قال الشيخ طه عبدالوهاب، خبير المقامات ومحكم القرآن الكريم، إن المطربة الراحلة ليلى مراد وصفت صوت الشيخ علي محمود أنه ثاني أجمل صوت في المؤذنين. وأضاف «عبد الوهاب»، خلال لقائه برنامج «لعلهم يفقهون»، المُذاع على فضائية «dmc» اليوم، الثلاثاء، «أن المطربة ليلى مراد، رأت أن الشيخ علي ثاني أجمل صوت بعد سيدنا بلال بن رباح (المتوفي سنة 20 ه) الصحابي ومؤذن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. وأشار إلى أن ليلى مراد ذكرت أن صوت الشيخ علي ليس أجمل من سيدنا بلال على الرغم من أنها لم تسمع صوت مؤذن النبي، احترامًا لرأي الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي وصف صوت بلال ب«الندي»، كما ورد في الحديث الذي رواه أبو داود في سننه من حديث عبدالله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «قُمْ مَعَ بِلَالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ». يذكر أن الشيخ علي محمود مقرئ ومنشد مصري، وصاحب مدرسة عريقة في التلاوة والإنشاد تتلمذ فيها كل من جاءوا بعده من القراء والمنشدين. ولد الشيخ علي محمود سنة 1878م بحارة درب الحجازي، كفر الزغاري، التابع لقسم الجمالية بحي الحسين بالقاهرة لأسرة على قدر من اليسر والثراء، وبعد مدة أصيب بحادث أودى ببصره كاملًا. والتحق بالكتاب وحفظ القرآن الكريم ودرس علومه صغيرًا، حيث فحفظ كتاب الله على يد الشيخ أبو هاشم الشبراوي بكتاب مسجد فاطمة أم الغلام بالجمالية، ثم جوده وأخذ قراءاته على الشيخ مبروك حسنين، ثم درس الفقه على الشيخ عبد القادر المزني، ذاع صيته بعد ذلك قارئًا كبيرًا وقرأ في مسجد الحسين فكان قارئه الأشهر، وعلا شأنه وصار حديث العامة والخاصة. ودرس بعد ذلك الموسيقى على يد الشيخ إبراهيم المغربي، وعرف ضروب التلحين والعزف وحفظ الموشحات، كما درسها أيضًا على شيخ أرباب المغاني محمد عبد الرحيم المسلوب وحيد عصره وفريد دهره في الموسيقي، كما أخذ تطورات الموسيقى على الشيخ عثمان الموصلي وهو تركي استفاد منه في الإطلاع على الموسيقى التركية وخصائصها. بعد كل هذه الدراسات الثرية، إضافة إلى موهبته الذهبية صار الشيخ علي محمود أحد أشهر أعلام مصر قارئًا ومنشدًا ومطربًا. وصار قارئ مسجد الإمام الحسين الأساسي، وبلغ من عبقريته أنه كان يؤذن للجمعة في الحسين كل أسبوع أذانًا على مقام موسيقي لا يكرره إلا بعد سنة، كما صار منشد مصر الأول الذي لا يعلى عليه في تطوير وابتكار الأساليب والأنغام والجوابات. ومن أشهر النوابغ الذين اكتشفهم الشيخ علي محمود القارئ العملاق الشيخ محمد رفعت، والشيخ طه الفشني، والشيخ كامل يوسف البهتيمي القارئ والمنشد المعروف، والشيخ محمد الفيومي، والشيخ عبد السميع بيومي، وإمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد، والموسيقار محمد عبد الوهاب وقد تعلم عليه الكثير من فنون الموسيقى، وسيدة الغناء العربي أم كلثوم، والمطربة أسمهان. رحل الشيخ علي محمود إلى جوار ربه في الحادي والعشرين من ديسمبر عام 1946م تاركًا عددًا غير كثير من التسجيلات التي تعد تحفًا فنية رائعة.