ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن المملكة المتحدة كانت دائما الديمقراطية الأقوى في أوروبا، ومع انتخابات يوم الخميس والتي قررت فيها الجماهير البريطانية مغادرة الاتحاد الأوروبي أعطت بريطانيا، جيرانها في القارة الأوروبية، مثالا قويا لمعنى القاعدة الشعبية، موضحة أنه سنرى الآن إذا ما كان لدى البريطانيين الحكمة لتحقيق أفضل استخدام للخيار التاريخي أم لا. وأشارت إلى أن التصويت بالانفصال يحرم الاتحاد الأوروبي من ثاني أكبر وأنشط اقتصاد، وأقوى معدل نمو بين الاقتصادات الكبرى في أوروبا ونسبة بطالة قياسية تصل إلى 74٪، وأن الإنفاق الحكومي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي قد عاد أيضا إلى مستويات ما قبل الأزمة المالية، ومرة أخرى دحض نظرية "الكنزيين" عن مخاطر "التقشف". وأضافت أن موقف مؤيدي خروج بريطانيا يشجع غيرها من الدول في هولندا على مناقشة موقف عضويتها في الاتحاد الأوروبي، خصوصا إذا ما كانت بريطانيا لا تعاني من كوارث اقتصادية ودبلوماسية المتوقعة من قبل معسكر البقاء، بدءا من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والمستشار جورج أوزبورن. وقد أظهرت النرويج وسويسرا أنه من الممكن أن يكون الرخاء والأمن في أوروبا الأقل مع بروكسل. وتابعت أنه إذا أراد الاتحاد الأوروبي منع دول أخرى من اصطياد أخطاء الانفصال البريطاني، فالأفضل هنا هو تجنب الفتنة بمعاقبة المملكة المتحدة مع إعادة التفاوض الشاق بشروط مجحفة لإعادة ضمها مجددا إلى السوق المشتركة. وأضافت أن تصور الاتحاد الأوروبي المتعالي هو ما ينفر الرأي العام في جميع أنحاء القارة. من الانفصال البريطاني، و يجب أن يكون خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي بمثابة دعوة للتيقظ إلى حاجة الاتحاد الأوروبي إلى العودة إلى كونه السوق المشتركة التي تشجع النمو والمنافسة، وليس كما أصبحت منذ أواخر 1980 كسوق عظمى لقتل الإبداع، وزيادة الضرائب، وعقيدة الطاقة الخضراء وقوانين مكافحة الاحتكار المانعة للمنافسة. لندن سيكون لديها تحديات خاصة للتكيف وفق التصريح الشهير الذي أطلق من "بروج" بلسان رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر، لم تصوت بريطانيا لتحرير نفسها من اتحاد أوروبا للعودة لهيمنة ممارسة "الدولة المربية" والتي تتدرب على الهيمنة من وستمنستر. إن الخطر حقيقي. ففي إبريل وعد عمدة لندن السابق أبريل بوريس جونسون، ووزير العدل البريطاني مايكل جوف، والزعيم المحافظين والمؤيد لحملة المغادرة، بمفاجأة من المفترض أن تزيد من قرص در الأموال على هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تديرها الدولة. على الجانب الآخر، حذر جورج أوزبورن، وزير المالية البريطاني، من أن انفصال بريطانيا سوف يحدث ثقبا عملاقا في موازنة المملكة المتحدة والتي من المفترض أن تكون مليئة بزيادة الضرائب. والمملكة المتحدة هي أكبر مصدر للخدمات المالية في العالم، ولكن انفصالها عن الاتحاد الأوروبي يعني أنه سيكون لديها تحديات محاربة الصعاب وهي أن تظل لندن محافظة على بقائها عاصمة مالية في أوروبا وأن تواجه إغراء الشركات للانتقال إلى فرانكفورت لتسهيل الوصول إلى الاتحاد الأوروبي. وأكدت الصحيفة الأمريكية أنه يجب أن تلتزم الحكومة البريطانية القادمة أيضا الحرص على عدم تفسير أسباب الانفصال عن أوروبا، كما يجب أن تصدر تفويضا سياسيا لإغلاق الحدود البريطانية في وجه المهاجرين، حيث كان القلق من مخاطر الهجرة إلى بريطانيا – وإن كان غير حقيقي - قد دفع بعض من الأصوات إلى تأييد الانفصال. لكن الأرقام القوية للعمالة في المملكة المتحدة هي دليل على أن المهاجرين لا تأخذ فرص العمل من البريطانيين وأن اقتصاد المملكة القوي يتطلب رأس مال بشري. وكسر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، يعني أن البريطانيين سيكونوا قادرين على وضع شروطهم لتحجيم معدلات الهجرة، وربما سيكون هذا كافيا لتجنب ما من شأنه أن يضر بسمعة بريطانيا كدولة لها سمعتها في أوروبا. انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي سيلزم لندن بإعادة التفاوض على اتفاقات التجارة مع الاتحاد الأوروبي نفسه والشركاء التجاريين مثل كوريا الجنوبية والمكسيك. ويمكن للولايات المتحدة المساعدة من خلال تقديم فرص للتفاوض على اتفاق ثنائي مع المملكة المتحدة أو الدعوة للانضمام إلى اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. وهذه هي فرصة الجمهوريين ودونالد ترامب، المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية، على النقيض من تهكم الرئيس الأمريكي االحالي باراك أوباما والتي من شأنها أن تكون بريطانيا عالقة في "الجزء الخلفي من قائمة الانتظار" لمغادرة الاتحاد الأوروبي. تعد المملكة المتحدة هي أكبر دولة لها استثنمارات أجنبية مباشرة في الولاياتالمتحدة، والعكس بالعكس، وعلى هذا الأساس يجب أن تكون اتفاقية تحرير التجارة بين الجانبين سهلة تصب في المصلحة الوطنية المتبادلة. بينما يبقى الخطر الأكبر على بريطانيا بعد الانفصال هو دخولها في حقبة جديدة من ضيق الأفق على المستوى السياسي داخل المملكة المتحدة. وأحد التهديدات التي تواجهها ايضا هي المحاولة الاسكتلندية للانفصال أيضا، والتي يمكن أن تصبح حادة إذا ما أدى انفصال بريطانيا إلى ركود اقتصادي أو سبيل لزيادة الضرائب.