قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الله تعالى أخفى أولياءه الصالحين في عباده، كما أخفى 7 أمور أخرى. وأضاف «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم»، أن الله تعالى أخفى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان حتى يشوق الناس إلى العبادة، ويدفعهم إلى أن يقوموا العشر كلها أو الوتر على الأقل إذا فاتهم شيء منها، ولكنه أخفى اسمه الأعظم في أسمائه الحسنى حتى يذكر الناس الله تبارك وتعالى ويدعون الله سبحانه وتعالى بهذه الأسماء كلها. وتابع: ولقد أخفى الله سبحانه ساعة الإجابة في الثلث الأخير من الليل وأخفى السبع المثاني في القرآن العظيم، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات كلها، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة. وأشار المفتي السابق، إلى أن الله عز وجل أخفى الكبائر في الذنوب بأسرها، وأخفى الأولياء في عوام الناس حتى لا يحتقر أحدٌ أحد من الناس، ويكون التسامح والرحمة والود ولا يتكبر بعبادة أو بغيرها لا بدنيا ولا بغير دنيا على خلق الله، لو لاحظنا هذه الأشياء لا نجد إلا ليلة القدر وحدها هي التي تختص برمضان، وسائر الأشياء التي شوقنا الله سبحانه وتعالى فيها بتلاوة القرآن، أو بإقامة الصلاة أو بالذكر، أو بغير ذلك من الدعاء، والالتجاء إليه سبحانه وتعالى كما في خارج رمضان. ولفت عضو هيئة كبار العلماء، إلى أن الناس يعرف أنه من أولياء الله الصالحين لأن دعاءه مستجاب، والبعض الآخر من أولياء الله لا يعرف أنه ولي ويتهم نفسه دائما بالتقصير في العبادة. واستشهد بما روى أَنَس بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي إِذِ اسْتَقْبَلَهُ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثُ؟"، قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، قَالَ: "انْظُرْ مَا تَقُولُ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي بِعَرْشِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَعَاوَوْنَ فِيهَا. قَالَ: "أَبْصَرْتَ فَالْزَمْ، عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشَّهَادَةِ، قَالَ: فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنُودِيَ يَوْمًا فِي الْخَيْلِ، فَكَانَ أَوَّلَ فَارِسٍ رَكِبَ، وَأَوَّلَ فَارِسٍ اسْتُشْهِدَ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ أُمَّهُ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ وَلَمْ أَحْزَنْ، وَإِنْ يَكُنْ فِي النَّارِ بَكَيْتُ مَا عِشْتُ فِي دَارِ الدُّنْيَا، فَقَالَ: "يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا لَيْسَتْ بِجَنَّةٍ وَلَكِنَّهَا جِنَانٌ، وَالْحَارِثُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى"، فَرَجَعَتْ وَهِي تَضْحَكُ وَتَقُولُ: بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا حَارِثُ».