أيها العزيز الأسير، لكم تمنيت يومًا أن يتغير لفظ تابع ندائي إليك لكن لم يُرِد الله لي حتى الآن أن أعاصر ذلك، ها أنا الآن أجلس أمام أوراقي، تقودني أقلامي لأكتب إليك، إليك وحدك، وأعلم تمامًا أن الخزي ينتابني من مفرق رأسي حتى مخمص قدمي أنا وكل المتخاذلين عن أن ينتشلوك من ذاك الهوان، لكن ليس بأيدينا سوى أن نواسيك بقلوبنا وندعو لك الله فقط. المرء ليس بيده ميلاده وموته، وأقداري هى أن يكون ميلادي فى تلك الحقبة الحزينة البائسة، أشاهدك أسيرًا، وأكتفى بالمشاهدة، أحيانًا أزرف الدمع لأجلك، وقد يكون ذلك جُل ما استطعت أن أقدمه حتى الآن إليك، ميلادي عاصرك أسيرًا وأتمنى ألا يكون مماتي كذلك. ثمّة أمور جلية ذابت فى ثنايا عقلي جعلتني من المُتيقنين أنك أحد هؤلاء الأسرى الذين لا إثم عليهم ولا ذنب اقترفوه ليُؤسروا، ثمة براهين لا يختلف عليها عاقل تؤكد أنك لا تستحق أن تكون فى تلك المعاناة التى تفتتك يومًا بعد يوم، ثمّة حياة أخرى كنت أتمنى أن أراك فيها، ولكن ! ثمّة رجال فقدوا كل معاني الآدمية والغيرة فأصبحت فى هذا الهوان الآن.. أتعلم يا عزيزي؟ يؤلمني كثيرًا أن أراك كذلك، لكن ما يُؤلمني أكثر أننا مازالت مدامعنا تنزف حزنًا، ليس تأثرًا بك ولكن قلقًا على مصير ذاك الفدائى الذى يحمل شرف الأمة على عاتقه فى مسابقات "الآرب أيدول"، نسانده بكل ما أوتينا من قوة وننافس به كل متحدٍ أراد أن يقف أمامه، هو قائدنا ونحن جيشه. وفتياتنا أيضًا مازالت اهتماماتهن تتجه إلى المسلسلات التركية التى تتم صناعتها فى بلاد خليفة المسلمين -المزعوم-، ويتباهين بحبهن لأبطال تلك المسلسلات بل ويتنافسن فى ذلك أيضًا! هل تنتظر النصر أو التمكين من هؤلاء يا أسيري الجريح؟ أقصانا الحزين.. أكتب إليك راجيًا منك أن تُسامحنا على تخاذلنا.. غابت بيننا مبادئ عقيدتنا.. وغاب العلم من بلادنا.. و الآن نحن تحت حكم مجموعة من الذين لا يُصارعون إلا بعضهم البعض ونسوا أنك قضيتنا الأولى والأبدية فلا تنتظر -الآن على الأقل- أن ينبعث ذاك الجيل الذى يستعيد أمجاد «حطين» مرة أخرى. ننظر إلى عبق الماضى فى جدرانك.. نستعيد ذكريات طوتها الأعوام والسنون.. تلك الجدران التى شهدت أشرف خلق الله محمد -صلى الله عليه و سلم- إمامًا وخلفه الأنبياء فى ليلةٍ كريمةٍ مباركة.. والآن تلك الجدران تشهد الانتهاكات التى يرتكبها أحفاد القردة والخنازير فى حق أطفال ونساء القدسالمحتلة.. نتذكر ونندب أحوالنا عندما نقرأ ما قاله البطل «صلاح الدين الأيوبى» الذى حرّرك بعد 91 عامًا من الاحتلال الصليبى حينما قال: كيف يطيب لي الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بأيدي الصليبيين" والآن يطيب لنا كل شيء وأنت وحدك أسيرًا حزينًا.. أقصانا العزيز.. أكتب إليك مُتفاخرًا بأمجادٍ أصبحت سطورًا فى كتب التاريخ.. وأعلم أن ذلك لا يفيد شيئًا.. لكن أقسم إليك أننا سنعود يومًا ما.. حاملين رايات الجهاد والرفعة.. وسنحيى أمجاد إسلامنا مرةً أخرى. أولى القبلتين.. وثالث الحرمين.. أستودعك الله الذى لا تضيع أمانته.. إلى لقاء قريب ونصر مديد بعون الله.