تعد المشكاوات من أهم أدوات الإضاءة التي استخدمت في مصر عبر فترات مختلفة من التاريخ،وكان من السهل التعرف على المشكاوات التي صنعت لسلاطين،حيث كانت ألقابهم وأسماؤهم تكتب بخط واضح على بدن المشكاة. وبعض الأمراء كانوا يكتفون بوضع "رنكهم"،و"الرنك" كلمة تعني في العصر المملوكي "الشارة" التي توضع على البيوت والأماكن والأشياء المنسوبة إلى صاحب "الرنك". لكن المشكاوات لم تكن مجرد وسيلة إضاءة بقدر ما كانت جزءا مهما من تاريخ وحياة السلاطين والأمراء،وإلا ما وجدنا المعهد الثقافي الفرنسي بالقاهرة لديه مجلد من إصداره عن المشكاوات وتاريخها وصناعتها وأصحابها علي مر العصور التاريخية خاصة المملوكي،والذي يأتي علي رأس العصور التي تنتمي إليها المشكاوات سواء داخل مصر أو خارجها في بعض المتاحف والمجموعات الخاصة. شريف فوزي مدير وحدة التطوير وإعادة توظيف الاثر لدى الادارة العامة للقاهرة التاريخية أكد أن المشكاوات من العناصر الأثرية المهمة في المنشآت الإسلامية خاصة المساجد،مشيرا إلي وجود دراسة للدكتورة مايسة محمود محمد داود بعنوان"المشكاوات الزجاجية في العصر المملوكي"والتي كانت موضوع الماجستير الخاص بها وحصلت عليه من كلية أثار جامعة القاهرة عام 1971 ,وهذه الدراسة تكشف الكثير من تاريخ المشكاوات وقيمتها،وترصد بالأرقام أماكن تواجدها سواء داخل مصر أو خارجها. وطبقا لما جاء في تلك الدراسة المهمة،يعتبر رنك السلطان الناصر محمد أقدم الرنوك الكتابية السلطانية علي المشكاوات الزجاجية،ومن أوضح الأمثلة مجموعته المحفوظ جزء منها في مجموعة خاصة بإسم"إدوارد روتشيلد"في باريس وجزء بمتحف الفن الإسلامي تحت أرقام سجل 273 و 259 كما أن مجموعة السلطان حسن من المشكاوات المهمة والمتفردة عن مثيلاتها،حيث أنها لم يكتب عليها إسمه لأنها كانت ذات طابع خاص ومميز غني عن التعريف،بحيث أن من يراها بشكلها يعرف مباشرة أنها للسلطان حسن،ومحفوظة في متحف الفن الإسلامي بأرقام سجل 271 و272 و278-280 و282-201/286و287-291و301-305و315-327و329-331. وذكرت الدكتورة مايسة في رسالتها أن مجموعة مشكاوات السلطان برقوق محفوظة في متحف الفن الإسلامي بأرقام سجل273-277و282-283و292-293و295-300و306-311و401/436،كما أن مجموعة السلطان المؤيد جزء منها محفوظ في مجموعة خاصة بالبارون"روتشيك"في باريس،والجزء الأخر في متحف الفن الإسلامي،والسلطان الأشرف قايتباي له مشكاة محفوظة في متحف الفن الإسلامي بإسمه،ويرجح أنها من صناعة البندقية وليس مصر،حيث أنه في تلك الفترة مع مطلع القرن 10ه /16 م، تدهورت صناعة الزجاج في مصر بعد تدهور عام للأوضاع الاقتصادية بسبب إكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح. و أدي إزدهار صناعة المشكاوات بالخارج خاصة بالمدن الإيطالية ومنها البندقية،وذلك علي الطراز الإسلامي لتباع في مصر،أو تهدي للسلاطين لقيمتها العالية جدا،مثلما كانت مصر في عصر الناصر محمد تصنع مباخر وتحف معدنية عليها صلبان للملوك المسيحيين في أوروبا،وهناك مجموعة مشكاوات السلطان برقوق موزعة ما بين متحف الفن الإسلامي ومسجد الحسين،كما أن مسجد الأقمر في شارع المعز علي واجهته محفور شكل للمشكاة منبعج قليلا،وهذا الشكل تم الإسترشاد به لصناعة نماذج مشكاوات زجاجية للجامع الأزهر حينما أجري له مشروع ترميم وتطوير في الستينات. جوانب أخري من تاريخ وحكايات المشكاوات كشفها كتاب أخر هو"دراسات وبحوث في الأثار والحضارة الإسلامية"الكتاب التذكاري الثاني للدكتور محمد السيد غيطاس إصدار كلية الأداب بسوهاج مجلة كلية الأداب طبعة أولي 2005 ،حيث تضمن الكتاب بحث عن عناصر الإضاءة الطبيعية ووسائلها الصناعية في العصور الإسلامية،من إعداد الباحثة زينب طايع أحمد بالمجلس الأعلي للأثار،وجاء فيه أن فرنسا قامت بتقليد صناعة المشكاوات بزجاج يخالف الزجاج الأصلي في نهاية القرن 19،كما أن المشكاوات في أواخر العصر العثماني وهي فترة أسرة محمد علي تميزت بالتنوع ومنها علي النمط المملوكي،وهذه المشكاوات صنعت في أوروبا وفرنسا وإيطاليا وظهرت أخطاء بالأشرطة الكتابية عليها،وكان زجاجها خالي من الشفافية ومعتم. البحث أشار أيضا إلي أنه في نهاية القرن 19 قامت لجنة حفظ الأثار العربية التي نشأت عام 1818م في عهد الخديوي توفيق،بعمل مشكاوات صنعت في فرنسا لوضعها في المساجد والمنشأت الأثرية التي قامت اللجنة بترميمها،وكانت مصنوعة من زجاج شفاف أبيض أو بنفسجي أو عسلي أو أزرق فاتح وخالية من الزخارف النباتية والهندسية والكتابية،وبعضها جاء مذهب الحواف وعليه زخارف هندسية ونباتية حمراء اللون أو ذات زجاج معتم،وتمت صناعتها في مصانع زجاج باب النصر الذي كان يوجد قريبا من مسجد الحاكم بأمر الله بجوار باب النصر. وطبقا لما جاء في البحث، يحتفظ متحف الفن الإسلامي بمجموعة من هذه المشكاوات كما تحتفظ كثير من المساجد بالمشكاوات وخاصة مسجد الرفاعي الذي توجد به مجموعة لا بأس بها،وهناك مشكاوات تمت صناعتها في بداية القرن العشرين للأثار والمساجد بناء علي قرار"فرمان"الخديوي عباس حلمي الثاني،وقد إستعان البحث بصورة لمشكاة زجاجية لعباس حلمي الثاني ذكر أنها في متحف قصر المنيل.