حزب الوعي يشارك في احتفالية اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية    عاجل- قناة السويس تنجح في إنقاذ ناقلة نفط جانحة دون تأثر حركة الملاحة.. الفريق أسامة ربيع: "الإنقاذ تم خلال 30 دقيقة والملاحة منتظمة من الاتجاهين"    حماس: لا علاقة لنا بحادث إطلاق النار في رفح ونؤكد التزامنا باتفاق غزة    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    إحالة صانع المحتوى محمد عبد العاطي للمحاكمة بتهمة نشر محتوى خادش للحياء    قناة MBC مصر تكشف خريطتها البرامجية الجديدة: عودة برنامجي ذا فويس وأبلة فاهيتا    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    مجلس الوزراء يوافق على تعديل مواد في نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج    اسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء    مباشر كأس الملك - النصر (1)-(1) اتحاد جدة.. جوووووووول التعادل    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب بحر باندا بإندونيسيا    الصين وأمريكا تتوصلان لتوافق مبدئي بشأن تمديد الهدنة التجارية    الذكاء العربى الجماعى.. من أجل ميلاد جديد للعمل العربى المشترك    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    مرور مكثف على وحدات الرعاية الأساسية بالمنوفية ومتابعة جاهزية وحدة شوشاي للاعتماد    بعد قرار «الأهلي» برفع حدود الإيداع.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وال ATM    محافظ القاهرة: المراحل الجديدة من تطوير العتبة قريبا.. وتخصيص 500 مكان للباعة الجائلين    كورييري ديلو سبورت: إصابة دي بروين تبعده لمدة قد تصل إلى 4 أشهر    هل تواجه مصر فقاعة عقارية؟.. رجل أعمال يجيب    عنف التلامذة!    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    «صحح مفاهيمك».. أوقاف كفر الشيخ تنظّم فاعليات توعوية بالمدارس    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    فيديو.. سفير طوكيو لدى القاهرة: مساهمات اليابان في المتحف المصري الكبير تقوم على 3 ركائز    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    محافظ كفر الشيخ: أسواق اليوم الواحد تضمن وصول السلع للموطنين بأسعار مناسبة    جوارديولا يُشيد ب عمر مرموش قبل مباراة مانشستر سيتي القادمة.. ماذا قال؟    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    طرح أغنية كلكوا فلة ل بوسى والعسيلى من فيلم السادة الأفاضل    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    السياحة: استعدادات مكثفة داخل المتحف المصرى الكبير تمهيدا للافتتاح المرتقب    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    وجبة الإفطار مرآة جسمك.. ما لا يخبرك به فقدان الشهية الصباحية عن حالتك الهرمونية والنفسية    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    بعد خسائر 130 دولارًا| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم الدين في معاملات ال الفوركس FOREX المالية.. كل الأدلة أجمعت على الحرمة
نشر في صدى البلد يوم 09 - 12 - 2022

وردت إلى دار الإفتاء المصرية أسئلة كثيرة تطلب بيان الحكم الشرعي في معاملة مستحدثة وقد اصطلح على تسمية هذه المعاملة اختصارًا ب(الفوركس FOREX) وهي تتعلق بمبادلة العملات الأجنبية في عدد من الأسواق العالمية؛ ويطلبون الحكم الشرعي عنها.

وقالت دار الإفتاء، إن (الفوركس FOREX) فيها يدفع العميل مبلغًا من العملات الأجنبية يقوم بإيداعه لوسيط، هو شركة سمسرة أو بنك أو غير ذلك، ويقوم الوسيط في المقابل بإضافة مبلغ من العملات لرفع مقدار ذلك الرصيد المُودَع في حسابه؛ وذلك لتعظيم القدر المالي الذي يدفعه المتعامل لزيادة نسبة المتاجرة في صفقات التبادل، وقد يصل المقدار الذي يضعه الوسيط في حساب العميل من خمسين ضعفًا إلى خمسمائة ضعف مما أودعه المستثمر في حساب هذه الصفقة، ويقوم الوسيط بمبادلتها بعملات أخرى لصالح هذا العميل.

وأكدت دار الإفتاء، أنه بعد بحث ودراسة مستفيضة لهذا النوع من التعامل ترى دارُ الإفتاء المصريةُ تحريمَ معاملة الفوركس والمنعَ من الاشتراك فيها. وقد أفتت بذلك أيضًا بعض المؤسسات الفقهية؛ كمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة.

وقالت إن انتشار معاملة بعينها يتطلب عند الإفتاء فيها قدرًا كبيرًا من الحرص والتحري في كل مراحل الإفتاء الأربع: التصوير، والتكييف، والحكم، وإصدار الفتوى؛ حيث تتناسب الحاجة للبحث والتحري طرديًّا مع انتشار المعاملة، فالفتوى من حيث انتشارُها ثلاثة أنواع:
فتوى شخصية، وفتوى عامة، وفتوى أمة.
والحاجة للتحري والبحث في فتاوى الأمة تكون في أعلى درجاتها، تليها في ذلك الفتاوى العامة، ثم الفتاوى الشخصية.
ومعاملة الفوركس FOREX يمكن تصنيفها على أقل تقدير لحجم انتشارها أنها من الفتاوى العامة؛ وهذا يعني أنها تحتاج لمزيد من التحري والبحث؛ لعموم البلوى بها.
وكلمة الفوركس FOREX هي اختصار لكلمتَي Foreign Exchange ومعناهما: صرف العملات الأجنبية.
والصورة الغالبة على هذه المعاملة: أنها تتم من خلال ما يعرف بالهامش -المارجن Margin-.
ويُقصَد بهذه الصورة: أن يدفع العميل مبلغًا من العملات الأجنبية يقوم بإيداعه لدى الوسيط في حساب الصفقة التي يريد إتمامها، ويقوم الوسيط في المقابل بإضافة مبلغ من العملات لرفع مقدار ذلك الرصيد المُودَع في حسابه، وقد يصل المقدار الذي يضعه الوسيط في حساب المستثمر في هذه الصفقة من خمسين ضعفًا إلى خمسمائة ضعف مما أودعه المستثمر في حساب هذه الصفقة؛ ولذلك يُسمَّى الهامش.
والغرض من المعاملة بالهامش: منع إجمالي حساب المستثمر من السقوط إلى ميزان سلبي في سوق سريعة شديدة التقلب.
ويمكن تفصيل المارجن على النحو التالي:
1. حساب المارجن Margin Account: وهو إجمالي المبلغ المودع في حساب المتاجرة؛ شاملًا ما دفعه العميل وما دفعه الوسيط.
2. المارجن المطلوب Required Margin: وهو المال المطلوب من العميل إيداعُه لدى الوسيط لفتح صفقة متاجرة، ويُسمَّى الهامش، وتكون نسبته من 1: 50 إلى 1: 400 من إجمالي المبلغ المودع في حساب المتاجرة؛ بحسب النظام الذي يتبعه الوسيط، ويظهر كنسبة مئوية 20% للنسبة 1: 500، و0.25% للنسبة 1: 400، و0.50% للنسبة 1: 200، و1% للنسبة 1: 100، و2% للنسبة 1: 50 ... وهكذا.
وبناء على المارجن الذي يطلبه السمسار يمكن للعميل أن يحسب قوة الرفع القصوى في حسابه التي يسوغ له أن يستخدمها في تجارته.
3. المارجن المستعمل Used Margin: وهو المال الذي يدفعه الوسيط كرافعة مالية لإجراء الصفقات للعميل، ويكون تحت يد الوسيط لفترة يتم فيها تغطية صفقات العميل المفتوحة، وهي أموال مختصة بالعميل لكنه لا يستطيع أن يستردها إلا إذا أرجعها الوسيط في حالة مكسبه، أما إذا خسرت التجارة فإن الوسيط يقوم باستيفاء جزء من المارجن أو المارجن كله ليضمن رد الأموال؛ فهو في قوة التأمين، وإذا لم يغلق العميل تجارته بنفسه ووصلت خسارته إلى حد المارجن فإنه يتم تسليم العميل رسالة (نداء الهامش) لتصفية كل صفقاته أو بعضها، ونداءُ الهامش يُمَكِّن العميلَ من مراقبة رصيد الحساب بشكل منتظم جدًّا لتقليل الخطر؛ فيمكنه إصدار أوامر توقف الخسارة على كل صفقة مفتوحة.
4. المارجن الصالح للاستعمال Usable Margin: هي كمية المال المسموح بالتصرف فيها في حساب العميل للدخول في صفقة جديدة بعد حجز المارجن المستعمل أو التأمين الذي يضمن به الوسيط رد الخسائر.
والفوركس FOREX منتج اقتصادي مالي ابتكره سماسرة العملات الأجنبية لجذب الأفراد الراغبين في استثمار أموالهم وتحقيق أرباح عالية إلى ممارسة الاتجار في العملات النقدية الدولية؛ حيث تتم المضاربة عن طريق شراء وبيع العملات الأساسية التي تحوز على الحصة الأساسية من العمليات في سوق صرف العملات الأجنبية Foreign Exchange Market، وهي عملات: الدولار الأمريكي (USD) (العملة الأساسية)، واليورو (EUR)، والجنيه الإسترليني (GBP)، والفرنك السويسري (CHF)، والين الياباني (JPY).
وتُستَخدَمُ في هذه المعاملة نظم إلكترونية رقمية حديثة تُوظَّف من خلال شبكة الاتصالات والمعلومات العالمية (الإنترنت)، في سوق مفتوحة طوال ساعات اليوم.
وتتم عمليات صرف العملات الأجنبية في هذه السوق من خلال ما يعرف بأزواج العملات وذلك في مقابل الدولار الأمريكي أو أية عملة مقابل عملة أخرى في القيمة، ويُحدَّدُ سعرُ تحويل العملة المعينة بالنسبة لعملة أخرى من خلال آلية العرض والطلب للتحويل الذي لا بدَّ فيه من موافقة الطرفين على السعر وإتمام عملية التحويل.
وسوق صرف العملات الأجنبية هو سوق افتراضي؛ حيث تتم الصفقات فيه عن طريق الاتصال الهاتفي والإنترنت في وقت واحد بين مئات البنوك حول العالم بمئات الملايين من الدولارات تُباع وتُشتَرَى كل بضع ثوانٍ.
ويجمع سوق الفوركس أربع أسواق إقليمية: الأسترالية والآسيوية والأوروبية والأمريكية.
وتستمر عمليات المتاجرة فيه كل أيام العمل، ويعمل السوق على مدار الساعة (أي 24 ساعة في اليوم)، ويُلاحَظ هدوء نسبي من الساعة 20.00 الثامنة مساء وحتى 01.00 الواحدة صباحًا بتوقيت جرينتش؛ ويُعزى ذلك لإغلاق بورصة نيويورك في الثامنة مساء وبدء بورصة طوكيو العملَ في الواحدة صباحًا، والحجم اليومي لتداول العملات في سوق الفوركس يصل إلى 3 ترليون دولار.
ويتنوع المتعاملون في سوق صرف العملات الدولية: بين البنوك المركزية، والبنوك، وسماسرة النقد الأجنبي، والأفراد، والشركات.
ومن خلال هذا البيان لحقيقة معاملة الفوركس FOREX يتضح أنها ليست المعاملة الوحيدة التي تجري في سوق صرف العملات الأجنبية Foreign Exchange Market، بل هذه السوق مجالٌ لممارسة هذه المعاملة ومعاملات أخرى غيرها.
ومن أهم المعاملات ذات الصلة بمعاملة الفوركس FOREX التي تمارس في سوق النقد الأجنبي: المعاملات في البنكنوت، وفي التحويلات، والمعاملات الحاضرة (Spot)، والمعاملات الآجلة (Forward)، والمستقبليات (Futures)، ومقايضة العملات (Swaps)، والاختيارات (Options).
ومعاملة الفوركس من المعاملات ذات التفاصيل الفنية الدقيقة، وهناك عدد من الممارسين لهذه المعاملة في سوق تبادل العملات.
وقد قابَلَتْ أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية عددًا من الخبراء الذين يمثلون أهم نوعين من هؤلاء الممارسين لهذه المعاملة؛ فقابلت: خبراء يمثلون البنوك، وخبراء يمثلون شركات السمسرة. وكان من أهم ما نبَّه عليه خبراء البنوك في هذا السياق:
- أن التعامل بنظام الفوركس مع البنوك يضيف عنصرًا من الحماية للمستثمر يتمثل فيما يتعلق بالأعراف والتقاليد البنكية التي تجعل البنوك عند الخلاف مع المستثمر حريصة على حل هذا النزاع بصورة تحافظ على سمعتها البنكية.
- وأن الوسطاء (السماسرة) يدربون المستثمر على نماذج (Demo، Software) عند بداية التعامل، وهذه النماذج لا تعبر عن الحركة الحقيقية للتعامل في أسواق تبادل العملات؛ فإن الثَّانيةَ تؤثر فيها.
- وأن الخبرة عامل مهم جدًّا في عالم الوساطة في هذه المعاملة، وخاصة في جانب تقليل احتمالات الخسائر، ولكن تبقى هذه الاحتمالات هي الأعلى في الأسواق المالية.
وكان من أهم ما نبَّه إليه خبراء الشركات العاملة في نشاط الفوركس:
- أن كثيرًا من الشركات التي تقوم بجمع الأموال من المستثمرين الراغبين في العمل في هذه المعاملة وتقوم بدور السمسار قد تكون في الحقيقة مجرد سمسار لشركة أكبر هي التي تنفذ عمليات التبادل في سوق تبادل العملات.
- وأن هناك شركات كبرى تعمل في هذا النشاط ذات قوانين صارمة تحاول من خلالها الوصول لثقة المستثمر، ولكن يبقى الأساس في تعامل المستثمر مع هذه الشركات هو الثقة بها.
وعليه: فالفوركس مشتملة على صورة مركَّبة منهي شرعًا عن اجتماع أفرادها. ثم إنها مشتملة أيضًا على الجمع بين عقدي البيع والسمسرة الذي هو في معنى القراض (المضاربة)، وقد منع المالكية كما ذكرنا من الجمع بينهما.
وهذا كله يتجه البحثُ فيه على قول من يمنع إحداث عقود جديدة؛ بسيطة أو مركبة، من غير الفقه الموروث، ويلتزم بالعقود المسمَّاة في الفقه الموروث، والتحقيق الذي عليه العمل والفتوى: جواز ذلك، بشرط الخلو من الغرر والضرر.
والحق أن معاملة الفوركس على كلا الرأيين حرام شرعًا، ويجب منعها: أما على القول بضرورة الالتزام بالعقود المسمَّاة وعدم جواز إحداث عقود جديدة: فإن معاملة الفوركس قد أصابها الخلل الذي يمنع من تركيب العقود من جهات أخرى.
وأما على ما عليه التحقيق من جواز إحداث عقود جديدة من غير المسمَّاة في الفقه الموروث: فإن ذلك الجواز مشروط بخلو العقود المستحدثة من الغرر والضرر، وهذه المعاملة قد تحقق فيها الغرر والضرر في أشد صورهما:
أما الغرر: فقد اتفق الاقتصاديون وخبراء المال على أن معاملة الفوركس قد حوت أكبر قدر من الغرر في العقود المالية الحديثة على الإطلاق، وأنها أصبحت بذلك أشبه بالمقامرة التي تؤدي إلى الخراب المالي على مستوى الأفراد والجماعات والمؤسسات؛ لِمَا تحويه من المخاطرة الكبيرة التي تشتمل عليها هذه المعاملة في أصلها؛ حيث تعدُّ أشدَّ المعاملات في الأسواق المالية خطورة، وتزداد احتمالات الخطورة ضراوة عند ممارسة هذه المعاملة مع الرافعة المالية؛ بحيث تصبح ضربًا من المجازفة التي لا يستطيع معها أحد توقع حجم الخسائر التي تلحق بالعميل.
وأما الضرر: فلما اشتملت عليه هذه المعاملة من ضرر بالغ يتمثل في إذعان العميل بتحمله الكامل لنتائج هذه المعاملة الشديدة المخاطرة دون أدنى مسئولية على البنك أو السمسار.
ومما يدل على تحريم هذه المعاملة أيضًا: أنها تشتمل على كثير من المخالفات الشرعية الأخرى؛ وأهمها:
1- جهالة العملاء الممارسين لهذه المعاملة للقواعد المهنية التي يجب اتباعها لتخفيف احتمالات الخسائر.
2- وممارسة هذه المعاملة تشهد بعدم قدرة العملاء على متابعة العمليات المنفذة بما يجعلهم لا يستطيعون القيام بالمراقبة التي تسمح لهم بالتأكد من تنفيذ البنك أو السمسار لعملية المضاربة في الأوقات التي تم فيها إصدار الأمر لهم بالشراء.

وهذا يرجع لارتفاع مقابل تأجير الشاشات التي تسمح للعملاء بذلك، بجانب أن كثيرًا من الشاشات التي تتوفر للعملاء تكون مجرد شاشات محاكاة للشاشات الأصلية بما يعني وجود فارق زمني بين هذه الشاشات والشاشات الأصلية، وهذه المعاملة يعدُّ عنصرُ الوقت من أهم العناصر فيها؛ مما يقتضي أن الخلل فيه سيؤثر بلا شك على ممارستها على الوجه الصحيح.
3- وأن العميل ليس لديه سبيل يستطيع الاعتماد عليه في معرفة مهنية السماسرة العاملين في هذه المعاملة إلا بالتعامل معهم؛ بحيث يكون التعاقد معهم مبنيًّا بدرجة كبيرة على الثقة فيهم دون وجود قواعد مهنية يمكن التحاكم إليها.

4- تهدد هذه المعاملة اقتصاديات الدول بصورة واضحة كما سبق أن ذكرنا؛ فمن الممكن أن يؤثر يومُ عملٍ في سوق العملات على عملة دولة، وما وقع في الثمانينيات في دول شرق آسيا شاهد على ذلك.

5- عدم توافر الحماية القانونية في كثير من الدول للمتعاملين بهذه المعاملة؛ حيث يحصل السماسرة على تراخيص مستخرجة من دول أجنبية، كما هو الحال في معظم السماسرة في مصر الذين يحصلون على تراخيص شركاتهم من قبرص؛ بما يعني عدم قدرة العميل على مقاضاة السمسار إذا خالف أوامر العميل أو ارتكب خطأ مهنيًّا جسيمًا ترتب عليه خسارةُ العميل.

6- واقع المعاملة يكشف عن نوع خفي من التغرير بالعملاء؛ وهو أن السمسار الذي يجمع الأموال من العملاء يظهر وكأنه هو المضارب بنفسه، مع أنه ليس إلا مجرد وكيل لسمسار آخر. فإذا وقع أي خلل كان العميل غير قادر على الوصول بأي سبيل لحقه في الضمان.
وقد ذهب لمنع التعامل في الفوركس بعض المؤسسات الفقهية؛ كمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة.
ولذا نرى تحريم معاملة الفوركس والمنع من الاشتراك فيها؛ لِمَا تشتمل عليه ممارستها من مخاطر على العملاء والدول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.