الرياض: أكد الدكتور عبد الله المصلح عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية أنّ كلَّ دعاء مستجاب، طالما أنه لم يكن بإثم أو قطيعة رحم، ولكن للمولى تبارك وتعالى، في خلقه حِكَم لا يعلمها إلا هو، فإمّا أن يُحقق لنا هذا الدعاء، ويستجيب له في الحال، وإمّا أن يدخره لنا أجرًا يوم أن نلقاه، وإمّا أن يرفع به عنا سوءًا. وقال في حديثه لبرنامج "الجواب الكافي" ، الذي تبثّه فضائية الرسالة: إنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف: "إنّ البلاء ينزل، وإنّ الدعاء ليصعد، فيلتقيان في السماء يعتلجان إلى يوم القيامة ". وأضاف، أنّ الدّعاء هو منحة ربانية، ونعمة عظيمة، وهبنا الله إياها، وعلينا أن نستفيد منها، حيث إنّه سلاح المؤمن، وهو الفيض الذي لا ينضب أبدا، والنّبع الذي لا يتوقف أبدًا، كما أنه منهج الأنبياء، حيث ورد الكثير من الأدعية في القرآن الكريم، ومنها " رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير" "ربي إني مغلوب فانتصر " " ربي إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم " " لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " . وأوضح، أنّ لنا في رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أُسوةً حسنةً في الدّعاء في السّراء والضّراء، وحتى في الحروب، حيث بقي ليلة بدر الكبرى، يناجي ربه حتى ينصره على المشركين، ويُعلي كلمة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " . وكان العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين، قد ذكر في فتوى له نشرها موقعه الرسمي على الإنترنت، أنّ الإنسان كلما كان غذاؤه حلالا، وكلما كان مستقيما على طاعة ربه، فإنه يكون مجاب الدعوة، حيث وقع في القرن الماضي في عهد الملك عبد العزيز، رحمه الله، ذكر رجل في بعض القرى مجاب الدعوة، إذا قرأ على مريض شُفي - بإذن الله - لأول مرة، وكذلك إذا دعا الله أُجيبت دعوته، فتعجّب من أمره وأمر بإحضاره إليه، فلما جاء إليه وقدموا له فنجان قهوة لم يقبل، أو تمرات لم يقبل، وقال: إن غذاء بيت المال فيه شبهة، أو ما أشبه ذلك فسُئل: لماذا لا تأكل ؟ فقال: لا أتغذى إلا بشيء من كسب يدي ومن عرق جبيني. وأضاف، أنّ سعدًا بن أبي وقّاص، قال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال: يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة "، هكذا أمره. وهذا أيضا ظاهر في كثير من الزّهاد الذين اقتصروا على الأكل الحلال، على كسبهم وعلى كد أيمانهم، فهناك كثير من الزّهاد الذين اقتصروا على كسبهم بأيديهم فلا يأكلون إلا الأكل الحلال، الذي لا شبهة فيه، الذي هو كسب أحدهم، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: إن أطيب ما أكل الرجل من كسب يده، وإن داود - عليه السلام - كان يأكل من كسب يده، أي مما كسبه بيده وبعرق جبينه، فإذا كان كذلك فإنه في الغالب يكون مجاب الدعوة، ويكون مقبول العمل، ويكون سعيدًا في دنياه، يعيش عيشة هنيئة، يعيش في رخاء، ولا يكون عنده شيء مما يُكدّر عليه صفو حياته، وهذه سنّة الله تعالى في خلقه كما هو الواقع. وأوضح، أن بعض الإخوة ذكر عن أحد الزّهاد، وأحد العلماء الذين تُستجاب دعوتهم، قال: كان رحمه الله يقرأ على المريض، إذا أتي بكأس أو بقدح فيه شيء من الماء، يقرأ فيه ثم ينفث فيه نفثات قليلة فيطيش ذلك الإناء ويمتلئ من آثار تلك الرقية، التي كانت من إنسان مخلص في دينه، عالم في دينه، رِزقه حلال، لم يَشُبه بشيء من الحرام. أما الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية الأسبق رحمه الله فقد قال في فتوى نشرها موقعه الرسمي على الانترنت إن أراد يعجّلها، وإن أراد يؤجلها سبحانه وتعالى لحكمة بالغة، فقد يعجل الاستجابة وقد يؤخرها . وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها". عن أحمد والبزار وأبي يعلى بأسانيد جيدة، عن أبي سعيد. ومن جهته أفتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - أن الدعاء نفسه عباده وتحصل به القربى إلى الله – عزّ وجلّ – لأن الإنسان عندما يدعو ربه يعترف لنفسه بالقصور ولربه بالكمال، ولهذا توجه إليه سبحانه وتعالى بالدعاء وفيه تعظيم لله – عزّ وجلّ – وتعظيم الله عباده وقد جاء عن رسول الله، أن الدعاء عبادة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الإنسان يحصل له التقرب إلى الله بمجرد دعائه .. ثم إنه عندما يدعو الله – بجانب التقرب إلى الله – إما أن يستجاب له الدعاء ويتحقق مقصوده، وإمّا أن يكف عنه من الشر ما هو أعظم من النفع الحاصل بمطلوبه، وإما أن يدخر الله له أجره عنده يوم القيامة . وأضاف أن كل من دعا الله سبحانه وتعالى، فإنه لا يخيب أبداً ولكن للدعاء شروط بل وله آداب، منها أن يعتقد الإنسان حين الدعاء أنه في حاجة إلى ربه، وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله .. ومنها أن يعتقد كمال ربه، عزّ وجلّ، وكمال رحمته وإحسانه وفضله وقدرته، ومنها أن يكون مؤملاً وراجياً الإجابة لا يدعو وهو يشك هل يحصل هذا الشيء أو لا يحصل، بل يدعو وهو مؤمن بالفائدة .. ومنها ألا يعتدي بدعائه وذلك بأن يسأل الله ما لا يجوز شرعا. وقال: إنّ من آداب الدعاء ألا يدعو بما لا يحلّ شرعاً فلا يدعو بإثم ولا بقطيعة رحم .. ومنها أيضاً ألا يكون مطعمه وملبسه من الحرام، فإنّ الحرام يمنع إجابة الدعاء كما قال - صلى الله عليه وسلم - : إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً " وأوضح أنّ من الأوقات التي ترجى فيها الإجابة آخر الليل أو الثلث الأخير منه وما بين الأذان والإقامة .. ومن الأحوال التي ترجى فيها الإجابة أن يكون الإنسان ساجداً، فإنَّ الدعاء في حال السجود أقرب ما يكون للإجابة .