بلد فى حالة إضراب

تعانى القاهرة من مجموعة إضرابات قطاع النقل. أتابع يومياً أخبار إضرابات سائقى الميكروباص وقطاعات من سائقى هيئة النقل العام. النقل والمواصلات مثل غيره.. منظومة إذا تعطل عنصر أحدث تأثيراً فى بقية العناصر. تسببت إضرابات النقل فى أزمة مرورية متضاعفة. ضغط المواطنون على خدمات مترو الأنفاق. هذا إضراب مؤثر حسبما أتعرف على ردود الأفعال من الجمهور العادى. لا توجد حالة تفاوض حقيقية تثبت أن هناك رغبة لدى الإدارة لكى تصل إلى حلول. الحكومة عاجزة وفق ظواهر الأمور.
الأطباء فى حالة إضراب بدورهم. هذا أيضاً مؤثر. يبدو أنه احتجاج خاضع لإدارة تعرف ماذا تفعل. بالأمس أوقف الأطباء إضرابهم لصالح علاج المصابين بأمراض مزمنة. خطابهم العام لا يتكلم عن رواتب فقط. يتحدث الأطباء عما يفوق معاناتهم الشخصية. يضربون عن العمل لأنهم معترضون على حال الخدمة الصحية برمتها، تصدوا بالنيابة عن المصريين من أجل رفع المخصص فى الموازنة لتمويل القطاع الصحى.
أقرأ أخباراً عن اعتصامات مختلفة. مظاهرات متكررة. إضرابات فى قطاعات كثيرة. مصر كلها فى حالة إضراب غير معلن. لا أحد يعمل. الجميع لديه مشكلة فى قواعد التعامل. الكل يرغب فى أن يعاد النظر فى معادلته. هذا خطر على المجتمع. يمكن أن نلقى باللوم على من لا يعملون. اللوم الأكبر يجب أن يقع على كاهل قيادة البلد. لم تقدم تصوراً مقنعاً بأنها قادرة على حل المشكلات العامة أو الفئوية. يأتيها الضغط من كل الفئات. كل مجموعة تريد أن تحقق مكسباً. تسود فى مصر قاعدة فليخسر الجميع إن لم نكسب نحن!
كل إضراب يكشف عن أن هناك مشكلات مؤجلة. أمراض لم يتم علاجها. جلطات إن لم يتم تذويبها سوف تؤدى إلى شلل وما هو أخطر. وصلتنى رسالة من قارئ اسمه يوسف.
يبدو طبيباً. كشف أن من بين مشاكل الأطباء حالة الاحتكار المهنى والمعرفى التى يتمتع بها كبار ومشاهير الأطباء أساتذة الجامعات. الموقف المحتقن لهيئة قضايا الدولة بخصوص ما سوف يقر بشأنها فى الدستور يتعلق بصراع أوضاع داخل الهيئات القضائية عموماً. إضراب سائقى النقل العام فى عمقه له علاقة بتبعية الهيئة.. أتكون لمحافظة القاهرة أم لغيرها؟ إضراب سائقى الميكروباصات من جذوره العلاقة بين ضباط المرور والسائقين. لا يمكن تفهم إضراب السائقين دون أن نعرف أبعاد موقف أصحاب السيارات. كيف يمكن أن يقبلوا بإضرابهم إن لم يكونوا قد نسقوا معهم، هذا إضراب بالوكالة عن أصحاب مصالح آخرين. فهمت أنه ليس شرطاً أن يكون كل سائق صاحب ميكروباص!!
إذن الحلول المؤقتة لن تنهى المشكلات حتى لو فضت الإضرابات. ستبقى المشاكل موجودة. الطبيعى أن تكون هناك تراكمات لابد أن يتم فحصها. فى كل القطاعات. الطبيعى أن هذا لن يتم بين يوم وليلة. سوف تتكرر إذن حالات الإضراب. يؤثر هذا على الاقتصاد المنهك أصلاً. تريد الدولة أن تتخذ مجموعة من الإجراءات. ترغب فى خطوات إصلاحية اقتصادية. إذا اتخذت تلك الخطوات سوف تكون لها آثار سلبية. تتضاعف مجدداً مسببات المشكلات. يتضخم اندفاع المصريين نحو توقف الأعمال. سواء كان هذا بإضرابات معلنة أو غير معلنة، تضاف أسباب جديدة للأزمة الاقتصادية!!
newton_almasry@yahoo.com
نقلا عن المصري اليوم