أكد المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أن العاملين بالخارج يمثلون رقمًا مهمًّا بالاقتصاد المصري، مشيراً إلى ارتفاع حصيلة تحويلات المصريين بالخارج العام الماضى لأكثر من ضعفى ونصف الإيرادات السياحية. حيث سجّلت 19.2 مليار دولار، فى الوقت الذي تراجعت فيه مصادر النقد الأجنبي، لا سيما السياحة وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إبان ثورة يناير 2011، لافتا الى اتجاه الدولة منذ عام 2012 لتوظيف مدخرات العاملين بالخارج لدعم الاقتصاد المصري، بالتعاون مع البنك المركزي المصري لطرح أصول مالية وغير مالية مقومة بالدولار للاكتتاب فيها من قبل المقيمين بالخارج. ونبهت الدراسة التى أعدتها مجموعة عمل الاقتصاد المصرى بالمركز الاقليمى إلى أن هناك ظروفًا داخلية وخارجية غير مواتية قد تؤثر على مسيرة التعاون البناء بين الحكومة والمصريين بالخارج ومن أهمها: 1- الانخفاض المتوقع في تحويلات العاملين بالخارج، فرغم أن تحويلات العاملين بالخارج لم تشهد حتى الآن إلا تراجعًا طفيفًا، حيث تراجعت خلال الربع الأول من العام المالي الحالي إلى 4.2 مليارات دولار مقابل 4.7 مليارات دولار خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي، فمن المحتمل أن يكون لانخفاض أسعار النفط ومشكلات سوق الصرف أثر سلبي مزدوج على تحويلات العاملين. فمن المرجح أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع حجم تحويلات العاملين المصريين، خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي. من جانب آخر، كما هو ثابت تاريخيًّا، فإن ارتفاع الفجوة بين قيمة الجنيه المصري في السوق الرسمية والسوق السوداء في تسعينيات القرن الماضي ساهم في تسرب تدفقات التحويلات إلى القنوات غير الرسمية، وهو الأمر المتوقع حدوثه في الوقت الراهن في ظل ارتباك سوق الصرف. 2- صعوبة جذب استثمارات المصريين بالخارج: في إشارة هامة على أهمية استثمارات رجال الأعمال المصريين بالخارج، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي برجال الأعمال المصريين المقيمين بالولايات المتحدة في زيارته الأخيرة في سبتمبر الماضي. وكما يشير اتحاد المصريين بالخارج، فإن إجمالي مدخرات واستثمارات المصريين في الخارج بلغت حتى نهاية ديسمبر 2011 نحو 147 مليار دولار. لكن استقطاب جزء من هذه السيولة الكبيرة ليس بالمهمة السهلة؛ إذ يتطلب الأمر إدارة اقتصادية رشيدة تحاول توفير عوائد استثمارية مجزية من ناحية، وتُزيل كافة القيود المتصلة ببيئة الاستثمار بمصر من ناحية أخرى، والتي تمثل عائقًا كبيرًا أمام دخول رجال الأعمال المصريين بقوة في السوق المصرية. وخلصت الدراسة إلى أن الدولة المصرية تجاوزت علاقتها الفاترة مع المصريين بالخارج من خلال تمكينهم دستوريًّا وسياسيًّا في الفترة الأخيرة، إلا أن هذا التطور لن يكون كافيًا لتحقيق شراكة اقتصادية فعالة معهم، فيحتاج الأمر أيضًا إلى خلق البيئة المواتية لجذب استثماراتهم من ناحية، وتعزيز دور المؤسسات المعنية بالمصريين بالخارج كوزارة الهجرة والجهات الدبلوماسية ومكاتب التمثيل العمالي بالخارج وغيرها.