( لو لقيت في الغربة مصر بأي سعر ابقى اشتريها) .. سطر من قصيدة لي ... كانت لنا مصر،اختفت في ظروف غامضة. يُحكى أن كثيرين يعرفون ما حدث وباستطاعتهم كشف المستور ولكن لحاجات في نفوسهم سوف يقضونها"على الرغم من كونهم لا يمتون لسيدنا يعقوب بِصِلَةٍ" فإنهم يُخْفُون ما يعلمون. اختفت مصر ودلائل كثيرة تنبئ عنها،هانحن نضرب أخماساً في أسداسٍ دون جدوى، والعالمون ببواطن الأمور وظواهرها يتفرجون علينا وهم يدخنون السيجارالكوبي في وقت نبحث فيه عن النار فلا نجدها،نار الغاز والبنزين والسولار،أما نار الفقر والحسرة والندم فما أكثرها حيث أتت على الأخضر واليابس بين ضلوعنا. خرجت مصر ليملأ ساحتها البلطجية واللصوص وتجار التعدي وفرض السيطرة والترويع والخروج على النظام ويصبح كل مواطن دولة مستقلة قائمة على ترويع جيرانها،دولة أفسدت من نفسها ما لا يصلحه المستحيل فضلاً عن الممكن،صارت شوارع مصر ميادين للفتوات والباعة المجرمين والراغبين في إيصال صوتهم إلى من به صمم وليرى الأعمى كيف هم،لم تعد البلاد لأصحابها المصريين ولكن لقلة لا تصلح حتى لأن تكون حيوانات غير أليفة إذ أن الحيوانات المفترسة ربما تحمل قيماً وأعرافاً لا تحيد عنها،على أرض المحروسة بلغ الطفل سن الهم وهو لايزال في الثدي. يحدث كل هذا في بلد به من منتسبي وزارة الداخلية ما يقرب من عدد سكان دولة ذات سيادة وعضوية بالأمم المتحدة ويقصدها الآلاف من كل صوب وحدب بحثا عن لقمة عيش كريمة على ترابها،في بلادنا قوات كانت تسد عين الشمس يوم تقصد كوخ مواطن مصري نسي أن يحلق ذقنه ،قوات كانت تسد عين الشمس والقمر وعطارد وسوهاج يوم تَشْرُفُ الأرض المنكوبة بزيارة المحروس نني عين أمه. اختفت هذه القوات التي تصرف شهريا مليارات الجنيهات الحرام كمرتبات لأناس تركوا البلاد نهبا للصوص هم يعرفونهم كما يعرفون أبناءهم،غاب الجنود الأشاوس فصارت البلاد لوحة لا يجوز ولا يحق ولا يمكن تسميتها بغير المسخرة، هاهو الشر بالجملة،الشر الذي يضرب أهله وغير أهله ،كيف لبقعة الحياة تصبح موضعاً تقام فيه المآتم،فقط المآتم؟!،يحدث هذا ونتشدق بحب مصر،ونحن لا نزيد عن إنسان أحب ثوباً ليست فيه لابسته،وصرنا رعية اللقطاء حيث اللقطاء هم أبناء الجرأة على الله ،والتعدي على الناس. يبدو أننا بصدد مجابهة مجرمين عاثوا في البلاد فساداً وإفسادا،والأخطر أن شباباً وأولاداً في عمر الزهور تشبعت عيونهم وارتوت نفوسهم بما رأت وجميعه يقودها إلى لعب أدوار تأخذ البلاد إلى المجهول،نحن بصدد التعامل مستقبلاً من أولاد يشعرون بأن تحقيق الذات والبقاء في الكادر والاستحواذ على طاعة الآخرين إنما يأتي عبر فرض أمر واقع وهذا لا يأتي إلا بدهس القانون والنظام والعرف والمُثُل والأخلاقيات وكل ما كنا نحترمه يوم كانت مصر للمصريين، يوم كانت مصر حلم الأرض وقصيدة السماء،الحياة اليوم وعلى هذه الشاكلة إنما هي بحث الناس عن نعال تطأ رقابهم وبحثهم عن رقاب تطأها نعالهم. لست أدري إن كنا سنحيا اليوم الذي يُحاسَبُ فيه المقصرون عن تقصيرهم الذي تم مع سبق الإصرار والترصد،تقصير كلف البلاد والعباد الكثير،تقصير سوف نجني من ثماره جراحاً قد يطول انتظارنا لشفائها،أخشى أن يأتي ذلك اليوم متأخراً كعادة المسئولين عن الوصول السريع،كالنجدة مثلاً والمطافئ،المقصرون هؤلاء ما هم إلا القياصرة الذين اغتصبوا من الضعفاء ما لهم وما لله. لقد اعتدنا الحياة بدون جهاز الشرطة،وربما نتأقلم على هذه الحياة،إذ قد يألف الجسم السَّقَم فلا تَلَذ له العافية ،فلماذا لا نستغني عن الداخلية ويتم توزيع مقرراتها ومقراتها على المواطنين ليتدبر كل مواطن حاجته من الأمن حسب ظروفه والظروف المحيطة ،ذلك لأن البديل هو أن نألف الثبات،ثبات الأوتاد تحت المطارق ،والانقياد ولو إلى المهالك،لماذا لا نبيع وزارة الداخلية؟!!