان موازين يوضح موقفه من استخدام صورة وصوت عبد الحليم حافظ بتقنية الهولوغرام    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    شيرين عبدالوهاب تحل محل ماجدة الرومي في حفل ختام مهرجان موازين    عائلات أسرى إسرائيل تتظاهر للمطالبة بإعادة ذويهم وإنهاء الحرب: أعيدوهم جميعا واخرجوا من غزة    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    مكافأة للمتميزين وإحالة المتغيبين للتحقيق فى مستشفى المراغة بسوهاج    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    تراجع أسعار الذهب مع آمال التوصل لاتفاق تجاري بين أمريكا والصين    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    القناة الناقلة لمباراة كرواتيا وجمهورية التشيك في تصفيات كأس العالم أوروبا    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    «أسطول الحرية»: القوات الإسرائيلية تختطف المتطوعين على السفينة «مادلين»    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    تريزيجيه يضع بصمته الأولى مع الأهلي ويسجّل هدف التعادل أمام باتشوكا.    فضيلة الإمام الأكبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار مكة المكرمة.. 5 أسباب لإصطفاء البلد الحرام ولهذا سميت «أم القرى»
نشر في صدى البلد يوم 27 - 05 - 2024

مع موسم الحج يتساءل الكثيرون عن فضائل مكة المكرمة، وما وضعه الله تبارك وتعالى من أسرار في البلد الحرام وسبب تسميتها ب "أم القرى"، ونجيب على ذلك في السطور التالية.
فضائل مكة المكرمة
تعد مكة المكرمة أفضل بلاد الله تعالى؛ لأن الله تعالى شرَّفها بأن جعل فيها بيته المعظم الذي هو أول بيت وضع في الأرض لعبادته وتقديسه، وجعل لها من المكانة والخصوصية ما لم يجعل لغيرها من البلدان؛ إذ فرض على كلِّ مسلمٍ مستطيع زيارتها، والمكوث بها فترة من الزمن، وذلك لما فرضه عليهم من شعيرة الحج وزيارة البيت، وجعلها حرمًا آمنًا، فحرم فيها أي مظهر من مظاهر التشاحن أو التقاتل، وهي أحبُّ البلاد إلى الله تعالى؛ إذ اختارها لموضع بيته، وأداء شعيرته، وأحبُّ البلاد إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ هي محلُّ ميلاده الشريف، وفَضَّلها تعالى على غيرها من البلاد في الأجر والثواب وجعله مضاعفًا.
وسميت بأم القرى؛ لأن الأرض بُسطت مِن تحتها، ولأن منزلتها بين سائر المدن والبلاد كمنزلة الأم بين أولادها.
وقد جرت حِكمة الله تعالى وسُنَّته على تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وكذا في الأمكنة والأزمنة؛ فقد فضَّل الله تعالى جنس الإنسان من بني آدم على سائر مخلوقاته، فجعله مكرمًا مصانًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، ثم اصطفى مِن بين ذرية آدم وبَنيه الأنبياء والرسل، فجعلهم محلَّ وحيه وتجلي رسالته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33]، ولم يقتصر ذلك التفضيل على الأشخاص بل جرى في الأمكنة؛ ففضَّل الله تعالى مكة المكرمة على غيرها من بقاع الأرض، فجعلها مركز الأرض، وأشرف البقاع وأجلَّها.
ما حكم قصر الصلاة للحاج في مكة؟ .. الإفتاء تجيب
حكم التصوير «السيلفي» أثناء مناسك الحج.. أزهري يجيب
أسباب أفضلية مكة المكرمة
تعددت الأسباب والعوامل التي تؤكد أفضلية مكة المكرمة على غيرها من بقاع الأرض، منها:
أولًا: أن الله تعالى شرَّف مكة بأن جعل فيها بيته المعظم الذي هو أول بيت وضع في الأرض لعبادته وتقديسه، وجعله لأجل ذلك آمنًا تهوي إليه قلوب العباد وأفئدتهم، قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: 125]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 96].
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (2/ 26، ط. مؤسسة الرسالة): [معنى قوله: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ وإذ جعلنا البيت مرجعًا للناس ومعاذًا، يأتونه كلَّ عامٍ ويرجعون إليه، فلا يقضون منه وطرًا] اه.
وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 52، ط. مؤسسة الرسالة): [وقد ظهر سرُّ هذا التفضيل والاختصاص في انجذاب الأفئدة وهوى القلوب وانعطافها ومحبتها لهذا البلد الأمين، فجذبه للقلوب أعظم من جذب المغناطيس للحديد، فهو الأولى بقول القائل:
محَاسِنُهُ هَيُولَى كُلِّ حُسْنٍ ... وَمِغْنَاطِيسُ أَفْئِدَةِ الرِّجَالِ
ولهذا أخبر سبحانه أنه مثابة للناس، أي: يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار، ولا يقضون منه وطرًا، بل كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له اشتياقًا] اه.
ثانيًا: أنَّ الله تعالى جعل لمكة من المكانة والخصوصية ما لم يجعل لغيرها من البلدان؛ إذ فرض على كلِّ مسلمٍ مستطيع زيارتها، والمكوث بها فترة من الزمن، وذلك لما فرضه عليهم من شعيرة الحج وزيارة البيت ولا يكون ذلك إلَّا بها، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].
ثالثًا: أن الله تعالى جعلها حرمًا آمنًا، فحرم فيها أي مظهر من مظاهر التشاحن أو التقاتل، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: 67].
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: «إِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلَاهَا»، قَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ، قَالَ: قَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ» متفقٌ عليه.
وعن أبي شريح، أنه قال لعمرو بن سعيد: -وهو يبعث البعوث إلى مكة- ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي صلى الله عليه وآله وسلم الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به: حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِيهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ» متفقٌ عليه.
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (2/ 29): [وإنما سمَّاه الله "أمنًا"؛ لأنه كان في الجاهلية معاذًا لمن استعاذ به، وكان الرجل منهم لو لقي به قاتل أبيه أو أخيه لم يهجه، ولم يعرض له حتى يخرج منه] اه.
وقال الإمام الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (4/ 366، ط. دار الكتب العلمية): [﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا﴾، أي: جعلنا الحرم آمنًا لكم بحيث تأمنون فيه وتتقلبون وتتعيشون فيه، ويتخطف الناس من حولهم، فهو يذكر لهم عظيم نعمه ومننه التي جعلها لهم، هذا إذا كان الخطاب به لأهل مكة، وإن كان الخطاب به للناس كافة، فيخرج على تذكير النعم لهم حيث جعل الأرض لهم بحيث يقرون فيها ويتقلبون فيها] اه.
رابعًا: أنها أحبُّ البلاد إلى الله تعالى؛ إذ اختارها لموضع بيته، وأداء شعيرته، وأحبُّ البلاد إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ هي محلُّ ميلاده الشريف؛ فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وآله وسَلم لِمَكَّةَ: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ» أخرجه الترمذي في "السنن"، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حَمْرَاءَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَاقِفًا عَلَى الحَزْوَرَةِ فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي في "السنن"، وصحَّحه.
قال العلامة الطيبي في "شرح المشكاة" (6/ 2047، ط. نزار مصطفى الباز): [قال في الحديث السابق: «وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ» وفي هذا «وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ» نسب المحبة إلى نفسه أولًا؛ لأنه مسقط رأسه، وموضع حل تمائمه.. ومِن ثم مَنَّ الله تعالى عليه بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [القصص: 85]. قيل: نزلت عليه صلى الله عليه وآله وسلم حين بلغ الجحفة في مهاجرته، وقد اشتاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مولده، ومولد آبائه، وحرم إبراهيم عليه السلام، فنزل جبريل عليه السلام، فقال له: «أتشتاق إلى مكة؟» قال: «نعم»، فأوحاها إليه. وأما نسبته إلى الله تعالى ثانيًا؛ فلأنه حَرَمُ الله تعالى المعظم] اه.
خامسًا: أنَّ الله تعالى فَضَّل مكة على غيرها من البلاد في الأجر والثواب وجعله مضاعفًا؛ وذلك حتى يحرص المسلم فيها على الإكثار من الطاعات، وتجنب المعاصي والمذلات، فيسود فيها الخير والنفع؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وآله وسَلَّمَ قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ، فَصَامَهُ، وَقَامَ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِئَةَ أَلْفِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهَا» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَمَضَانُ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ» أخرجه البزار في "المسند".
وقال الإمام الحسن البصري في "فضائل مكة" (ص: 21-22، ط. مكتبة الفلاح): [مَا على وَجه الأَرْض بَلْدَة يرفع الله فِيهَا الْحَسَنَة الْوَاحِدَة غَايَة ألف حَسَنَة إِلَّا مَكَّة، وَمن صلى فِيهَا صَلَاة رفعت لَهُ مائَة ألف صَلَاة، وَمن صَامَ فِيهَا كتب لَهُ صَوْم مائَة ألف يَوْم، وَمَن تصدَّق فِيهَا بدرهم كتب الله لَهُ مائَة ألف دِرْهَم صَدَقَة، وَمَن ختم فِيهَا الْقُرْآن مرَّة وَاحِدَة كتب الله تَعَالَى لَهُ مائَة ألف ختمة بغيرها.. وكلَّ أَعمال الْبر فِيهَا كل وَاحِدَة بِمِائَة ألف، وَمَا أعلم بَلْدَة يحْشر الله تَعَالَى فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة من الْأَنْبِيَاء والأصفياء والأتقياء والأبرار وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاء وَالْفُقَهَاء والفقراء والحكماء والزهاد والعباد والنساك والأخيار والأحبار من الرِّجَال وَالنِّسَاء مَا يحْشر الله تَعَالَى من مَكَّة، وَإِنَّهُم يحشرون وهم آمنون من عَذَاب الله تَعَالَى، وليوم وَاحِد فِي حرم الله تَعَالَى وأمنه أَرْجَى لَك وَأفضل من صِيَام الدَّهْر كُله وقيامه فِي غَيرهَا من الْبلدَانِ] اه.
وكما ضُعِّف فيها الثواب وعُظِّم؛ قُبِّح فيها الذنوب والمعاصي عن غيرها من البلاد؛ قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 402-403، ط. دار البشائر الإسلامية): [فإِن الذنبَ فيها أقبح منهُ في غيرِها، كما أنَّ الحَسَنَةَ فيها أعظمُ منها في غيرها. وأمَّا مَن استحبَّها فلِما يحصلُ فيها من الطَّاعَاتِ الَّتي لا تَحْصُلُ بغَيرِها مِنَ الطَّوَافِ وَتَضْعِيفِ الصَّلَوَاتِ والْحَسَنَاتِ وغيرِ ذلكَ] اه.
وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (1/ 52): [من هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة جزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات، والله أعلم] اه.
وقال العلامة البُهُوتِيُّ في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 488، ط. عالم الكتب): [إنَّ الحسنات والسيئات تتضاعف بالزمان والمكان الفاضل] اه.
تسمية مكة المكرمة ب "أم القرى"
لما كانت كثرة الأسماء وتعددها دليلًا على شرف المسمى ومكانته، بلغت مكة من كثرة الأسماء ما لم يماثله فيه غيرها من القرى والبلدان إلا المدينة المنورة.
قال الإمام النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (3/ 332، ط. دار الفكر): [واعلم أنَّ كثرة الأسماء تدل على عِظَم المسمَّى؛ كما في أسماء الله تعالى، وأسماء رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا نعلم بلدًا أكثر أسماء مِن مكة والمدينة؛ لكونهما أفضل الأرض، وذلك لكثرة الصفات المقتضية للتسمية] اه.
ومن الأسماء التي اختصت بها مكة المكرمة "أم القرى"؛ حيث قال تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الأنعام: 92]، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الشورى: 7].
سبب تسمية مكة المكرمة ب "أم القرى"
للعلماء في بيان سبب تسميها بأم القرى عدة تفسيرات ومنها:
أنها سميت بذلك؛ لأن الأرض دحيت من تحتها، أي: بسطت، فصارت كأنها تولدت عنها كما يتولد الأبناء عن الأم؛ قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (1/ 108): [وقد قيل إن مكة سميت "أمَّ القُرى"؛ لتقدُّمها أمامَ جميعِها، وجَمْعِها ما سواها. وقيل: إنما سُميت بذلك؛ لأن الأرض دُحِيَتْ منها فصارت لجميعها أمًّا] اه.
وقال العلامة مكي بن أبي طالب في "الهداية إلى بلوغ النهاية" (3/ 2102، ط. جامعة الشارقة): [وأم القرى: مكة، (ومن حولها): شرقًا وغربًا. وسميت: "أُمَّ القرى"؛ لأن الأرض دُحيت منها، أي: بُسِطَت] اه.
ومنها: أنها سميت بذلك؛ لكونها أعظم القرى شأنًا، فجميع الناس والقرى يقصدونها ويؤمونها فصارت لهم بمنزلة الأم، أو لأن أول بيت وضع للناس كان بها؛ قال العلامة الزَّجَّاجُ في "معاني القرآن وإعرابه" (2/ 271، ط. عالم الكتب): [وأُمُّ الْقُرَى مكة؛ سميت أُمَّ الْقُرَى لأنها كانت أعظم القرى شأنًا] اه.
وقال العلامة السمرقندي في "بحر العلوم" (1/ 501، ط. دار الكتب العلمية): [وإنما سميت أم القرى؛ لأن الأرض كلها دُحِيَتْ من تحت الكعبة. ويقال: لأنها مثلث قبلة للناس جميعًا، أي: يؤمونها. ويقال: سميت أم القرى؛ لأنها أعظم القرى شأنًا ومنزلة] اه.
وقال العلامة ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1345، ط. نزار مصطفى الباز): [أما أم القرى فهي مكة، وإنما سميت أم القرى لأن أول بيت وضع بها] اه.
ومنها أنها سميت بذلك؛ لكونها أقدم القُرى وأشهرها؛ قال العلامة الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (7/ 372، ط. الدار التونسية): [وإنما سميت مكة أم القرى؛ لأنها أقدم القرى وأشهرها، وما تَقَرَّتِ القرى في بلاد العرب إلَّا بعدها، فسماها العرب أم القرى، وكان عرب الحجاز قبلها سكان خيام] اه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.