وثق مشروع "عاش هنا" الذي أطلقه الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، برئاسة المهندس محمد أبو سعدة مسيرة الكاتب الراحل جمال الغيطاني، وزوجته الراحلة ماجدة الجندي، من خلال وضع لافتة على منزلهما الكائن في شارع مصطفى كامل في المعادي الجديدة بالقاهرة. يهدف مشروع عاش هنا، إلى تخليد ذكرى رموز مصر من الرواد والمبدعين الذين أسهموا في استكمال مسيرة مصر الحضارية عبر تاريخها، وستظل بصماتهم نبراسًا للأجيال القادمة. مشروع "عاش هنا" مشروع "عاش هنا" التابع لجهاز التنسيق الحضاري بوزارة الثقافة، يهدف إلى توثيق المباني والأماكن التي عاش بها الفنانون والسينمائيون وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث. وينفذ المشروع بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويتم الاستعانة بالمهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها. جمال الغيطاني، روائي وصحفي مصري ورئيس تحرير صحيفة أخبار الأدب المصرية، وصف بأنه صاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجًا، وقد تأثر كثيرا بصديقه وأستاذه الكاتب نجيب محفوظ. ولعب ذلك دورا أساسيًا لبلوغه هذه المرحلة مع اطلاعه الموسوعي على الأدب القديم، وساهم الغيطاني في إحياء الكثير من النصوص العربية المنسية وإعادة اكتشاف الأدب العربي القديم بنظرة معاصرة جادة، كما وصف الغيطاني بأنه قامة أدبية كبيرة وأحد رواد الرواية والسرد في مصر والعالم العربي، وأحد أبرز الأصوات الروائية العربية في نصف القرن الأخير. الانطلاقه الأدبية الأولى لجمال الغيطاني عام 1965، ظلّ ينشر قصصه في دوريات مصرية وعربية كثيرة، وانتمى الغيطاني بشكل ما لمجموعة مثقفين وكتّاب تقدميين ذوي ميول يسارية، منهم إبراهيم فتحي وأحمد الخميسي وغالب هلسا وسيد خميس وصلاح عيسى ويحيى الطاهر عبدالله وصبري حافظ وسيد حجاب وعبد الرحمن الأبنودي وغيرهم. وتأثر كتاب تلك الموجة الجديدة ومنهم الغيطاني بهزيمة حرب 1967، والتي تركت بصماتها على أشياء كثيرة في الحياة العربية، ومنها الحياة الثقافية، وحاول بعضهم الانسلاخ عن إرثه الثقافي، لاعتقادهم أن به بذور الجمود التي أدت للهزيمة، بينما لجأ البعض الآخر إلى هذا الإرث، متأملا في جمالياته ومستلهما منه مستقبلا مؤسسا على الجذور. ووفقا لنضال ممدوح، فقد أخلص الغيطاني وانحاز لمكونات الشخصية المصرية القبطية الإسلامية، وعراقتها الحضارية التاريخية التي صنعتها حالة التلاقح ما بين شفافية الوجد الصوفي وعذوبة التراتيل والألحان الكنسية، ومعرفته بالتراث المسيحي بقدر معرفته بالتراث الإسلامي المصري، ونقلت عن الكاتب فرنسوا باسيلي قوله: «انتعاش الغيطانى وهو يستمع إلى الألحان والتراتيل القبطية في الكنيسة ليلة الميلاد هو بعض من اهتمامه ومعرفته الواسعة بالتراث المسيحي القبطي في مصر، ومعرفته بهذا التراث تدهشني شخصيا أنا القبطي ابن رجل الدين المسيحي الذي تكتظ مكتبته بأشكال وألوان من هذا التراث في صوره المكتوبة والمسموعة والمرئية». ووصفت مجموعته القصصية الأولى "أوراق شاب عاش منذ ألف عام"، بأنها "بروفة أولى على هيئة ماكيت لجميع النصوص السردية التي أتت بعد ذلك"، وخصوصا رواية "الزينى بركات".