تنتقل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) بعد غد الثلاثاء (الأول من مارس عام 2016) من مقرها الحالي في شارع "مونبليزير" بوسط العاصمة التونسية إلى مبنى جديد في منطقة أريانة في تونس العاصمة أيضا. ويأتي المقر الجديد للمنظمة – التي تعد الذراع الثقافي للمنظمة الأم (جامعة الدول العربية) - بصورته المعاصرة ليمثل ميلادا جديدا لواحدة من أعرق منظمات العمل العربي المشترك. وقد ساهمت غالبية الدول الأعضاء بالمنظمة , وعددهم 22, في تمويل المقر الجديد,و في المقدّمة المملكة العربية السعودية التي تبرعت بمبلغ 1.350 مليون دولار, تلتها الكويتوالعراق بمبلغ مليون دولار لكل منهما. وقد اعتبر عبد الله محارب, المدير العام الحالي للمنظمة, ألكسو "رمزا لوحدة الثقافة العربية", وقال – في تصريحات صحفية – أن "المبنى الجديد هو صورة لتكاتف الدول العربية إذا رغبت في انشاء شئ... وهذة رمزية مهمة جدا لوحدة الثقافة العربية." ومن جانبه, قدم المعهد الوطني للتراث بتونس لوحة فسيفسائية يعود تاريخها للعهد الروماني ليتم ادراجها ضمن مساهمات الدول العربية في تجهيز المقر الجديد للمنظمة. وسيفتتح الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي المقر الجديد بحضوركل من الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسسة الفكر العربي، وعدد كبير من الوزراء والدبلوماسيين العرب، ورؤساء المنظمات الدولية والإقليمية الكبرى، وكبار رجال الأعمال والإعلاميين والكتاب والصحفيين والفنانين من مختلف أنحاء الوطن العربى. ويأتي حفل الإفتتاح غدا متزامنا مع اليوم العربي للغة العربية, وبعد مرور 45 عاما على انشاء الألكسو.. فقد أسست المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في 25 يوليو عام 1970 كهيئة معنية بالحفاظ على الثقافة العربية. وفي حين تستضيف تونس مقر الألكسو, إلا إنها لم تكن من الدول الأولى الأعضاء بها. فقد سبقها إلى ذلك كل من الأردن, الجزائر, السودان, سوريا, العراق, الكويت, ليبيا, مصر واليمن؛ الذين انضموا إلى المنظمة عام 1970. كما سبقتها في العضوية كل من البحرينوفلسطين وقطر (عام 1971) والإمارات والسعودية (عام 1972) وعمان (عام 1973). ثم دخلت تونس المنظمة عام 1974 ليلحقها بعد ذلك كل من موريتانيا, المغرب, الصومال, جيبوتي, لبنان وجزر القمر, والتي كانت آخر المنضمين (عام 2002). وقد تعاقب على رأس الألكسو منذ انشائها العديد من المديرين العامين, كان أولهم الدكتور عبد العزيز السيد (مصر) ثم الدكتور محي الدين صابر (السودان) وتلاه كل من: الدكتور مسارع الراوي (العراق), محمد الميلي (الجزائر) ثم الدكتور منجي بوسنينة والدكتور محمد العزيز بن عاشور (وكلاهما من تونس). ويترأس المنظمة حاليا الدكتور عبد الله محارب من الكويت. ومن الواضح أن المنظمة قد اختارت أن ترمز لنفسها مستخدمة المطالع اللاتينية لترجمة اسمها باللغة الإنجليزية: ), بلArab League Educational, Cultural and Scientific Organization – ALECSO) وحتى كتبت المطالع اللاتينية بحروف عربية, مما اعتبره البعض تشبها بمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم, والتي يرمز لها بال"يونسكو". وهناك من شكك في جدوى بقاء الألكسو, نظرا لوجود اليونسكو والايسسكو ,والدول العربية اعضاء فيهما. وتشرف الألكسو على ثلاثة كيانات هي: معهد المخطوطات العربية, المركز العربي للتعريب ومعهد البحوث والدراسات العربية. وتقوم المنظمة باصدار المعاجم والكتب الدراسية التعليمية في اللغة العربية, والتي يكثر عليها الطلب لا سيما من غير الناطقين بها. وقد نفذت المنظمة - بالتعاون مع هيئات مختصة منها الايسسكو - عدة برامج في مجال تأليف ونشر الموسوعات التاريخية والجغرافية للعالم العربي, وإقامة دورات تعليم اللغة العربية في البلدان الافريقية وآسيا واوروبا. وتعكف المنظمة على إعداد موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين, كمشروع علمي ثقافي يهدف إلى التعريف بالدورالإيجابي الذي كان للأمة العربية والإسلامية في إثراء الحضارة البشرية والإنسانية, وذلك من خلال ترجمة أعمالهم. كما تعمل الألكسو في إطار خطّة لتطوير التّعليم في الوطن العربي,انطلاقا من إيمانها بالأهمّيّة الاستراتيجيّة لهذا القطاع، وبدوره في ضمان التنمية المستدامة وتحقيق التقدم والازدهار للأفراد والمجتمعات, حيث تتبنى المنظمة برنامجا عربيا لتحسين جودة التعليم وآخرا للنهوض باللغة العربية. وفي مجال تكنولوجيا المعلومات, تقوم الألكسو بتنفيذ سلسلة من المشاريع الرائدة لخدمة أهدافها مثل: نظم التعلم الإلكتروني المفتوح ومشروع التطبيقات الجوالة العربية. وتسعى المنظمة إلى مد جسور التواصل مع باقي ثقافات العالم من خلال عقد مؤتمرات للتعريف بالتراث العربي وتنظيم زيارات إفتراضية للمدن التاريخية في الوطن العربي, فضلا عن البوابة الإكترونية للتراث الثقافي العربي. وسوف يشهد حفل إفتتاح المقر الجديد للمنظمة إنطلاق برنامج آخر, وهو سفراء الألكسو للنوايا الحسنة. كما ينعقد على هامش الاحتفالات التي تستمر أربعة أيام معرضا صور عن فلسطين و القيروان وندوات علمية حول الإعلام والفنون ودورهما فى مواجهة التطرف والارهاب، علاوة على ندوة حول مشروعات النهوض باللغة العربية, بالإضافة إلى تنظيم حفلات موسيقية لفرقة ابن عربي المغربية للإنشاد الصوفي وآخر للفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق. كما سيتم تكريم عدد من الشخصيات التي أسهمت في إنجاح مسيرة العمل في المنظمة وفي إنشاء مقرها الجديد, الذي يعد خطوة كبيرة على طريق النهوض بالعمل العربي المشترك في التربية والتعليم والثقافة والبحث العلمي, وفقا لأحدث الوسائل التكنولوجية وأفضل برامج التدريب التخصصية. فهو بالفعل "مقر جديد وانطلاقة جديدة".