لقد شهدت تقنيات التعليم الالكتروني تطورا كبيرا وانتشارا واسعا في السنوات السابقة في معظم دول العالم وأصبحت أدوات فعالة في نقل وإيصال المعلومات العلمية إلى التدريسيين والطلبة في مختلف البلدان . حيث أصبحت هذه التقنيات من أهم التطورات في مجال الاتصالات وبالتالي أدت إلى تطوير الأساليب التعليمية الجامعية طبقا لهذه المستجدات ، حيث وضعت العالم أمام ثورة جديدة في مجال التعليم وفتحت الأفاق الواسعة لأنواع جديدة من التعليم والتدريب في جميع المؤسسات التعليمية وخاصة في التعليم الجامعي والعالي . و ساهمت الاتجاهات الحديثة لتكنولوجيا التعليم في ظهور نظم جديدة ومتطورة للتعليم والتعلم والتي كان لها اكبر الأثر في إحداث تغيرات وتطورات ايجابية على الطريقة التي يتعلم بها الطلبة وطرائق وأساليب توصيل المعلومات العلمية إليهم وكذلك على محتوى وشكل المناهج الدراسية المقررة بما يتناسب مع هذه الاتجاهات . ومن النظم التي أفرزتها الاتجاهات الحديثة لتكنولوجيا التعليم ما يسمى التعليم الالكتروني والذي يعتمد على توظيف الحاسوب والانترنت والوسائل التفاعلية المتعددة بمختلف أنواعها في عملية التدريس . ولو ارادنا البحث في النموذج الكندي في التعليم الالكتروني لوجدنا انه لم تستطع المساحة الكبيرة التي تتمتع بها كندا كثاني اكبر دولة في العالم إن تقف حائلا أمام التواصل بين المدن و المقاطعات و القرى الكندية بمختلف مستوياتها. واستطاعت تكنولوجيا الحاسوب و الاتصالات التي تتميز بها كندا إن تحقق الأهداف التربوية التي ينشد المسئولون التربويون الكنديون بحصول اكبر عدد ممكن من السكان على حقهم في التعليم ومتابعته لأعلى المراحل الدراسية سواء لسكان المدن أو القرى . وتعتبر كندا واحده من أهم ثلاث دول في مجال التعليم الجامعي. إن النسبة المئوية التي تنفقها كندا على التعليم من الدخل القومي أعلى مما تنفقه أي دولة أخرى, وتعتبر كلفة التعليم في كندا تنافسية , ويتضح ذلك لمقارنه بين بعض الدول المتقدمة في مجال التعليم لكلفة سنة دراسية جامعية شاملة, رسوم الدراسة وتكاليف الأعاشه بالدولار الأمريكي حيث تبلغ في بريطانيا : 27400, وفي أمريكا ( حكومي )22600, ( خاص) 32100, أما في استراليا 23250, بينما في كندا 1500فقط. يعتبر مجلس الدراسات الكندي الجهة المشرفة في كندا عن التعليم عن بعد منذ سنوات حيث يقوم من خلال وسائل الاتصال الحديثة بتقديم هذه الخدمة للمدارس الكندية المختلفة ولطلبة الكليات و الجامعات و المنظمات الثقافية. وفرضت المساحات الشاسعة التي تتمتع بها كندا استخدام التعليم عن بعد في مختلف المناهج الدراسية من خلال شبكة الاتصال عبر القمر الصناعي. وتساعد هذه الطريقة الحديثة في التغلب على مشكلة عدم وجود متخصصين في بعض المناطق وخصوصا في بعض القرى التي تقع في أقصى الشمال و التي لا زال البعض منها يتحدث بلغة خاصة بعيده عن الإنجليزية أو الفرنسية باعتبارها اللغة الرسمية المعتمدة في كندا . ومن الجدير بالذكر فأن الجامعات الكندية لها تجارب متميزة في برامج التعلم عن بعد و التعلم الالكتروني. وحيث إنها ساهمت في تصميم برمجيات متميزة تمكن معد ومصمم المادة التعليمية من وضعها على الانترنت و التعامل معها بسهولة وكذلك توفير البيئة التعليمية المناسبة للمدارس وللدارس. ولا يقتصر الأمر على الطلبة إذ يستفيد منها المدرسين كذلك من خلال تقديم عدد من الدورات التدريبية لهم عبر الشبكة و الاعتماد على مبدأ العمل الجماعي الذي يوفر قدرا من التفاعل بين الأطراف المتصلة بالشبكة و التي لا توفر فقط المعلومة وإنما تتيح الفرصة كذلك للتفاعل مع الحضارات و الشعوب الأخرى. ويعتبر التعلم عن بعد دافعا لتعلم اللغات الأخرى حتى يستطيع المتلقي إن يتفاعل مع الآخرين من أعضاء الشبكة ويستفيد مما لديها من خبرات. تواجه كندا مشكلة المساحة الواسعة للمنطقة وما تقتضيه هذه المساحة من صعوبة في تواجد الخبرات و المصادر التعليمية (المصادر البشرية و المصادر المادية ) لتغطية جميع أنحاء كندا و مناطقها الشاسعة بالإضافة إلى وعورة بعض المناطق وسوء أحوالها الجوية مما يصعب تطبيق هذه التجربة أو إرسال التقنية في بعض المدن. نستطيع القول إن التعليم عن بعد في كندا تجربة تستحق الوقوف باعتبارها رافد للتعليم يوفر لطالبي العلم سواء داخل أو خارج كندا ما يحتاجونه من معلومات و مواد دراسية وتفاعل مع الآخرين رغم المسافات الشاسعة التي تفصل بين المتعلم والمعلم ولهذا فهي ضرورية لبلد مثل كندا نظرا لما يتمتع به من مساحة شاسعة كما ويرى أيضا بأن من الضروري تقوية وتوفير وسائل الاتصال المتعلقة وخاصة الانترنت و بسرعة عالية وكفاءة عالية لتحقيق عملية التفاعل و التواصل بين المتعلم والمعلم.