حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    الإمارات تدين بشدة محاولة استهداف مقر إقامة الرئيس الروسي    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    إسرائيل على خطى توسع في الشرق الأوسط.. لديها مصالح في الاعتراف ب«أرض الصومال»    نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، البنتاجون يعلن عن صفقة ضخمة لتسليم مقاتلات "إف-15" لإسرائيل    الخارجية الروسية: أوكرانيا ستحاسب على أعمالها الإرهابية    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    وزارة الداخلية تكشف تفاصيل واقعة خطف طفل كفر الشيخ    النيابة تأمر بنقل جثة مالك مقهى عين شمس للمشرحة لإعداد تقرير الصفة التشريحية    تفاصيل مثيرة في واقعة محاولة سيدة التخلص من حياتها بالدقهلية    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    أزمة القيد تفتح باب عودة حسام أشرف للزمالك فى يناير    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    ترامب ل نتنياهو: سنكون دائما معك وسنقف إلى جانبك    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    حسام حسن يمنح لاعبى المنتخب راحة من التدريبات اليوم    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    فرح كروان مشاكل على حفيدة شعبولا يتحول إلى تحرش وإغماء وعويل والأمن يتدخل (فيديو وصور)    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    بينهم 4 دول عربية، تعرف على المنتخبات المتأهلة لدور ال 16 في كأس أمم إفريقيا    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    فوضى السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم فتح الباب أثناء الصلاة .. جائزة في حالات والإفتاء تحسم الجدل
نشر في صدى البلد يوم 05 - 10 - 2019

حكم فتح الباب أثناء الصلاة، أباح عدد من العلماء أن يتحرك المصلي في الصلاة لسبب ما، إذا كانت تلك الحركة التي يخطوها يسيرة، فيتقدم لفتح الباب، ثمّ يعود إلى مصلاه، أمّا إذا كانت الحركة التي يخطوها المسلم في صلاته كثيرةً، والكثرةُ تُعرَف بالعُرف والعادة على الصحيح، ولا حدّ لها، ففي هذه الحالة تبطل صلاةُ المسلم باتفاق العلماء.
الدليل على حكم فتح الباب أثناء الصلاة
استدلّ المجيزون لحركة المصلي اليسيرة لعلة معينة ومن بينها فتح الباب في الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: «كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلِّي وعليه باب مغلَقٌ، فجئت فاستفتحتُه فمشى ففتح لي ثمَّ رجع إلى مصلَّاه».
حكم قطع الصلاة لفتح الباب في صلاة النافلة
قطع الصلاة لفتح الباب أفتى بجوازها في صلاة النّافلة، أما في صلاة الفريضة فلا ينبغي قطع الصلاة إلا إذا خَشِي المصلي فوات أمر مهم، ففي هذه الحالة يجوز له قطع صلاة الفريضة لفتح الباب، ثمّ يعيد صلاته من أولها، ويُفضّلُ حرصًا على صلاة الفريضة، وعدم تضييعها أن يُشعرَ المسلمُ من يكون بالباب أنّه منشغل بصلاته.
ويُسَّن في حقِّ الرجل التسبيح، بأن يقولَ سبحان الله بصوت مرتفع يسمعه الواقف عند الباب، بينما يُسَّن في حقِّ المرأة التصفيقُ.
الحالات التي تُبيح للمصلي الحركة في الصلاة
تحدث الفقهاء في الغايات التي يجوز للمصلّي أن يتحركَ من أجلها في الصلاة دون أن يقطعها، ومن ذلك حركته لقتل العقرب والحيّة، حتى لو كانت تلك الحركة كثيرةً، وتتطلب الانحناء في الصلاة، كأن يتحركَ من مكانه، ثمّ يمسكَ نعلَه، ويقوم بقتل العقرب، أو الحيّة، وما شابه ذلك من أفعال يُضطَر لها المصلي في هذه الحالة، ومن العلماء من قيّد تلك الحركة في حالة تقدَّم العقرب والحية لإيذائه، وكذا يجوز للمصلي أن يتقدَّم في صلاته مثلًا ليعبرَ من خلفه آخر، فلا حاجةَ لقطع الصلاة.
حكم فتح الباب أثناء الصلاة
قال الدكتور مجدى عاشور، المُستشار العلمي لمفتى الجمهورية، إنه يحرم على المصلي إذا دخل في صلاته الواجبة أن يقطعها إلا لضرورة، كحفظ نفس من تلف أو ضرر، أو لحفظ مال يخاف ضياعه ونحو ذلك من الضرورات.
وأضاف «عاشور» خلال لقائه ببرنامج «فتاوى الناس» المذاع عبر فضائية «الناس»، فى إجابته على سؤال متصلة تقول فيه" أخرج من صلاتي حتى أرد على التليفون أو أفتح الباب وأرجع أعيدها مرة ثانية فما الحكم فى ذلك؟"، أنه لا يصح للمصلى أن يقطع صلاته إلا للضرورة فقط.
وأوضح أن الرد على التليفون أو فتح الباب ليس من الضرورات، وللمصلي أن يخطو خطوات لفتح الباب، بشرط ألا ينصرف بجسده عن القبلة، فلا يصح قطع الصلاة إلا فى حالة الضرورة فقط لأن الصلاة لها حرمة.
حكم قطع صلاة الفرض لأمر مهم
أكدت دار الإفتاء، أن المعيار في هذا الأمر شخصي، وتحقيق المناط فيه مَرَدُّه إلى المصلي نفسه في تحديد ما هو مهمٌّ على جهة الضرورة أو الحاجة، وفي تحديد ما يتأتى إدراكه وما لا يتأتى، فإذا كان منتظرًا لمكالمة مهمة جدًّا لا يمكن له تدارك المصلحة التي تفوت بفواتها أو تجنب الضرر الذي يترتب على عدم الرد عليها -حسب ما يغلب على ظنه-؛ فإنه يجوز له شرعًا قطع الصلاة والرد عليها، مع وجوب أن تقدَّر الضرورة أو الحاجة في ذلك بقدرها، وعليه بعد ذلك قضاء الصلاة وابتداؤها مرة أخرى.
وذكر الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه إذا كانت الصلاة فرضًا فإن قطعها للأمور المهمة والمصالح المعتبرة التي لا يمكن تداركها جائز شرعًا، دينية كانت أم دنيوية؛ بل قد يصل ذلك إلى حد الوجوب إذا تعلق بنحو: إنقاذ غريق أو إغاثة ملهوف، بخلاف ما لو كان أمرًا يسيرًا، أو كان يمكن تداركه ولو بتخفيف الصلاة.
جاء ذلك في إجابته عن سؤال «إذا رن التليفون أثناء تأدية المرء إحدى الصلوات الخمس وكان منتظرًا مكالمة مهمة جدًّا، فهل يُسمح له بقطع الصلاة ويرد على الهاتف ثم يبدأ بعد ذلك صلاته من جديد؟ وهل يوجد رأي لهذا السؤال في المذاهب الفقهية الإسلامية؟».
واستدل بما رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، والإمام أحمد في "مسنده"، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك": عن الأزْرَق بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: "كُنَّا بِالأهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى حَرْف نَهَرٍ إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ، وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا، قَالَ شُعْبَةُ: هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأسْلَمِيُّ رضي الله عنه، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ! فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ، وَإِنِّي غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ، أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَوْ ثَمَانِيَ، وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّي إِنْ كُنْتُ أرجع مَعَ دَابَّتِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا، فَيَشُقُّ عَلَيَّ"، وقد عقد الإمام البخاري لذلك بابًا في "صحيحه" سماه (باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة).
وعرض رأي العلامة ابن بطال المالكي في "شرح صحيح البخاري" (3/ 203، ط. مكتبة الرشد): [ففي هذا حجة للفقهاء في أن كل ما خُشِيَ تلفُه؛ مِن متاع، أو مال، أو غير ذلك من جميع ما بالناس الحاجة إليه، أنه يجوز قطع الصلاة وطلبه، وذلك فى معنى قطع الصلاة لهرب الدابة]، مضيفًا أن الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي قال في "فتح الباري" (3/ 82، ط. دار المعرفة): [وفيه حجة للفقهاء في قولهم أن كل شيء يُخْشَى إتلافُه من متاع وغيره يجوز قطع الصلاة لأجله].
وأشار المفتي، إلى أن الإمام عبد الرزاق الصنعاني عقد في "المصنف" بابًا سماه (باب الرجل يكون في الصلاة فيخشى أن يذهب دابته أو يرى الذي يخافه) وذكر فيه الآثار عن السلف في ذلك، ومن ذلك: [ما رواه عن معمر، عن الحسن، وقتادة في رجل كان يصلي فأشفق أن يذهب دابته أو أغار عليها السبع؟ قالا: "ينصرف"، قيل: أفيُتِمُّ على ما قد صلى؟ قال معمر: أخبرني عمرو، عن الحسن، أنه قال: "إذا ولى ظهره القبلة استأنف الصلاة"، وعن معمر، عن قتادة قال: سأله رجل قال: تدخل الشاة بيتي وأنا أصلي، فأطأطئ رأسي فآخذ القصبة فأضربها قال: "لا بأس"]. وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرحه على صحيح البخاري "فتح الباري" (9/ 339، ط. مكتبة الغرباء): [وقال قتادة: إن أخذ ثوبه يتبع السارق ويدع الصلاة].
وذكر مارواه عبد الرزاق في مصنفه: [عن معمر، عن الحسن وقتادة، في رجل كان يصلي، فأشفق أن تذهب دابته أو أغار عليها السبع؟ قالا: ينصرف. وعن معمر، عن قتادة، قالَ: سألته، قلت: الرجل يصلي فيرى صبيًّا على بئر، يتخوف أن يسقط فيها، أفينصرف؟ قال: نعم. قلت: فيرى سارقًا يريد أن يأخذ نعليه؟ قال: ينصرف. ومذهب سفيان: إذا عرض الشيء المتفاقم والرجل في الصلاة ينصرف إليه. رواه عنه المعافى. وكذلك إن خشي على ماشيته السيل، أو على دابته.
وتابع المفتي في سرده لما رواه عبد الرزاق أن مذهب مالك؛ من انفلتت دابته وهو يصلي مشى فيما قرب، إن كانت بين يديه، أو عن يمينه أو عن يساره، وإن بعدت طلبها وقطع الصَّلاة، ومذهب أصحابنا: لو رأى غريقًا، أو حريقًا، أو صبيين يقتتلان، ونحو ذلك، وهو يقدر على إزالته قطع الصلاة وأزاله. ومنهم من قيده بالنافلة، والأصح: أنه يعم الفرض وغيره. وقال أحمد -فيمن كان يلازم غريمًا له، فدخلا في الصلاة، ثم فر الغريم وهو في الصلاة-: يخرج في طلبه. وقال أحمد أيضًا: إذا رأى صبيًّا يقع في بئر، يقطع صلاته ويأخذه. قال بعض أصحابنا: إنما يقطع صلاته إذا احتاج إلى عمل كثير في أخذه، فإن كان العمل يسيرًا لم تبطل به الصلاة. وكذا قال أبو بكر في الذي خرج ورأى غريمه إنه يعود ويبني على صلاته. وحمله القاضي على أنه كان يسيرًا. ويحتمل أن يقال: هو خائف على ماله، فيغتفر عمله، وإن كثر].
ونبه المفتي على أن قطع الصلاة من أجل إنقاذ النفس المعصومة فهو واجب يأثم تاركه؛ وقال الإمام العز بن عبد السلام الشافعي في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (1/ 66، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [تقديم إنقاذ الغرقى المعصومين على أداء الصلاة؛ لأن إنقاذ الغرقى المعصومين عند الله أفضل من أداء الصلاة، والجمع بين المصلحتين ممكن بأن ينقذ الغريق ثم يقضي الصلاة. ومعلوم أن ما فاته من مصلحة أداء الصلاة لا يقارب إنقاذ نفس مسلمة من الهلاك].
حالات يباح للمصلي قطع الصلاة فيها
ونوه الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بأنه تنوعت عبارات الفقهاء فيما يباح للمصلي قطع الصلاة من أجله، ما بين مضيق وموسع، وبينوا أنه كما يجوز قطعها للضرورة فيجوز قطعها كذلك للحاجة، مضيفا أنه عند الحنفية: قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار شرح تنوير الأبصار" (1/ 89، ط. دار الكتب العلمية): [ويباح قطعها لنحو قتل حية، ونَدِّ دابَّةٍ، وفَوْرِ قِدْرٍ، وضياعِ ما قيمتُه درهمٌ، له أو لغيره. ويستحب لمدافعة الأخبثين، وللخروج من الخلاف إن لم يَخَفْ فوت وقتٍ أو جماعة، ويجب لإغاثة ملهوف وغريق وحريق، لا لنداء أحد أبويه بلا استغاثة إلا في النفل، فإن علم أنه يصلي لا بأس أن لا يجيبه، وإن لم يعلم أجابه].
واستطرد: وعند المالكية: قال العلامة ابن رشد الجَدُّ في "البيان والتحصيل" (2/ 110-111، ط. دار الغرب الإسلامي): [مسألة قال: وسئل عن الرجل يصلي فيخطف رداؤه عنه، هل له أن يخرج ويقطع الصلاة ويطلب خاطفه، أم لا يقطع ويصلي ويدع رداءه يذهب؟ وعن الرجل يخاف على الشيء من متاع البيت السرق والحرق والفساد، مثل قلة الزيت، أو الماء، أو الخل، تقلب فيهراق ما فيها، هل يسعه أن يسويها ويرجع في صلاته؟ ومثل ذلك زقاق الزيت، أو الخل، ونحوه، يخاف عليها أن تنشق أو تنفسخ، أو يفسدها شيء- وهو يصلي، هل يصلح الزقاق ويربطها ويرجع في صلاته؛ أو يقطع صلاته ويستأنف؟ فقال ابن القاسم: إذا خطف ثوبه في الصلاة، فلا بأس أن يقطع ويذهب في طلب الذي أخذه، ويستأنف إذا رجع؛ وأما مالك فكان يكره نحوه، وذلك أني سألته عن الذي يكون في الصلاة فيرى الشاة تأكل الثوب، أو العجين؛ فقال: إن كان في فريضة، فلا يقطع؛ وأما الرجل يصلي وفي البيت قلة أو شيء يخاف عليه أن يهراق، فإني سألت مالكًا عن الرجل يقرأ فيتعايا في قراءته، فيأخذ المصحف ينظر فيه -وهو بين يديه- فكرهه، فهذا مثله].
واستكمل: وعند الشافعية: قال العلامة أحمد حجازي الفشني الشافعي في "تحفة الحبيب بشرح نظم غاية التقريب" (ص: 93، ط. الحلبي): [كالخوفِ في القتالِ: الخوفُ على معصوم من نفس، أو عضو، أو منفعة، أو مال، ولو لغيره، من نحو سَبُعٍ؛ كحية، وحرَق، وغرَق]، مضيفا: وقال العلامة شيخ الإسلام البيجوري الشافعي في "حاشيته على شرح ابن قاسم على أبي شجاع" (1/ 309، ط. بولاق 1285ه) محشِّيًا على قول الإمام أبي شجاع: "والثالث: أن يكون في شدة الخوف والتحام الحرب": [ويجوز هذا الضرب في كل قتال وضرب مباحين؛ كقتال عادل لباغٍ، وصاحب مال لمن قصد أخذه ظلمًا، ومن ذلك: ما لو خُطِفَ نعلُه، فله أن يسعى خلفه وهو يصلي، حتى إذا ألقاه الخاطف أتم صلاته في محله، أو هربت دابته وخاف ضياعها، وكهَرَبٍ من حريقٍ أو سيلٍ أو سَبُعٍ لا يعدل عنه، أو من غريم عند إعساره، أو خروج من أرض مغصوبة تائبًا، ومتى زال خوفه أتم صلاته كما في الأمن، ولا قضاء عليه، وليس له فعله لخوف فوت عرفة، بل يترك الصلاة ولو أيامًا ليدرك عرفة؛ لأن قضاء الحج صعب، بخلاف قضاء الصلاة، وخرج بالحجِّ العمرةُ؛ فلا يترك الصلاة؛ لأنها لا تفوت، ما لم ينذرها في وقت معين، وإلا كانت كالحج، فيترك الصلاة لها عند خوف فوتها كما أفتى به والد الرملي، وإن خالفه ابن حجر].
وعرض ما قاله العلامة الشربيني في حاشيته على "الغرر البهية" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (2/ 41، ط. المطبعة الميمنية): [لو خطف نعله، وهو يصلي لم تجز له صلاة شدة الخوف لأنه غير خائف، بل مُحصِّلٌ، نعم له قطع الصلاة، والأخذ في طلبه. اه. سم على أبي شجاع، ومثله في حاشية المنهج عن بر، وخالف م ر فقال يصلي صلاة شدة الخوف، وقد يوجه بأنه يخاف ضياعها فيقيد بذلك بخلاف ما إذا لم يخفه، بل كان يحصل له مشقة في تحصيلها فليتأمل، ثم رأيت في القليوبي على الجلال عطفًا على ما تجوز صلاة شدة الخوف له ما نصه: أو خاطف نحو نعله إن خاف ضياع ذلك، وإلا فلا].
ولفت إلى رأي الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 183، ط. مكتبة القاهرة): [قال أحمد: إذا رأى صبيين يقتتلان، يتخوف أن يلقي أحدهما صاحبه في البئر، فإنه يذهب إليهما فيخلصهما، ويعود في صلاته. وقال: إذا لزم رجل رجلًا، فدخل المسجد، وقد أقيمت الصلاة، فلما سجد الإمام خرج الملزوم، فإن الذي كان يلزمه يخرج في طلبه. يعني: ويبتدئ الصلاة. وهكذا لو رأى حريقًا يريد إطفاءه، أو غريقًا يريد إنقاذه، خرج إليه، وابتدأ الصلاة. ولو انتهى الحريق إليه، أو السيل، وهو في الصلاة، ففر منه، بنى على صلاته، وأتمها صلاة خائف؛ لما ذكرنا من قبل].
وسرد ما قاله العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (1/ 380، ط. دار الكتب العلمية): [(و) يجب (إنقاذ غريق ونحوه) كحريق (فيقطع الصلاة لذلك) فرضًا كانت أو نفلًا، وظاهره: ولو ضاق وقتها، لأنه يمكن تداركها بالقضاء، بخلاف الغريق ونحوه (فإن أبى قطعها) أي الصلاة لإنقاذ الغريق ونحوه أثم و(صحت) صلاته كالصلاة في عمامة حرير. (وله) أي المصلي (إنْ فَرَّ منه غريمُه أو سُرق متاعُه أو نَدَّ بعيرُه ونحوه) كما لو أبق عبده (الخروجُ في طلبه) لما في التأخير من لحوق الضرر له].
واختتم: فإذا كان المصلي منتظرًا لمكالمة مهمة جدًّا لا يمكن له تدارك المصلحة التي تفوت بفواتها أو تجنب الضرر الذي يترتب على عدم الرد عليها -حسب ما يغلب على ظنه؛ إذ إن المظِنَّةَ تُنَزَّل منزلةَ المئنة-، فإنه يجوز له شرعًا قطع الصلاة والرد عليها، وعليه بعد ذلك قضاء الصلاة وابتداؤها مرة أخرى، مع التنبيه على أن المعيار في هذا الأمر شخصي، وتحقيق المناط فيه مَرَدُّه إلى المصلي نفسه في تحديد ما هو مهمٌّ على جهة الضرورة أو الحاجة، وفي تحديد ما يتأتى إدراكه وما لا يتأتى، ويجب أن تقدَّر الضرورة أو الحاجة في ذلك بقدرها.
قطع الصلاة الواجبة بعد الشروع فيها
من جانبه، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنه لا يجوز قطع الصلاة الواجبة بعد الشروع فيها بلا عذر شرعي باتفاق الفقهاء.
وأضاف «الجندي» ل«صدى البلد»، أن قطع الصلاة بلا عذر شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وورد النهي عن إفساد العبادة، في قول الله تعالى: «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ» سورة محمد الآية (33).
وأشار إلى أن من الأعذار التي تبيح قطع الصلاة الخوف من ضرر جسيم قد يصيب الإنسان كالخوف من ضياع مال له قيمة له أو لغيره، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم قصدت إليه نحو حية، وإطفاء حريق، أو إنقاذ طفل صغير قد يقع من نافذة المنزل -الشباك-.
قطع الصلاة بسبب الرد على الهاتف
وعن قطع الصلاة بسبب الرد على الهاتف، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، إنه يجوز في الضرورة القصوى التي لا تحتمل الانتظار للانتهاء من الصلاة، ويترتب عليها ضرر جسيم لا يمكن تداركه فيما بعد، مشددًا على أنه لا يجوز قطع الصلاة للرد على مدير العمل للخوف منه، أو قطعها للرد على الزوجة أو الصديق، مظنةً أن يكون هناك أمر ما، أما إذا تيقن أن الأمر مهم وربما فيه دفع الأذى عن البعض قطع الصلاة ويعيدها بعد الرد على الهاتف مرة أخرى.
وشدد على أن المصلي واقف بين يدي الله، فلا ينصرف منها إلا لدفع الأذى عن نفسه أو غيره، مطالبًا المسلمين بالحفاظ على الصلوات وأن يتقوا الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.