أكد المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، أن العاملين بالخارج يمثلون رقمًا مهمًا بالاقتصاد المصري، خاصة في الوقت الذي تراجعت فيه مصادر النقد الأجنبي، لاسيما السياحة وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إبان ثورة يناير 2011. المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية يوضح خلال دراسة أعدتها مجموعة عمل الاقتصاد المصري بالمركز، أن حصيلة تحويلات العاملين بالخارج سجلت 19.2 مليار دولار وفي العام المالي الماضي "2014-2015" أي أكثر من ضعفي ونصف الإيرادات السياحية، مشيرًا إلى أن الحكومة أولت اهتمامًا أكبر بتوظيف مدخرات العاملين بالخارج لدعم الاقتصاد المصري، إذ الحكومة في عام 2012 بالتعاون مع البنك المركزي المصري لطرح أصول مالية وغير مالية مقومة بالدولار للاكتتاب فيها من قبل المقيمين بالخارج. ويؤكد المركز أن مبادرة وزارة الإسكان التي أعلنت عنها في عام 2012 تحت مسمى "مشروع بيت وطن"، والتي تطرح فيها أراضي للمصريين بالخارج بعدة مدن جديدة لشرائها بالدولار وليس الجنيه المصري، وطرح البنك المركزي أوائل الشهر الجاري شهادة اسمية دولارية للمصريين بالخارج، تُسهم في توفير سيولة دولارية بالبنوك المصرية، وتنبع أهميتها في ترسيخ قواعد المشاركة الاقتصادية البناءة بين الجانبين. وكشفت الدراسة إلى أن هناك ظروفًا داخلية وخارجية غير مواتية قد تؤثر على مسيرة التعاون البناء بين الحكومة والعاملين بالخارج، أحدهما: الانخفاض المتوقع في تحويلات العاملين بالخارج، فرغم أن تحويلات العاملين بالخارج لم تشهد حتى الآن إلا تراجعًا طفيفًا، حيث تراجعت خلال الربع الأول من العام المالي الحالي إلى 4.2 مليارات دولار مقابل 4.7 مليارات دولار خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي، فمن المحتمل أن يكون لانخفاض أسعار النفط ومشكلات سوق الصرف أثر سلبي مزدوج على تحويلات العاملين". وتابعت: "فمن المرجح أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع حجم تحويلات العاملين المصريين، خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي. ومن جانب آخر، فإن ارتفاع الفجوة بين قيمة الجنيه المصري في السوق الرسمية والسوق السوداء في تسعينيات القرن الماضي ساهم في تسرب تدفقات التحويلات إلى القنوات غير الرسمية، وهو الأمر المتوقع حدوثه في الوقت الراهن في ظل ارتباك سوق الصرف". وأضافت الدراسة أن ثاني تلك الظروف التي قد تؤثر على مسيرة التعاون بين الحكومة والعاملين بالخارج، هي: "صعوبة جذب استثمارات المصريين بالخارج: في إشارة هامة على أهمية استثمارات رجال الأعمال المصريين بالخارج التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي برجال الأعمال المصريين المقيمين بالولايات المتحدة في زيارته الأخيرة في سبتمبر الماضي. وكما يشير اتحاد المصريين بالخارج، فإن إجمالي مدخرات واستثمارات المصريين في الخارج بلغت حتى نهاية ديسمبر 2011 نحو 147 مليار دولار. لكن استقطاب جزء من هذه السيولة الكبيرة ليس بالمهمة السهلة؛ إذ يتطلب الأمر إدارة اقتصادية رشيدة تحاول توفير عوائد استثمارية مجزية من ناحية، وتُزيل كافة القيود المتصلة ببيئة الاستثمار بمصر من ناحية أخرى، والتي تمثل عائقًا كبيرًا أمام دخول رجال الأعمال المصريين بقوة في السوق المصرية". وخلصت الدراسة إلى أن الدولة المصرية تجاوزت علاقتها الفاترة مع المصريين بالخارج من خلال تمكينهم دستوريًا وسياسيًا في الفترة الأخيرة، إلا أن هذا التطور لن يكون كافيًا لتحقيق شراكة اقتصادية فعالة معهم، فيحتاج الأمر أيضًا إلى خلق البيئة المواتية لجذب استثماراتهم من ناحية، وتعزيز دور المؤسسات المعنية بالمصريين بالخارج كوزارة الهجرة والجهات الدبلوماسية ومكاتب التمثيل العمالي بالخارج وغيرها.