حلت قبل أسابيع قليلة الذكرى الثانية لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى كازاخستان، والتي كانت أولى الدول الآسيوية التي آثر زيارتها قبل اليابان وسنغافورة وبعد روسيا. وتناولنا في مقالات سابقة كم المكاسب التي يمكن أن تعود على بلادنا إذا ما أحسن المسئولون مد جسور التعاون بين البلدين بحسب رؤية مؤسسة الرئاسة. وثمة مساعٍ صادقة للدولة الكازاخية من أجل توطيد أواصر التعاون والصداقة بين البلدين رصدناها ولم نزل بحكم عملنا الصحفي ورغبتنا في الأخذ بزمام المبادرة لتكون هذه الدولة ومثيلاتها المهضومة إعلاميًا في مقدمة اهتماماتنا وتغطياتنا. فأقامت السفارة الكازاخية بالقاهرة العديد من الفعاليات الثقافية وقام السفير أرمان إيساغالييف بالكثير من اللقاءات مع مسئولين وإعلاميين ومثقفين وباحثين وشجعت على زيادة الأفواج السياحية القادمة من كازاخستان إلى شرم الشيخ. وعقب الإعلان الرسمي لنتيجة الانتخابات الرئاسية بمصر أرسل الرئيس الكازاخي نور سلطان نزارباييف برقية تهنئة للرئيس السيسي، هنأه فيها على إعادة انتخابه لولاية ثانية مشيرًا أن لهذا الفوز دلالته على ثقة الشعب المصري في زعامته وقدرته على ضمان وحدة البلاد وتنميتها المستدامة. وتمنى نزارباييف، تخطى مصر وشعبها لصعوبات المرحلة الحالية بسرعة، وأن تواصل مسيرة علاقات الصداقة بين أستانا والقاهرة تطورها وازدهارها لما فيه مصلحة الشعبين. عرجنا هنا على مواقف بسيطة لها أعمق الدلالات على مساعي جمهورية كازاخستان الحثيثة في مد جسور التعاون مع مصر؛ لكن وسط هذه المساعي يضع مسئولو بعض الجهات الثقافية والإعلامية العراقيل بإهمال واستهتار وسوء تقدير للعواقب التي قد تجرها أفعالهم على البلاد. فبينما تسعى الرئاسة المصرية الى خلق دائرة علاقات وصداقات جديدة لمصر اليوم على غير ما اعتادت عليه قيادتها في عقود سبقت، بهدف تنويع مصادر الخبرات والمساعدات والاستثمارات، تجد بعض المسئولين في الداخل المصري ليسوا على نفس الوعي القيادي، وغير مدركين لأبعاد عدم تعاونهم مع الأصدقاء داخل السفارات التي تمثل بلدان هذه الصداقات الجديدة أو حتى القديمة التي تسعى القيادة المصرية الى تجديدها لأهداف استراتيجية تصب في صالح الدولة المصرية حكومة وشعبًا. أسوق أحد هذه المواقف الغربية لمسئولي التليفزيون المصري تجاه فعالية ثقافية وفنية تقوم بها سفارة كازاخستان في محافظتي الإسكندريةوالقاهرة. فبمناسبة الذكرى العشرين لعاصمة كازاخستان - أستانا وفي إطار البرنامج الرئاسي "الثقافة الكازاخية الحديثة في العالم المعاصر"، وفي ظل الاحتفاء بالذكرى الثانية لزيارة الرئيس السيسي إلى كازاخستان والخامسة والعشرين لزيارة الرئيس نازاربايف إلى القاهرة، تنظم سفارة كازاخستان الأسبوع الثقافي الكازاخي بجمهورية مصر العربية في الفترة 11-14 أبريل القادم برعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة وبالتعاون مع المركز الثقافي القومي، ودار الأوبرا المصرية. ويستضيف الحفلة الموسيقية الأولى مسرح سيد درويش بدار أوبرا الإسكندرية في الساعة الثامنة مساء الأربعاء 11 أبريل والحفلة الثانية تستضيفها القاعة الرئيسية لدار أوبرا القاهرة في الساعة الثامنة مساء السبت 14 أبريل 2018، وسيكون الدخول مجانا للجميع في كلتا الحفلتين.
وسيقام الحفل الموسيقي "Kazakh Eli Classic" تحت قيادة الفنانة الكازاخية الشهيرة أيمان موساخاجاييفا، رئيسة الجامعة الوطنية الكازاخية للفنون، وعازفة الكمان المشهورة عالميًا والحاصلة على لقب "فنانة اليونسكو للسلام"، وعضو الأكاديمية الدولية للفنون، وحاصلة على الكثير من الجوائز العالمية والعضويات المرموقة حيث تم إدراج اسمها في قائمة "IBC" التي تضم 2000 فنان متميز في القرن العشرين، وكذلك تم ادراجها فى قاموس جامعة كامبريدج للموسيقيين المشهورين في القرن العشرين. كما سيتمكن الجمهور من مشاهدة أداء تلحيني للطفل المعجزة "راخات بي عبدساغين"، فهو ملحن شاب من كازاخستان ويطلق عليه «موتسارت الكازاخي»، وقد فاز بالعديد من المسابقات الدولية المرموقة، وألف أكثر من 100 قطعة موسيقية والحان سيمفونية متنوعة. أما الأوركسترا الأوروآسيوية السيمفونية للجامعة الوطنية الكازاخية للفنون المكونة من 86 فنان فسيقودها المايسترو الكازاخي عييدر توريباييف بصحبة فرقة الكمان "أيجوليك" وفرقة الآلة الفولكلورية "دومبيرا" ومجموعة من المغنيين المشهورين. هذا الحضور الفني الراقي والكبير من شأنه أن يؤكد لراغبي السفر إلى مصر على أمنها واستقرارها، فضلًا عن إمكانية تسويقه أوروبيا وعالميًا، وعلى أقل تقدير ترويجه في دول الاتحاد السوفيتي السابق، ولكي نحقق أقصى استفادة ممكنة من هذه الفعالية، فكانت ثمة مساع لنقل هذا الحدث عبر بث مشترك بين القنوات الكازاخية الناطقة بالروسية والتليفزيون المصري. لكن الصدمة ما قيل للمستشار الثقافي والإعلامي الكازاخي من ضرورة دفعه ما قيمته 12 ألف دولار لأجل إتمام هذا البث! وبهذه البساطة توضع العراقيل، وبمثل هذه الطريقة تضيع على الوطن الكثير من الفرص بسبب سوء تقدير مسئول؛ لكن لن نفقد الأمل في الإصلاح وسنبادر دوما بالكشف عن مثل هذه العناصر علنا نجد من يعدل قراراتهم ويحسن استغلال منصبه.