سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    عصام العرجاني باحتفالية مجلس القبائل: شكرا للرئيس السيسى على التنمية في سيناء    اللواء عادل العمدة: لولا الشهداء ما استطعنا استرداد الأرض والكرامة    منسق مبادرة المقاطعة: الحملة تشمل الأسماك واللحوم والدواجن بسبب جشع التجار    أخبار الاقتصاد اليوم: تراجع أسعار الذهب.. وتوقف محافظ الكاش عن العمل في هذا التوقيت.. ارتفاع عجز الميزان التجاري الأمريكي    البنتاجون: الولايات المتحدة بدأت بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات    شوبير يحرس مرمي الأهلي أمام مازيمبى    محافظ الإسكندرية يستقبل الملك أحمد فؤاد الثاني في ستاد الإسكندرية (صور)    عضو «مجلس الأهلي» ينتقد التوقيت الصيفي: «فين المنطق؟»    «اِنْتزَعت بعض أحشائه».. استجواب المتهمين في واقعة العثور على جثمان طفل في شقة بشبرا    «ليه موبايلك مش هيقدم الساعة».. سر رفض هاتفك لضبط التوقيت الصيفي تلقائيا    بيان من النيابة العامة في واقعة العثور على جثة طفل داخل شقة بالقليوبية    بحوث ودراسات الإعلام يشارك بمؤتمر «الثقافة الإعلامية من أجل السلام العالمي»    4 أبراج فلكية يحب مواليدها فصل الصيف.. «بينتظرونه بفارغ الصبر»    محمد الباز: يجب وضع ضوابط محددة لتغطية جنازات وأفراح المشاهير    لهذا السبب.. مصطفى خاطر يتذكر الفنان الراحل محمد البطاوي    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    رئيس المنتدى الزراعي العربي: التغير المناخي ظاهرة عالمية مرعبة    موقف ثلاثي بايرن ميونخ من مواجهة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    بيان مهم للقوات المسلحة المغربية بشأن مركب هجرة غير شرعية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    هل الشمام يهيج القولون؟    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    وزارة التموين تمنح علاوة 300 جنيها لمزارعى البنجر عن شهرى مارس وأبريل    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    هشام نصر يجتمع مع فريق اليد بالزمالك قبل صدام نصف نهائي كأس الكؤوس    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيعة العقبة .. رمضان عبدالمعز: الصحابة بايعوا الله عن طريق النبى محمد
نشر في صدى البلد يوم 04 - 12 - 2019

بيعة العقبة هو حدث تاريخي إسلامي، بايع فيه مجموعةٌ من الأنصار النبيَ محمد -صلى الله عليه وسلم- على نصرته، وسميت بذلك لأنها كانت عند منطقة العقبة بمنى، وكانت هذه البيعة من مقدمات هجرة النبي والمسلمين إلى يثرب التي سميت فيما بعد بالمدينة المنورة.
فبعدما اشتد الأذى من قريش على المسلمين، عرض النبي الإسلام على بعض الحجاج في منى، فأسلم منهم ستة رجال من أهل يثرب، وفي العام الذي يليه قدم هؤلاء إلى الحج مع قومهم، وكانوا اثني عشر رجلًا من الأوس والخزرج، فأسلموا وبايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم-على الإسلام، فكانت بيعة العقبة الأولى، وبعث النبي مصعب بن عمير معهم يُقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام، وفي شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر، خرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار في موسم الحج، وبايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- على نصرته في حرب الأحمر والأسود، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة عليهم، وألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يقولوا كلمة الحق أينما كانوا، وألا يخافوا في الله لومة لائم.
الخروج إلى الطائف
بعدما اشتد الأذى من قريش على النبي محمد وأصحابه بعد موت أبي طالب، قرر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الخروج إلى الطائف حيث تسكن قبيلة ثقيف يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يسلموا، فخرج مشيًا على الأقدام، ومعه زيد بن حارثة، وذلك في ثلاث ليال بَقَيْن من شوال سنة عشر من البعثة (3 ق ه)، فأقام بالطائف عشرة أيام لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وردّوا عليه ردًا شديدًا، وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى أن رجليه كانتا تدميان وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى جُرح في رأسه، وعاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة.
عرض النبي نفسه على قبائل العرب
أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- يتبع الحجاج في منى، ويسأل عن القبائل قبيلة قبيلة، ويسأل عن منازلهم ويأتي إليهم في أسواق المواسم، وهي: عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، فلم يجيبه أحد. فعن جابر بن عبد الله قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس في الموقف ويقول: ألا رجل يعرض عليّ قومه، فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي»، وذكر الواقدي أنه أتى بني عبس وبني سليم وغسان وبني محارب وبني نضر ومرة وعذرة والحضارمة، فيردون عليه أقبح الرد، ويقولون: «أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك»
بيعة العقبة الأولى
وبينما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على القبائل عند "العقبة" في منى، لقي ستة أشخاص من الخزرج من يثرب، هم: أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقُطبَة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله»، فقال لهم النبي: «من أنتم؟»، قالوا: «نفر من الخزرج»، قال: «أمن موالي يهود؟»، قالوا: «نعم!»، قال: «أفلا تجلسون أكلمكم؟»، قالوا: «بلى»، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فقال بعضهم لبعض «يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به يهود، فلا تسبقنّكم إليه». وقد كان اليهود يتوعدون الخزرج بقتلهم بنبي آخر الزمان. فأسلم أولئك النفر، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم. فلما قدموا المدينة ذكروا لقومهم خبر النبي محمد، ودعوهم إلى الإسلام، حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكرٌ من النبي محمد.
حتى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلًا، فلقوا النبي بالعقبة في منى، فبايعوه، وكانوا عشرة من الخزرج هم: أسعد بن زرارة، عوف بن الحارث، معاذ بن الحارث، ذكوان بن عبد قيس، عبادة بن الصامت، قطبة بن عامر بن حديدة، عقبة بن عامر السلمي، العباس بن عبادة، يزيد بن ثعلبة، رافع بن مالك، واثنين من الأوس وهما: عويم بن ساعدة، مالك بن التيهان. وكان نص البيعة كما رواها عبادة بن الصامت: «بَايَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الأُولَى عَلَى أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا نَسْرِقَ، وَلا نَزْنِيَ، وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا، وَلا نَأْتِيهِ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلا نَعْصِهِ فِي مَعْرُوفٍ، فَإِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَشِيتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَأُخِذْتُمْ بِحَدِّهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَإِنْ سُتِرْتُمْ عَلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ.»، وكانت هذه البيعة وفق بيعة النساء التي نزلت بعد ذلك عند فتح مكة.
إسلام الأنصار
بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- مصعب بن عمير مع من بايعوه من يثرب، يُقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام. فأقام في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام، ويصلي بهم. فأسلم على يديه سعد بن عبادة، وأرسل سعد بن معاذ أسيدًا بن حضير وهما يومئذٍ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل إلى مصعب ليزجره، فذهب أسيد إلى مصعب وقال له ولأسعد: «ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة»، فقال له مصعب: «أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره؟» قال: «أنصفت»، فجلس فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن، ثم قال: «ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟»، قالا له: «تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي»، فأسلم ثم قال لهما: «إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن، سعد بن معاذ.» ثم ذهب سعد بن معاذ إلى مصعب وأسلم أيضًا.
وأسلم جميع قومهما بإسلامهما، ولما أسلم سعد وقف على قومه فقال: «يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلًا، وأيمننا نقيبة. قال: فإن كلامكم علي حرامٌ، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله». فانتشر الإسلام في يثرب، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد، وخطمة، ووائل، وواقف.
بيعة العقبة
قال الشيخ رمضان عبدالمعز، الداعية الإسلامي، إن الصحابة بايعوا الله عن طريق النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فى بيعة العقبة والرضوان ونالوا بها رضا الله سبحانه وتعالى.
وأضاف «عبد المعز»، خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على فضائية «dmc»، اليوم الأربعاء: «الصحابة بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم، على الإسلام والجهاد فى سبيل الله».
بيعة العقبة الثانية
لقد أعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأمر عدَّته، وفكَّر في بَيْعَةٍ ثانيةٍ أعظم من البيعةِ الأولى، وأوسع مما كان يدعو إليه أهل مكة ومن حولها.
وجاء حَجِيجُ المدينة إلى مكة في الموسم التالي للبيعة الأولى؛ مؤمنهم وكافرهم، وكان فيهم خمسة وسبعون مسلمًا، ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان؛ اثنان وستون من الخزرج، وأحد عشر من الأوس، وعلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمجيئهم ورغبتهم في لقائه، فاتَّصل سرًّا بزعمائهم حتى لا تعلم قريشٌ بالأمر فتعمل على إلحاق الأذى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأتباعه، وتُفْسِدَ على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين خطَّة اجتماعهم، كما أخفى مسلمو يثرب أمرهم على من معهم من المشركين.
اجتماع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمسلمي يثرب:
وقد واعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسلمي يثرب أن يقابلهم في آخر موسم الحج حتى لا يكون هناك شبهة عند قريش، فهم في كل يومٍ يغدون ويروحون أمامهم، أما إذا غابوا عن الأنظار انكشف أمرهم، كما واعدهم أن تكون المقابلة ليلًا، وأن يكون مكانها عند العقبة، وانتظر مسلمو يثرب حتى انتهى أمر الحج وحان الموعد، فخرجوا من رحالهم بعد انقضاء ثلث الليل مستخفين حتى لا ينكشف أمرهم، ووصلوا العقبة وعلى رأسهم الاثنا عشر رجلًا الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم البيعة الأولى وقاموا ينظرون مَقدِمَ صاحب الرسالة.
ويحكي تفاصيل البيعة سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، فيقول: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبث عشر سنين يتبع النَّاس في منازلهم؛ مِجنَّة وعكاظ، وفي المواسم بِمِنَى، يقول: «مَنْ يُؤْوِينِي؟ وَمَنْ يَنْصُرُنِي؟ حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّة»، فلا يجد أبدًا أحدًا يُؤويه ولا ينصره، حتى إنَّ الرجل ليرحل من مُضَر أو اليمن، فيأتيه قومه وذوو رحمه فيقولون: احذر فتى قريشٍ لا يفتنك. ويمضي بين رحالهم، وهم يشيرون إليه بأصابعهم، حتى بعثنا الله إليه من يثرب فيأتيه الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم تبق دار من دور يثرب إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم بعثنا الله تعالى فأتمرنا واجتمعنا فقلنا: متى نذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطوف في جبال مكة ويخاف؟
فرحل إليه منا سبعون رجلًا حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدناه "شِعب العقبة"، فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين حتى توافينا عنده، فقلنا: يا رسول الله: علامَ نبايعك؟ قال: «تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ عَلَى النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ تَقُولُوا فِي اللهِ لا يَأْخُذُكُمْ فِيهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِيَ إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ، فَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ».
فقمنا نبايعه، فأخذ بيده أَسْعَدُ بن زُرَارَة رضي الله عنه، -وهو أصغر السبعين رجلًا إلا أنا- فقال: رويدًا يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب إليه أكباد المطيِّ إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافَّة وقتل خياركم وأن تعضَّكُم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على عضِّ السيوف إذا مسَّتكم، وعلى قتل خياركم، وعلى مفارقة العرب كافَّة فخذوه، وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة، فذروه فهو أعذر لكم عند الله. فقلنا: ابسُط يدك يا أسعد بن زرارة فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها. فقمنا إليه نبايعه رجلًا رجلًا يأخذ علينا شرطه ويعطينا على ذلك الجنة" رواه الإمام أحمد والبيهقي.
وقد نظر العباس في وجوه وفد الأنصار ثم قال: هؤلاء قوم لا أعرفهم، هؤلاء أحداث. (مما يدل على غلبة الشباب على الوفد).
وهكذا بايع الأنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الطاعة والنصرة.
وتقّدم روايَةُ الصحابي كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه -وهو أحد المبايعين في العقبة الثانية- تفاصيل مهمة قال: "خَرَجْنَا فِي حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا ... وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ، فَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.. وَكُنَّا نَكْتُمُ مَنْ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمْرَنَا.. فَنِمْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا، حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ الْقَطَا؛ حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ، نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ..، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ..، فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ؛ حَتَّى جَاءَنَا وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، إِلَّا أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ، وَيَتَوَثَّقُ لَهُ -وكان ذلك قبل الهجرة بشهور تقريبًا سنة 622م-، فَلَمَّا جَلَسْنَا كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ، -قَالَ: وَكَانَتْ الْعَرَبُ مِمَّا يُسَمُّونَ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ الْخَزْرَجَ أَوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا- إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا فِيهِ-، وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ، وَمَنَعَةٍ فِي بَلَدِهِ.
قال اليثربيون -وقد سمعوا كلام العباس-: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَتَلَا، وَدَعَا إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ: «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ»، قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ.
وتبعه الباقون، فمدوا أيديهم إلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ واحدًا بعد واحد يبايعون، وجاء بعدهم النساء يبايعن أيضًا.
ولما فرغوا من البيعة قال لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ أُمَرَاء»
فاختار القوم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.
فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ لهؤلاء النقباء: «أَنْتُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ بِمَا فِيْهِمْ كُفَلَاء كَكَفَالَةِ الحَوَارِيِّينَ لِعِيْسَىَ ابْنِ مَرْيَمَ، وَأَنَا كَفِيْلٌ عَلَى قَوْمِي».
وكذلك تمت البيعة الثانية وذهب كلٌّ إلى رحله في ظلام الليل، وهم على ثقة ويقين من أنه لا يعلم بهم أحدٌ إلا الله.
ولم يكدْ نورُ الصباح يظهر حتى كان أمرُ تلك البيعة حديثَ قريشٍ، فبدأت نفوسُهم تضطرب لما سمعت، وقلوبهم تمتلئُ فزعًا لهذا الحادث الخطير، وصمَّمُوا على أن يَحُولُوا بين سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وبين الوصول إلى يثرب، حتى لا يعظُم أمره فيها ويصبح خطرًا عليهم.
وهذا التحول في أمر الدعوة وصاحبها صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث أجمعوا أمرهم على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، فساروا إليهم وخاطبوهم قائلين: "يا معشر الخزرج، بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، وإنه -والله- ما من حيٍّ من العرب يغضبنا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم أكثر منكم". فلم يجبهم أحد ممن أسلم بكلمة.
أما المشركون منهم فقد حلفوا لهم أنه لم يحدث من ذلك شيء وما علموا به، وقال عبد الله بن أُبي -وهو من كبار الخزرج وكبير المنافقين بيثرب-: "إن هذا الأمر جسيم ما كان قومي ليتَّفِقُوا على مثل هذا وما أعلم به"، فاعتقد رؤساء قريش صدق قوله وانصرفوا.
وبعد ذلك بقليل بدأت قوافل الحجاج تعود إلى أوطانها، ولما مضى على رحيل أهل يثرب بضعة أيام تأكد لدى قريش أن ما علموه من أمر البيعة صحيح، وأن حديث عبد الله بن أُبيٍّ حديث غير العارف بها، ووقفت على تفاصيل ما دار في بيعة العقبة، فعرفت عدد الذين بايعوا ولم يخف عليهم كذلك ما تعاهدوا عليه من حمايتهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم والدفاع عنه، لذلك قامت قيامتهم وخرجوا يتعقبون الرَّكب المدني للإيقاع به، فلم يدركوا منهم إلا سعد بن عبادة رضي الله عنه -وكان قد تأخر عن القافلة-، فأخذوه وردوه إلى مكة مسحوبًا من شعره الطويل وعذبوه حتى أجاره جبير بن مطعم بن عدي، وأطلق سراحه ثم عاد إلى المدينة.
وهكذا مرَّت البيعة بسلامٍ واكتمل عودة الأنصار إلى المدينة، ينتظرون هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم بتلهُّفٍ كبيرٍ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.