* وزير الشباب ينسى "الأرقام" فينفعل الرئيس * قرصة ودن لرئيس البنك المركزي طارق عامر * السجادة الحمراء وسد النهضة يفرضان نفسهما على الخطاب * مواطن في الخطاب يستخدمها محترفو الصيد في المياه العكرة * "أبيع نفسي" أهم مواطن العاطفة في الخطاب * "اسألوا عني الجيش" تعكس دعوته للثقة في قراراته لعل مقاطعته لوزير الشباب والرياضة وعدم سماحه لطارق عامر رئيس البنك المركزي بعمل مداخلة معه، أول ما لاحظناه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال انطلاق فعاليات "رؤية مصر للتنمية عام 2030". فقد بدا الغضب على وجهه وبين حروفه عندما قاطعهما لإبداء الملاحظات أحيانا والاستفسار أحيانا أخرى، تلا ذلك كلمته التي "طالت" كثيرا هذه المرة، حيث طرق فيها الرئيس معظم الابواب، وتطرق لمعظم الأسئلة التي تدور بعقول المصريين، حتى أن ما استخدمه الساخرون على شبكات التواصل الاجتماعي من مشاهد سياسية، طالتها اليوم كلمة الرئيس! التقرير التالي يرصد تحليلا دقيقا لانفعال الرئيس على وزير الشباب والرياضة وطارق عامر، ثم تحليلا لكلمته من خبراء لغة الجسد والسياسة. * "وزير الشباب بدون أرقام" قالت الدكتورة غادة جمعة، خبيرة البروتوكول وفن الاتيكيت، إن عددا من الأسباب تبرر "انفعال" رئيس الجمهورية على كل من وزير الشباب خالد عبد العزيز وطارق عامر رئيس البنك المركزي، خلال عرضهما استراتيجية تنمية مصر 2030. وأوضحت "جمعة" في تصريح خاص ل"صدى البلد" أن وزير الشباب والرياضة عرض خطة عشوائية تلقائية وغير مدروسة، لم تكن مرفقة ببيانات رقمية، لم يحدد أنواع النشاط التي سيمارسها الطلبة، ولم يحدد جدولا زمنيا للتنفيذ، ولا التكلفة المرصودة لكل نشاط والإجمالي لكل الأنشطة، كذلك لم يحدد الشركات الراعية وأعدادها، وارتبك كذلك في تبرير خلو فترة الصيف ورمضان من الأنشطة. وزير الشباب لم يحدد المستهدفين من خطته، ولم يشر هل سيكون هناك نشاطات مشتركة بين طلبة المدارس والجامعات وغيرها من الأمور، كأماكن الأنشطة والمحافظات التي لم يشر إليها أيضا. وتابعت "جمعة" ، لكل الأسباب السابقة كان يجب على الرئيس المقاطعة والإنفعال لأننا اعتدنا منه التحدث بالبيانات والأرقام وربما ظهر ذلك بوضوح في مشروع قناة السويس الجديدة التي أنشئت قبل التاريخ الذي أعلنه للشعب، وبالتالي كانت كلمة وزير الشباب والرياضة بها استهتار واضح غاب عنها الإعداد الجيد قبل الطرح، لذلك انفعل الرئيس. * "مداخلة طارق عامر الممنوعة" وفيما يخص عدم سماحه لرئيس البنك المركزي طارق عامر بالمداخلة، قالت "جمعة": الرئيس وجه اتهاما صريحا لعامر وأفراد الحكومة بعدم التعاون فيما بينهم، وكأنه قال لهم: "كل واحد فيكم في وادي"، وأراد أن يقول ل"طارق عامر" : أن البنك المركزي ليس لديه خطط مدروسة للشباب في بناء المشاريع وتفكرون فقط في جمع "الفلوس"، و في "قرصة ودن" صغيرة قال له انهم يركزون على أهداف مالية وتحقيق أرقام وأسقطوا الثروة البشرية من اعتباراتهم. كما أكد ل"طارق عامر" والحاضرين من أفراد الحكومة والجمع بأسره أن الاهتمام بالبشر هو ما يأتي ب"الأموال"، وليس العكس، فالرئيس يدعم الشباب لإيمانه بهم، ولا يحب أن يزج بهم القطاع المصرفي ورجال الأعمال في مشاريع بها نسب فشل، لاسيما وأنهم يمثلون "ثلث" سكان مصر، وإحباطهم يعني انهيار الأمة المصرية. * "بطلوا هري" أكدت رغداء السعيد، خبيرة لغة الجسد والتنمية البشرية، أن رئيس الجمهورية في خطابه "الطويل" الذي ألقاه على الشعب خلال عرض الحكومة لاستراتيجية برنامج التنمية المستدامة فى مصر 2030" تنقل ما بين الارتجال والقراءة، وبين نبرات حادة وهادئة ومتوسطة الحدة، إلا أنه بين ذلك كله أعطى رسائل كثيرة جدا. وتابعت "السعيد" في تصريح خاص ل"صدى البلد" من أهم الوقائع التي أظهرت ملامح نبرة الرئيس، عندما أقسم بالله العظيم قسما مصحوبا بتحذير أن من سيقترب من مصر سيمسحه من على وجه الارض، بينما أكثرها عاطفية عندما قال: لو ينفع أبيع نفسي كنت بعتها"، وفي هذا الموقع ينقسم متلقي الرسالة لنوعين، الاول يعتبرها تقليلا من شأن الرئيس والآخر يعتبرها قمة الإعلاء من شأن مصر. وأضافت: هناك بعض المواضع التي سيحاول البعض أخذها من سياقها، وباللغة الدارجة ستستخدم كأداة ل"الصيد في المياه العكرة"، فعندما قال الرئيس: "هفضل أبني فيها لحد ما اموت" بدأت بعض القنوات الإخبارية تتناقلها هكذا: "هفضل أحكم مصر لحد ما أموت"! وكذلك عندما قال "انا عملت"، وأدرك سريعا أهمية التصحيح فقال :"احنا عملنا"، حتى يقطع الطريق على من أراد تعكير صفو المياه، وأخيرا الجزء الذي قال فيه : "ماحدش يسمع كلام حد غيري"، هذه الجملة التي قد يفسرها البعض تفسيرا سيئا، أراد الرئيس أن يوصل معنى واحدا بها وهو "بطلوا هري"، موجها رسالة للمصريين أن لا يستمعوا لتفسيرات وأقاويل غير مسئولة وغير واعية، وأن يسمعوا الكلام الصحيح منه ومن المصادر الرسمية. * "السجادة الحمراء" وتابعت: عندما تحدث عن السجادة الحمراء، أراد توجيه رسالة واضحة لمن صنعوا منها مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أن من سخروا من الامر تركوا المشروع الأساسي الضخم الذي كان يفتتحه وفوائده وركزوا على "السجادة"، ورسالته باختصار: "انتوا سبتوا كل حاجة كويسة واتكلمتوا في دي.. أنا عارف كل حاجة ومركز في كل اللي بيتقال في مواقع التواصل الاجتماعي". وأضافت: حاول الرئيس كذلك سد معظم الثغرات والإجابة عن كل التساؤلات التي تشغل الناس من بينها سد الهضة والفقر المائي، وأشار إلى أن بعض الكلام لا يقال حتى لا يضر بأمننا القومي. كذلك طرق الرئيس في خطابه منطقة "لعب وتحفيز"، عندما قال : البرلمان، وصمت، ثم قال إن أعضاءه 50% منهم جدد وعدد كبير من الشباب والمرأة، وكان يصمت بعد كل جملة ليعطي الفرصة لمن أمامه حتى يفكر أن هذا هو اختياركم، فاعطوهم فرصة، وترك الإجابات مفتوحة. وعن الإطالة في الخطاب، أكدت "السعيد" أن هذا الخطاب يمهد لمجموعة خطب قصيرة تالية لها كل منها بحسب الموقف، طالما أنه طال اليوم كل الموضوعات تقريبا، مؤكدة أن ملخص الخطاب اليوم : "بطلوا هري.. أنا عارف كل حاجة". * "اسألوا عنه الجيش" قال الدكتور، طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الرئيس السيسي وجه عدة رسائل مباشرة لأكثر من اتجاه خلال حديثه اليوم خلال فعاليات انطلاق رؤية مصر 2030، حيث كانت الرسالة الأولى لجموع الشعب المصري بأن يثقوا في الرئيس بعد قوله "اسألوا عني الجيش"، في إشارة لعمله وأدائه. وأضاف "فهمي" في تصريح ل"صدى البلد" أن الرئيس وجه رسالة طمأنة لنواب مجلس الشعب لإرساء الثقة في أنفسهم، كما أكد للشباب أنه أسس لهم كيانات وطالبهم بضرورة المشاركة في الأعمال ومشروعات مصر، كما أن الرئيس خاطب محدودي الدخل بألا يخافوا على مستقبلهم وأن يثقوا في الإجراءات التي يتخذها. وأوضح أن الرئيس حث المصريين على الحفاظ على الوطن وحماية الدولة المصرية بالقسم المباشر، موضحا ان كل هذه رسائل تطمينات للمصريين.