يعتبر سيغيسموند شلومو فرويد هو مؤسس علم التحليل النفسي فهو طبيب نمساوي من أصل يهودي، اختص بدراسة الطب العصبي ومفكر حر، حيث انه يعرف بطبيب الأعصاب النمساوي الذي أسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث. واشتهر بنظريات العقل واللاواعي، وآلية الدفاع عن القمع وخلق الممارسة السريرية في التحليل النفسي لعلاج الأمراض النفسية عن طريق الحوار بين المريض والمحلل النفسي. كما اشتهر بتقنية إعادة تحديد الرغبة الجنسية والطاقة التحفيزية الأولية للحياة البشرية، فضلا عن التقنيات العلاجية، بما في ذلك استخدام طريقة تكوين الجمعيات وحلقات العلاج النفسي، ونظريته من التحول في العلاقة العلاجية، وتفسير الأحلام كمصادر للنظرة الثاقبة عن رغبات اللاوعي. في حين أنه تم تجاوز الكثير من أفكار فرويد، أو قد تم تعديلها من قبل المحافظين الجدد و"الفرويديين" في نهاية القرن العشرين ومع التقدم في مجال علم النفس بدأت تظهر العديد من العيوب في كثير من نظرياته، ومع هذا تبقى أساليب وأفكار فرويد مهمة في تاريخ الطرق السريرية وديناميكية النفس وفي الأوساط الأكاديمية، وأفكاره لا تزال تؤثر في بعض العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية ولد سيجموند فرويد في 6 مايو 1856 في أسرة تنتمي إلى الجالية اليهودية في بلدة بريبور بمنطقة مورافيا التابعة آنذاك للإمبراطورية النمساوية، والتي هي الآن جزء من جمهورية التشيك. أنجبه والده جاكوب عندما بلغ 41 عاما وكان تاجر صوف، يذكر انه كان صارما متسلطا، وكان قد أنجب طفلين من زواج سابق. والدته أمالي (ولدت ناتانسون) كانت الزوجة الثالثة لأبيه جاكوب. كان فرويد الأول من ثمانية أشقاء، ونظرا لذكائه المبكر، كان والداه يفضلانه على بقية إخوته في المراحل المبكرة من طفولته وضحوا بكل شيء لمنحه التعليم السليم على الرغم من الفقر الذي عانت منه الأسرة بسبب الأزمة الاقتصادية آنذاك. وفي عام 1857، خسر والد فرويد تجارته، وانتقلت العائلة إلى لايبزيغ قبل أن تستقر في فيينا. وفي عام 1865، دخل سيغموند مدرسة بارزة-و هي مدرسة كومونال ريل جيمنازيوم الموجودة في حي ليوبولدشتات ذي الأغلبية اليهودية- حينها. وكان فرويد تلميذا متفوقا وتخرج في ماتورا في عام 1873 مع مرتبة الشرف. كان فرويد قد خطط لدراسة القانون، لكن بدلًا من ذلك انضم إلى كلية الطب في جامعة فيينا للدراسة تحت إشراف البروفسور الدارويني كارل كلاوس. وفي ذلك الوقت، كانت حياة ثعبان البحر لا تزال مجهولة، مما حدى بفرويد أن يقضي أربعة أسابيع في مركز نمساوي للأبحاث الحيوانية في ترييستي ليقوم بتشريح المئات من الثعابين البحرية في بحث غير ناجح عن أعضائها الجنسية الذكورية. كان فرويد تلميذا متفوقا دائمًا، احتل المرتبة الأولى في صفه عند التخرج ولم يكن مسموحا لإخوانه واخواته أن يدرسوا الآلات الموسيقية في البيت لأن هذا كان يزعج فرويد ويعوقه عن التركيز في دراساته. التحق بمدرسة الطب عندما بلغ السابعة عشرة من عمره، ولكنه مكث بها ثماني سنوات لكي ينهي الدراسة التي تستغرق عادة أربع سنوات، ويرجع ذلك إلى متابعته وانشغاله بكثير من الاهتمامات خارج مجال الطب. ولم يكن فرويد مهتما في الحقيقة بأن يصبح طبيبا ولكنه رأى أن دراسة الطب هي الطريق إلى الانغماس في البحث العلمي. وكان أمل فرويد أن يصبح عالما في التشريح، ونشر عددا من البحوث العلمية في هذا المجال وسرعان ما أدرك أن التقدم في مدارج العلم ومراتبه سيكون بطيئا بحكم انتمائه العرقي وإدراكه، فضلا عن حاجته إلى المال دفعاه إلى الممارسة الإكلينيكية كمتخصص في الأعصاب عام 1881م وقد عمل فى مستشفي فيينا الرئيسي، ونشر أبحاث عديدة في الأمراض العصبية وتسلم فرويد منحة صغيرة أتاحت له أن يسافر إلى باريس ويدرست في جامعة سالبتريير مع طبيب نفسي فرنسي مشهور هو جان مارتان شاركو، الذي كان يستخدم التنويم المغناطيسي في علاجه للهستيريا. وكانت هذه الزيارة هامة لفرويد لسببين على الأقل: السبب الأول أن فرويد تعلم من شاركوه أنه من الممكن علاج الهستيريا كاضطراب نفسي وليس كاضطراب عضوي، وكان فرويد يستخدم في ممارساته العلاج الكهربائي أي يوجه صدمة كهربائية مباشرة إلى العضو الذي يشكو منه المريض كالذراع المشلولة مثلا. والسبب الثاني أن فرويد سمع شاركوه ذات مساء يؤكد بحماس أن أساس المشكلات التي يعاني منها أحد مرضاه جنسي ولقد اعتبر فرويد هذه الملاحظة خبرة معلمة. ومنذ ذلك الحين عمد إلى الالتفات إلى إمكانية أن تكون المشكلات الجنسية سببا في الاضطراب الذي يعاني منه المريض. وعاد إلى فيينا. عمل طبيبًا خاصّٙا وطبق ما تعلمه من شاركو، وبدأ في إقناع زملائه بإمكانية تنفيذ ما وصل اليه من أبحاث الهستيريا، ولكنهم عارضوه، فأخذ على عاتقه تطبيق هذه الأبحاث. ولكن هذا النظام الجديد بدأت تظهر به بعض العيوب عند تطبيقه. وفي عام 1886 تزوج مارتا برزنيز وأنجب منها ستة أطفال؛ ثلاثة من البنين وثلاث من البنات، وأصبحت إحدى بناته طبيبة نفسية وهي آنا ولقد اشتهرت بعلاج الأطفال في لندن. توفي بسبب مرض السرطان الذي حاول إخفاءه مرارا لكن لم يفلح في ذلك، وحاول مرات عديدة الانتحار وذلك بسبب حالة الندم والحسرة في آخر عمره. حبث انه قد لاقى الكثير من الانتقادات ممن جاؤا بعده، وأثبتت دراسات حديثة انتقادات لنظرة فرويد الجامدة للجنسية عند الإنسان وكيف أنه أرجع كثير من الاضطرابات إلى عوامل جنسية بحتة، وتجاهل الجانب الاجتماعي وكيفية تأثيره في الشخصية السوية وتأثيره في العقد الجنسية. ولكن رغم الانتقادات كان لفرويد عظيم الفضل في تطور علم النفس ومبادئ كثيرة تستخدم في العلاج النفسي الآن.