إن الحماقة أعيت من يداويها، والمتتبع لتصريحات القيادي الإخواني عصام العريان يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أننا أمام شخص مصاب بداء الحماقة، لا يدرك كنه ولا معنى ما يقول، إذا هاج أصبحت الكلمات تتخبط في فمه تخبط الممسوس، لا يفرق في خطابه بين مخاطبة فئة أو جماعة أو شريحة اجتماعية أو شعب بأكمله أو دولة ذات سيادة، الأمر الذي أصاب هذا الخطاب بالضحالة الفكرية والغباء السياسي، حتى لقد أفقده مصداقيته، وكشف نفاقه وكذبه، خاصة بعد أن انقلب على من كان يسبح بوطنيتهم وثقتهم وتحالفهم مثل د.محمد البرادعي. خرج عن طوره وفقد توازنه بعد أن أصبحت جماعته في السلطة، فلم يترك منذ 30 يونيو 2012 حتى الآن مثله مثل أي قيادة إخوانية تجمعا مصريا وطنيا ولا قيادة مصرية وطنية إلا سعى إلى تلويثها بإدعاء الأكاذيب عليها وشتمها وسبها، حاول تشويه صورة الرئيس جمال عبد الناصر، من خلال التجني عليه وإدعاء أنه "ضحى بأكثر من سبعين ألفًا من جنود مصر في صحراء سيناء وجبال اليمن على مذبح شهوة السلطة"، ودعا اليهود للعودة إلى مصر متهما عبد الناصر بطردهم. وهاجم واتهم المعارضة الوطنية بإسالة الدماء والبلطجة السياسية، وأسأ لمحمد البرادعي وحمدين الصباحي وغيرهما من قيادات جبهة الإنقاذ الوطني وكال لليسار المصري وجيل الستينيات من المثقفين على مواقفهم من نظام جماعته، ولم يسلم الإعلام من لسانه إذ هاجم المذيعة جيهان منصور الأمر الذي اضطرها إلى رفع قضية سب وقذف ضدها كسبتها وحكم عليه بغرامة 15 ألف جنيه، وهاجم وائل الإبراشي فرد الأخير "هفضحك بالمستندات"، بل وصل به الأمر لتهديد الشعب المصري أنه ما لم يكمل محمد مرسي مدته الرئاسية فلن يكمل أي رئيس قادم. في هذا السياق يمكن تفسير هجموم العريان على دولة الإمارات الشقيقة، والتي لا يمكن بحال من الأحوال أن يؤثر كلام الحماقة في علاقاتها مع مصر وشعبها، فالشعبان الإماراتي والمصري تربطهما أخوة راسخة، والشعب المصري لا يمكن أن ينسى فضل الشقيق الإماراتي في شدائده ومحنه منذ عهد الرئيس عبد الناصر، وربما أذكر أنه في المرات السابقة التي تطاولت فيها بعض قيادات الإخوان على الامارات، حمل ميدان التحرير في الكثير من مظاهراته الأخيرة صورا لحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تأكيدا على أن الامارات في القلب وأن الشعب المصري برئ وغير راض عن تطاولات الإخوان. يضحي العريان بعلاقات الدولة والشعب من أجل مجموعة من إخوانه متهمين في قضايا ينظرها القضاء الإماراتي، في الوقت الذي لم يسمعه أحد ينبس ببنت شفة عن الضباط المصريين الذين يشير البعض إلى خطف حماس لهم، لم يتضامن مع زوجاتهم وأبنائهم، لم يسمعه أحد يطالب بالكشف عن الإرهابيين الذين قتلوا 17 جنديا في سيناء على الإفطار في رمضان المصري، لم يسمعه أحد يطالب بالقبض على الإرهابيين الذي اختطفوا الجنود السبعة الشهر الماضي، أو بالقبض على قتلة النقيب محمد عبد العزيز أبو شقرا الذي قتله إرهابيون في مدينة العريش. لكن كيف يتكلم فيسئ لمن ينتمي إليهم ويحتمي بهم من الارهابيين أنصار وحلفاء جماعته ورئيسه؟ هو فقط يدافع ويهاجم ويحرض ويهدد انتصارا لرجال الجماعة وحلفائها، وليذهب أبناء الشعب المصري ومصالحه وعلاقاته العربية إلى الجحيم، ولما لا وجماعته تعتبر الخارجين عليها من هؤلاء أبناء مصر كفارا ومنافقين. لا أريد تكرار ما قال، لكن ألا يعتبر حديثه تدخلا في شئون دولة شقيقة ومحاولة لابتزاز قضائها للخروج عن عدالته في القضية التي ينظرها، وهي قضية ليست بالهينة أو اليسيرة حيث أنها ترتبط بكيان وأمن الدولة، ووفقا لما نشر سعى المتهمون إلى زعزعة استقرارها وأمنها الداخلي، لما لا يلم العريان أصابعه وأصابع جماعته عن اللعب في الشئون الداخلية لدولة شقيقة تحترم دستورها وقضاءها وأمنها وأمن شعبها، ويكفيه ما ارتكبته جماعته ومندوبها في القصر الرئاسي ضد دستور مصر وقضاءها وأمنها وأمن شعبها. ثم إن هذا الحديث الهزلي الهذياني لا يمت للواقع بصلة، فإيران التي يحرضها ويهدد الإمارات بقدومها واستعبادها، لم تجرأ في تاريخ علاقاتها مع الإمارات أن تقول مثل هذا الكلام القبيح، أو أن تتفوه بكلام ساذج عبيط وغير واقعي كهذا. إن حكام الإمارات من الحكمة والذكاء والحنكة السياسية أن يدركوا أن ما يمارسه العريان وجماعته ومندوبها في الرئاسة المصرية من حماقة ممتلئة ضغينة وحقدا، هو نفسه يمارس على مصر وشعبها، وأظن أنهم على دراية بما جري ويجري على الساحة المصرية والخراب الذي حل عليها منذ مجئ مندوب مكتب الإرشاد رئيسا. وأخيرا لابد أن يدرك أشقاؤنا في الإمارات حكومة وشعبا أن الشعب المصري برئ من هزل وهذيان العريان، وإن قلوب أبنائه ستظل تدين بالحب والاحترام والتقدير لهم، ولن تتخلى أبدا تحت أي ظرف عن ترسيخ أواصر المودة والإخوة. المزيد من أعمدة محمد الحمامصي