تحررت من كفن أبيض عند ملامسة النيران لجسدها لتنقض عليك بسرعة البرق محملة بأبغض الأمراض لا تستأذن في الدخول فهي متطفلة بطبيعتها، تخترق أنفك عابرة قصبتك الهوائية لتسكن في الرئة مكانها المفضل لإنشاء مجموعة من أسوأ الأمراض. من منا لم يزعجه دخانها؟ نعم هي السجائر بدخانها القبح الأكثر إزعاجا لنا، أين نذهب من دخانها وهي تلاحقنا ككلب مسعور يفترس رئتنا؟ في البيوت والطرقات والأزقة والحارات والأماكن العامة والخاصة تنبعث أدخنتها كشبح يلف المكان باحثنا عن ضحية مسكينة ذنبها أنها مرت بجانبه. مدخنها لا يبالي إلا بإشباع غريزة متوحشة بداخله وكأنما تحول عبدا لهذه السجائر الخبيثة، يزفر دخانها غير مهتم بمن أمامه صغيرا كان أم كبير، يشاركك النيكوتين وكأنه يطلب منك مشاركته التدخين، هو بالفل جعلك مدخنا عن طريق التدخين السلبي الأكثر انعكاسا على الصحة من المدخن نفسه. يفعلها بكل تلقائية وبدون اهتمام بالعبء الواقع عليك جراء هذه السيجارة، يصيبك ونفسه بأمراض لعينة أنتم الاثنين في غنى عنها. أتذكر نصيحة أمي عندما قالت "بني ابتعد عن التدخين فهو عين الهلاك"، نعم أمي هو الهلاك نفسه ولكن أين المفر من أناس لا يعبأون إلا بأنفسهم وأشباع حوائجهم المتوحشة، ينفخون دخانها بوجهك وهم يبتسمون غير مقدرين خطورة الموقف. "ولع هو حد واخد منها حاجة" جملة سمعتها بأحد القطارات المكيفة محكمة الغلق قالها أحدهم وهو يشعل سيجارته، دخان سيجارته خنق من حوله وما كان منه إلا الضحك والاستهزاء بمن يستنكرون عليه هذا الفعل. عذرا أمي وجدت المدخنين في كل مكان بأدخنة سجائرهم لا يرحمون أحدا داخل المستشفيات وفوق المريض تراهم يوقظون دخانها النائم في التبغ لينقض على ضحية هي في أمس الحاجة لبضع شهقات من هواء نقي. أخي المدخن ليست الرجولة بسيجارة تشعلها فتنقص عمرك وتؤذي بها من حولك، إن في السيجارة هلاكا لنا ولك تجعلك تتزلج على أدخنتها وعند انطفائها تسقط على عنقك، فأعجب من المدخن الذي يعلم أنها مدمرته ومازال مصمم على شربها. كفاك نوما، ألا تتأمل في الصور التي علي علب السجائر وكيف سيكون حالك في المستقبل وأنت لا تستطيع التقاط أنفاسك وأنت مثقل بأنواع السرطانات. ألم تعلم يا مسكين أن المدخن المنتظم يفقد خمس دقائق من عمره مقابل كل سيجارة يشربها، وأن التدخين يحصد أرواح حولي 6 ملايين شخص سنويا، وأن 16% منهم بسبب التدخين السلبي. إن التدخين جريمة في حق غير المدخنين، نريد قانونا لمنع التدخين، كفانا تعليق لافتات تحذيرية فهي غير مجدية أليس من حقنا أن نشم هواءً نقيا، أليس من حقنا حماية صحتنا من دخانها البغيض.