تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في واقعة اعتداء مدير مدرسة بالإسكندرية على طالب بالركل    أمين البحوث الإسلامية يتفقد منطقة وعظ أسيوط لمتابعة الأداء الدعوي    المالية تُعلن عن أكبر مزاد علني لبيع سيارات وبضائع حكومية 19 نوفمبر    مصر تتجاوز مليار دولار في الأمن السيبراني وتستعد لقيادة الحماية الرقمية    وزير الاستثمار: مصر تتطلع للتعاون مع تشاد في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة    القاهرة الإخبارية: إصابة 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة جنوبي طوباس بالضفة الغربية    السودان.. نيران الحرب ومخاطر التقسيم!    ألبانيا ضد إنجلترا.. شوط سلبى بتصفيات كأس العالم    وزير دفاع الاحتلال: قوات دولية ستتولى تفكيك قدرات حماس في غزة    تصفيات كأس العالم، إنجلترا تتعادل سلبيًا مع ألبانيا في الشوط الأول    وزارة الرياضة تشيد بالثورة الإنشائية بمركز التنمية الشبابية بزايد    بسبب وجبة الإفطار.. خلاف أسري يتحول إلى جريمة مروعة تهز حي أبو يوسف بالإسكندرية    تجديد حبس تشكيل عصابي بتهمة سرقة السيارات وتزوير أوراق ملكيتها    رئيس قطاع الفنون التشكيلية يفتتح "كادرات موازية" ضمن فعاليات القاهرة السينمائي    اعرفى عدد الوجبات التى يحب أن يتناولها الأبناء يوميا    منتخب مصر بالقميص الأحمر والأسود أمام كاب فيردي غداً    هاني تمام: برنامج دولة التلاوة أعاد الريادة لمصر وجمع المصريين حول القرآن    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    هاني تمام: برنامج «دولة التلاوة» جمع المصريين حول كتاب الله    "علوم" القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "أنت أقوى من المخدرات" غدا الإثنين.    محافظ الغربية : تنفيذ 66% من أعمال تطوير كورنيش محور محلة منوف    مصطفى كامل يطمئن جمهور الموسيقار عمر خيرت: حالته مستقرة ويجري فحوصات على الصدر    ميلان يدرس خطوة مبكرة لتمديد عقد مودريتش    حصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    لجنة التحقيق السورية في أحداث السويداء: أوقفنا عناصر من الدفاع والداخلية وأحيلوا للقضاء    طريقة عمل الدجاج المشوي المسحب بتتبيلة لا تقاوم    تعليم دمياط يواصل لقاءات مبادرة صوتك مسموع    محافظ الجيزة: الشعار الجديد للمحافظة يجسد إرثها الحضاري والعلمي    وزير الثقافة: المبنى الجديد لأكاديمية الفنون فرصة لتطوير مهارات الموهوبين    فارس الرواية المعاصرة    بعد 3 أسابيع.. مبيعات فيلم السادة الأفاضل تصل إلى 350 ألف تذكرة    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    نجل محمد صبري: والدي لم يكن يعاني من أي أمراض.. وطريقة لعبه تشبهه في كل شئ    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    زراعة بنى سويف تعاين مزرعتى ماشية و4 للدواجن وتصدر 6 تراخيص لمحال أعلاف    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يمنع عبور شاحنات المساعدات المحملة بالخيام والبطاطين إلى غزة    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    منافسات التارجت سبرنت تشعل اليوم الحادي عشر ببطولة العالم للرماية    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من إدوارد سعيد إلى «شبلى تلحمى»
نشر في صدى البلد يوم 16 - 03 - 2013

منذ رحل عن عالمنا المُفكر الفسلطينى، والناقد الأدبى العالمى، إدوارد سعيد، قبل عِدة سنوات، لم تعرف الساحة الأمريكية مُفكراً عربياً آخر ذا تأثير على الرأى العام ودوائر صُنع القرار، مثل الدكتور شبلى تلحمى، الذى يشغل كُرسى أنور السادات للسلام والتنمية بجامعة ميريلاند. ومثل إدوارد سعيد، فإن شبلى تلحمى هو بدوره من أصول فلسطينية.
ومثلما كان إدوارد سعيد غزير الإنتاج قوى الحجة، فكذلك شبلى تلحمى. مع فارق كبير فى طريقة التأثير. فقد كان إدوارد سعيد يعتمد على أسلوبه الأدبى الناقد والقاطع. أما شبلى تلحمى فهو يعتمد على لُغة الأرقام والحقائق الميدانية، التى يجمعها من مُقابلات واستبيانات آلاف المواطنين العرب، الذين يختارهم بعناية فائقة، ومنهجية عِلمية صارمة. ومن ثم تأتى نتائج دراساته غاية فى الأهمية، من حيث إنها تُقدم مادة عِلمية مُنضبطة، يمكن التعويل على دقتها ومصداقيتها، ويترك للقارئ حُرية استيعابها وتفسيرها.
وقد دأب شبلى تلحمى على تقديم هذا النوع من المعرفة العِلمية منذ قيامه بأول استطلاعاته للرأى العام العربى عام 2002م، إلى آخر هذه الاستطلاعات عام 2012م. وربما يذكر المُخضرمون ممن يُتابعون الشأن العام أن 2002 كانت سنة حاسمة فى إعادة صياغة النظام العالمى.
وفى تلك الحقبة، كان العالم العربى إحدى ساحات الصِراع بالوكالة بين الحُلفاء المحليين لكل من القوتين العظميين.
وقد وثّق هذه الحالة أستاذ العلوم السياسية الأمريكى، الراحل مالكوم كير فى كتابه الأشهر «الحرب الباردة العربية».
ولكن مع شبلى تلحمى فإننا ننتقل من المُبارزات الاستشراقية، والمُساجلات الكلامية إلى العكس تماماً. فبدلاً من الانشغال بالكيفية التى ينظر بها الغربيون إلى العرب، فإننا مع آخر كُتب تلحمى، نُطلّ على الكيفية التى ينظر بها العرب إلى العالم. من ذلك:
1- أن معظم العرب ما زالوا يعتبرون إسرائيل هى الخطر الأعظم عليهم. وتلى إسرائيل فى هذا الصدد الولايات المتحدة الأمريكية، حليفها الرئيسى الذى يدعمها دبلوماسياً، كما بالمال والسلاح. فقد كانت نسبة من اعتبروا إسرائيل هى الأخطر على العرب 70 فى المائة، تليها الولايات المتحدة 63%، ثم بريطانيا 11%. ومن اللافت للنظر هنا أن بُلداناً كُبرى أخرى مثل روسيا والصين واليابان، أو حتى ألمانيا وفرنسا لم تمثل فى نظر معظم العرب الذين شملهم هذا الاستطلاع خطراً يُذكر.
2- ولكن من الطريف أنه حينما سأل شبلى تلحمى أفراد العينة العربية عن القُطر الذى يرغبون أن يروه قُطباً دولياً مُنافساً للولايات المتحدة فى الساحة الدولية، جاءت الصين فى المقدمة (22%)، تليها ألمانيا (15%)، ثم روسيا (12%) وفرنسا (10%).
3- وحينما سأل شبلى تلحمى المبحوثين العرب عن رأيهم فى الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وجد أن رأى الأغلبية فيه لا يزال سلبياً، وإن تناقصت هذه السلبية من 45 فى المائة إلى 24 فى المائة بين سنتى 2009 و2012. أو بتعبير آخر تضاعفت شعبية باراك أوباما. ومع مُقارنتها بالرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، فإن أوباما، بعد مرور نفس العدد من السنوات، فى البيت الأبيض، تجاوزت شعبيته ما يصل إلى الضعف بالنسبة لسلفه.
4- ويُلاحظ د.شبلى تلحمى أن هذا التفاوت الملحوظ فى شعبية الرئيسين لا يعنى أن الرأى العام العربى يرجو خيراً من السياسة الخارجية الأمريكية تجاه قضايا المنطقة، ففى خارج العلاقة بأمريكا والغرب، فإن الرأى العام العربى كان أكثر إيجابية نحو الجارة التركية، منه نحو الجارة الإيرانية. وبلُغة الأرقام فإن نصف الرأى العام العربى يعتقد أن تركيا لعبت دوراً إيجابياً فى دعم العرب عموماً، خصوصاً بُلدان الربيع العربى «تونس مصر ليبيا اليمن البحرين سوريا». بينما لم يذكر إيران بالخير بأى نسبة يُعتد بها إحصائياً.
وبعيداً عن د.شبلى تلحمى، لا يمكن تفسير هذه الشعبية التى تحظى بها تركيا إلا فى ضوء الموقف الحاسم للحزب الحاكم فى تركيا، وهو العدالة والتنمية، ولزعيمه رجب طيب أردوجان، فى تأييده للقضية الفلسطينية ونقده اللاذع للسياسة الإسرائيلية، خاصة منذ حادث سفينة الحُرية، التى كانت فى طريقها إلى غزة، والتى هاجمتها قوة إنزال إسرائيلية فى المياه الدولية، وقتلت عدداً من رُكابها وطاقمها، وبينهم أتراك. كما لا يمكن أن نتجاهل القوة الناعمة للمُسلسلات التليفزيونية والدراما التركية، والتى يتم تعريبها. وقد لاقت رواجاً كبيراً فى السنوات العشر الأخيرة.
وفى السياق نفسه، حينما سأل شبلى تلحمى عن رأى المبحوثين العرب فى التدخل العسكرى الدولى للإطاحة بنظام بشّار الأسد بعد أكثر من سنة على الانتفاضة السورية، رفض ذلك تماماً أكثر من 43 فى المائة. ولكن من بين الذين وافقوا، حظى البديل التركى بثانى أعلى نسبة، وهى 15 فى المائة، وهى أكثر قليلاً من البديل العربى الخالص (14%).
5- وأخيراً، كان تقييم العرب لانتفاضات بُلدانهم جديراً بالتأمل، فقد ذهب أكثر من نصفهم (57%) إلى أن تلك الانتفاضات هى تعبير أمين عن شوق الناس العاديين إلى الكرامة، والحُرية، وإلى حياة أفضل. ويقترب هذا كثيراً من الشعارات التى رفعها ثوّار ميدان التحرير، فى الخامس والعشرين من يناير 2011 وهى عيش، حُرية، كرامة إنسانية، عدالة اجتماعية. وذهب حوالى 20 فى المائة إلى أن الذى فجّر هذه الانتفاضات أحزاب المُعارضة الطامعة فى السُلطة، وكانت هناك نسبة مُساوية (20%) ما زالت تعتقد فى «نظرية المؤامرة»، لذلك ذهبت إلى أن قوى خارجية هى التى فجّرت ثورات الربيع العربى.
إن دراسات الدكتور شبلى تلحمى عموماً، وكتابه الأخير خصوصاً، جديرة بالقراءة المُتأنية والفحص الدقيق، فهو الأكثر موضوعية فى قراءة العقل العربى، فى مطلع القرن الحادى والعشرين. فله الشُكر والعرفان.
وعلى الله قصد السبيل.
نقلا عن المصرى اليوم
المزيد من أعمدة سعد الدين ابراهيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.