أكد العلماء الفرق أن هناك فرقًا بين استجابة الدعاء وقبوله، إذ إن كل دعاء مستجاب، إلا أن قبوله وحصول المطلوب نفسه إنما هو منوط بحكمة الله سبحانه وتعالى. وضرب العلماء مثلا على ذلك: يستصرخ طفل عليل الطبيب قائلا: "أيها الطبيب، انظر إلي واكشف عني"، فيقول الطبيب: "نعم يا ولدي"، فيقول الطفل: "أعطني هذا الدواء"، فالطبيب حينذاك إما أن يعطيه الدواء نفسه، أو يعطيه دواءً أكثر نفعاً وأفضل له، أو يمنع عنه ما طلبه لأن منعه أنفع له، كل ذلك حسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة. فكذلك الحق تبارك وتعالى - ولله المثل الأعلى - لأنه حكيم مطلق يستجيب دعاء العبد، قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» سورة غافر (60)، ويستجيب الله إما للدعاء نفسه مباشرة، أو يمنحه أفضل منه في الآخرة، أو يدفع عنه من السوء مثله، حسب ما تقتضيه الحكمة الربانية. وأكد العلماء أن قبول الله تعالى دعوة من دعاه، وإجابته لما طلب، على أنواع: إما تعجل له دعوته بخصوصها، أو أن يصرف عنه من السوء بمثلها، أو يدَّخر ذلك له أجرا وثوابا يوم القيامة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ؟ قَالَ: الله أَكْثَرُ». رواه أحمد (10749).