البحوث الإسلامية: بر الأم العاقة لأبنائها واجب شرعا «7 أمور» تعد الطريقة المثلى للتعامل معها نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق: عقوق الأم لأبنائها أمر نادر الحدوث شراء الهدايا للأم «العاقة لأبنائها» واجب شرعا تحتفل مصر والعالم العربي فى هذه الأيام من كل عام بعيد الأم والذي يوافق 21 من مارس، تكريماً للأم التى تتعب وتضحى من أجل أبنائها وراحتهم، وقد كرم الله تعالى الأم وقرن بين برها وبين الإيمان به سبحانه وعدم الإشراك به فى مواضع كثيره فى القرآن الكريم. وكان تخصيص يوم للاحتفال بالأم ليس بالأمر المبتكر فالإسلام حث على برها وتكريمها ليس فى يوم واحد من العام وإنما طوال العام يجب تكريمها وبرها والحث على إرضائها فى كل وقت وحين، فإن برها يعتبر بمثابة التذكرة التى تعبر بالإنسان إلى الجنة وبه يحصل الإنسان على رضا خالقه عزوجل، ولكن قد يشذ عن هذه القاعدة القليل من الأمهات التى تعوق أبنائها وتسيء إليهم ولا تحسن معاملتهم حتى وإن كانوا يبرونها ويحسونا إليها. «صدى البلد» استطلع علماء الدين فى حكم بر الأم العاقة لأولادها، وما هى الطريقة المثلى للتعامل معها، وكيف يكون برها، وهل يجب على الأبناء تكريم هذه الأم العاقة لهم، وهل يجب عليهم شراء الهدايا لها. من جانبه، قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الإسلام أمر ببر الأم حتى إن كانت عاقة لأولادها، حتى إن كانت تسيء إليهم ولا تعتنى بهم، لافتا إلى أن عقوق الأم لأبنائها هو معصية كبيرة وذنب ولكن هذا لا يكون مبررا للأبناء أن يعقوا أمهم. وأضاف «الجندي»، أن المعصية والذنب الذى ترتكبه الأم العاقة لأبنائها قد يعفو الله عنه وقد لا يعفو ولكن للأم حق كبير على أبنائها وواجبهم نحوها هو برها مهما فعلت معهم لأن الأم لها فضل كبير على أولادها لا يمكن إنكاره عبر الزمن؛ لأنها تتحمل معاناة وتعبا ومشقة حتى يأتى ابنها إلى الدنيا. ولفت المفكر الإسلامى إلى أن عقوق الأم لأبنائها ليس أكثر من الشرك بالله فقد أمر النبى السيدة أسماء بنت أبى بكر الصديق -رضى الله عنها- ببر أمها المشركة، مستشهدا بما جاء فى الحديث الشريف الذى ورد عن سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت قدمت علي أمي وهي راغبة أفأصل أمي ؟؟ قال نعم صلي أمك». وأكد عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن صلة الأرحام أمر مقدس فى الشريعة الإسلامية ولا يمكن أن نمحو جزءا من العقيدة الإسلامية وأن يعق الأبناء أمهاتهم لمجرد أن لم تقم بدورها وواجبها نحوهم فلا يمكن أن نعالج الخطأ بالخطأ، لافتا أن الشريعة الإسلامية حثت على العفو والصفح عمن يخطأ فى حقنا وهو غريب فما بالنا بالأم التى تعبت من أجل أن يأتى أولادها للحياة. ولفت أن الأبناء مطالبين ببر الأم حتى وإن كانت عاقة لهم وتقسوا عليهم، موضحا أن الطريقة المثلى للتعامل مع الأم العاقة لأبنائها هى أن يجلسوا الأولاد معها ويتناقشوا فى أسباب تصرفاتها معهم. وأوضح أن من الطرق للتعامل مع الأم العاقة لأبنائها هى أن يتحدثوا معها بهدوء لمعرفة ما يزعجها منهم وأن يختاروا الأوقات التى تستطيع التحدث فيها معهم وألا يتحدثوا معها بحدة أو يوجهوا لها اللوم، وأن يكثروا من زيارتها وأن يطمئنوا عليها من وقت لأخر وألا يفعلوا ما يغضبها أو يثير إزعاجها. وبدوره، قال الدكتور إسماعيل شاهين، أستاذ الشريعة ونائب رئيس جامعة الأزهر السابق: إن عقوق الأم لأبنائها نادر الحدوث ولا تقبله الطبيعة؛ لأن الله تعالى عندما أراد أن يطلق على الرحمة فى الأرض أطلقها على الأم، مستشهدا بحديث سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم: «جعل اللهُ الرحمةَ مائةَ جُزءٍ، فَأمسَكَ عندهُ تِسعة وتسعينَ، وَأَنزَلَ في الأرضِ جُزءاً واحداً، فَمِن ذلكَ الجزءِ تَتَراحَمُ الخلائق، حتى تَرْفَعَ الدابةُ حافِرَها عن ولدها خشيةَ أن تُصيبَه». وأكد «شاهين» أن بر الأم هو المدخل الرئيسي للجنة فإن عمل الإنسان جميع الأعمال الصالحة ولكنه عاق لأمه لم يشم رائحة الجنة، مستشهدا بالحديث الشريف الذى ورد عن فَائِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَالله بنَ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "يا رسول الله، إن هاهنا غلامًا قد احتضر يقال له قل: لا إله إلا الله فلا يستطيع أن يقولها، قال: أليس قد كان يقولها في حياته؟ قالوا: بلى، قال: فما منعه منها عند موته؟ قال: فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهضنا معه حتى أتى الغلام، فقال: يا غلام قل: لا إله إلا الله، قال: لا أستطيع أن أقولها، قال: ولم؟ قال: لعقوق والدتي، قال: أحيةٌ هي؟ قال: نعم، قال: أرسلوا إليها، فأرسلوا إليها فجاءت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابنك هو؟ قالت: نعم، قال: أرأيت لو أن نارًا أججت فقيل لك: إن لم تشفعي له قذفناه في هذه النار، قالت: إذًا كنت أشفع له، قال: فأشهدي الله، وأشهدينا معك بأنك قد رضيت، قالت: قد رضيت عن ابني، قال: يا غلام، قل: لا إله إلا الله، فقال: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لهً الذي أنقذه من النار". وأشار أستاذ الشريعة ونائب رئيس جامعة الأزهر السابق، إلى أن التاريخ الإسلامى وما ورد فيه من قصص يدل على أن عقوق الأم لأبنائها يكون أمرا ظاهريا فقط وليس من قلبها فقد يفسر غضبها من أولادها واستياؤها منهم بالعقوق لأبنائها ولكن فى حقيقة الأمر أنها ينفطر قلبها عليهم إذا حدث لهم أى سوء أو مكروه، مؤكدا أنه لايوجد قلب أحن أو أرحم على الإنسان من قلب أمه عليه لنها من مبادئ الفطرة عند المرأة منذ أن خلقها إلى أن يتوفها. وبين أن تكريم الأم العاقة لأبنائها وبرها واجب شرعا على الأبناء حتى وإن كانت تسئ لهم، منوها أن شراء الهدايا لهذه الأم وإدخال السرور على قلبها أمر واجب على أبنائها، مشيرا إلى أن الله تعالى جعل منزلة الوالدين وبرهما بعد الأمر بعبادته وعدم الإشراك به، مستشهدا بقوله تعالى: « وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً». ونوه أنه يوجد حالة واحدة يجب على الأبناء عدم طاعة أمهاتهم فيها وألا ينفذوا ما طلبته منهم وهو عند الأمر بالإشراك بالله تعالى وحث الإنسان على الكفر به، مستشهدا بقوله تعالى: « وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»، مؤكدا أنه على الرغم من عدم طاعة الأم عند طلبها بالكفر بالله تعالى إلا أن الإنسان مطالب ببرها ومصاحبتها بالمعروف فى الدنيا.