يخاطب الله عباده في كتابه العزيز بالمسلمين في بعض الآيات، وبالمؤمنين في آيات أخرى، وهذا الأمر استنبط منه العلماء أنه هناك فرق بين الإيمان والإسلام، مستلدين بقول الله تعالى: « قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»، وذهب العلماء أن الإسلام يظهر بالأعمال الظاهرة، أما الإيمان فمحله القلب والأعمال الباطنة. وقد جاء فى حديث سيدنا جبريل –عليه السلام- عندما ذهب إلى رسولنا الكريم وسأله عن الإسلام والإيمان فقال: «فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الإسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتُقِيمَ الصَّلاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإيمَانِ، قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». والآية السابقة والحديث الشريف يبين لنا أن الإيمان يكون في مرتبة أعلى من الإسلام، وذلك لأن الإسلام يمكن أن يكون من المنافق، وقد ذهب العلماء أن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن، فالمسلم هو كل من قام بشرائع الإسلام ومعتقداته وأخلاقه وآدابه مثل صلاة وصوم وغيرها من العبادات، فقد قال تعالى: «إنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ»، أما المؤمن فهو من سخر قلبه وباطنه لله تعالى مخلصا في عمله ابتغاء وجهه تعالى وكانت داخل القلب والعقل وتكون بين الإنسان وربه فلا تظهر لعامة الناس. وقد فرق الرسول عليه السلام بين المؤمن والمسلم، فقد أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَهُوَ ابْنُ ثَوْرٍ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا، وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا، قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَلَمْ تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْ مُسْلِمٌ» حَتَّى أَعَادَهَا سَعْدٌ ثَلَاثًا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَوْ مُسْلِمٌ»، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا، وَأَدَعُ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمْ، لَا أُعْطِيهِ شَيْئًا مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ»، أخرجاه في الصحيحين.