حقق ميزان المدفوعات، الذى يقيس تعاملات الاقتصاد المصرى مع العالم الخارجى فائضا كليا بنحو 2.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى الحالى 2009/2010، مقابل عجز وصل إلى 546.8 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، وفقا لما أظهره بيان البنك المركزى الصادر أمس. وتبعا لبيانات المركزى، انخفض العجز التجارى بنسبة 18.49% خلال الستة أشهر الأولى من العام المالى الحالى، ليصل إلى 11.9 مليار دولار، مقابل 14.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، وقد أرجع البنك ذلك إلى تراجع حصيلة الصادرات السلعية (البترولية وغير البترولية) بمعدل 15.3%، إلى جانب انخفاض إجمالى الواردات السلعية بمعدل 16.9%، والتى كان نصيب الأكبر منها يعود إلى الواردات البترولية، التى تراجعت بمعدل 48.5%. « هذا الانخفاض فى الواردات جاء بسبب انخفاض الطلب المحلى من قبل المستهلكين وذلك لاتجاه المصريين إلى الاحتفاظ بأموالهم لحين مرور الأزمة المالية العالمية»، تبعا لهانى جنينة، محلل اقتصاد فى بنك الاستثمار فاروس. من ناحية أخرى أشار جنينة إلى أن تراجع حصيلة الصادرات جاء بسبب الصادرات البترولية، نتيجة انخفاض أسعار البترول العالمية مقارنة بنفس الفترة من عام 2008، «والتى وصلت إلى حدها الأقصى فى ذلك الوقت، البالغ 140 دولارا للبرميل»، على حد تعبير جنينة. وبالرغم من الفائض المحقق فى ميزان المدفوعات، إلا أن البيانات أظهرت تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر بنسبة 34.8% خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، لتبلغ نحو 2.6 مليار دولار، مقابل 4 مليارات دولار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق عليه. «أرقام الاستثمار المحققة فى الستة أشهر الأولى جاءت أقل من توقعاتنا، التى رجحت أن يصل إجمالى الاستثمار الأجنبى إلى 6 مليارات دولار خلال العام المالى الحالى»، كما جاء على لسان سالى ميخائيل، محلل أول بشركة النعيم القابضة. والتى أرجعت هذا الانخفاض إلى «وجود منافسة شرسة حاليا من جانب الأسواق المتقدمة على جذب الاستثمارات الأجنبية، بعد أن عاودت هذه الدول استرداد نشاطها وتحقيق معدلات نمو إيجابية بعد حالة الكساد التى عانت منها خلال العام الماضى». وأشارت المحللة إلى أنه فى فترة الأزمة، كانت العديد من الدول المتقدمة قد حققت معدلات نمو سالبة، وهو ما أعطى ميزة نسبية إلى الأسواق الناشئة، ومنها مصر، فى جذب الاستثمارات الأجنبية إليها، إلا أن عدة أسواق متقدمة، وعلى رأسها الأوروبية والأمريكية، قد بدأت تعاود تحقيق معدلات نمو إيجابية، وبالتالى استطاعت أن تجذب جزءا من الاستثمارات الأجنبية إليها، «مما جاء على حساب نصيب الأسواق الناشئة من هذه الاستثمارات»، تبعا لميخائيل. بينما يرى جنينة، أن تراجع الاستثمارات الوافدة إلى مصر إنما يعكس وجود مشكلة سيولة عند المستثمرين الأجانب، مشيرا إلى أن «الشركات العالمية تواجه حاليا عقبة، متمثلة فى نقص التمويل، وعليه لجأت العديد من هذه الشركات إلى وقف استثماراتها وعملياتها فى مصر وغيرها من دول العالم». وفى المقابل لم تواجه الشركات المصرية مشكلة فى استمرار عملياتها الخارجية والداخلية، «وهو ما يدل على تحسن الاقتصاد المصرى»، تبعا لجنينه، مشيرا إلى أن الكثير من المستثمرين الأجانب فضلوا الاستثمار فى الأوراق المالية، المتمثلة فى أذون الخزانة بدلا من الاستثمار المباشر. وبحسب بيانات المركزى، حقق الاستثمار فى محفظة الأوراق المالية المصرية صافى تدفق للداخل بلغ 1.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، مقابل صافى تدفق للخارج بلغ 7.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، متضمنة 1.1 مليار دولار استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة المصرية التى تصدرها وزارة المالية. وكان صافى الاستثمارات الأجنبية الواردة لتأسيس الشركات أو لزيادة رءوس الأموال قد تراجع بمقدار 200 مليون دولار خلال الستة أشهر الأولى من العام المالى الحالى، ليصل إلى 700 مليون، مقارنة بالفترة نفسها من العام المالى السابق. من جانب آخر، انخفضت الاستثمارات المباشرة فى قطاع البترول بنسبة 23.14% خلال نفس الفترة، لتصل إلى 1.9 مليار دولار، تبعا لبيان المركزى. وإلى جانب تراجع الاستثمارات الأجنبية، فقد شهدت أيضا التحويلات بدون مقابل انخفاضا بنسبة 6.2% خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، لتصل إلى 4.4 مليار دولار، وقد أرجعها بيان المركزى إلى انخفاض التحويلات الخاصة بنسبة 16.5% (وأهمها تحويلات المصريين العاملين فى الخارج)، لتبلغ 3.5 مليار دولار، مقابل 4.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالى الماضى، وإن كان المركزى قد أشار إلى إن التحويلات الرسمية ارتفعت نتيجة زيادة المنح والهبات النقدية والسلعية للحكومة. وقد أرجع جنينة تراجع التحويلات النقدية إلى فقدان العديد من المصريين العاملين فى الخارج لوظائفهم خلال الفترة الماضية، حيث كانت الفترة المماثلة تعد فى بداية الأزمة المالية العالمية، والتى لم تنتج عنها أثرا مباشرا على التحويلات»، تبعا لجنينة. ويذكر أن ميزان المدفوعات كان قد حقق عجزا كليا بلغ 3.4 مليار دولار خلال العام المالى 2008/2009.